مواضيع اليوم

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ في المؤتمر التأسيسي لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات العراقية

 الجعفري : ينبغي على الاعلامي ان يضع في حسابه المصلحة الكبرى للبلد بعيداً عن كلِّ الاعتبارات، ويشعر أنه سيُساءَل ليس فقط اليوم، بل غداً، وبعد غد.

 

الجعفري : هناك إرادات سياسية وبالأعمِّ الأغلب من الخارج السياسيِّ كانت قد كشفت النقاب عن نواياها السيِّئة، وكانت تبحث عن أطر عراقية تُوقِعها بهذه المصائد الإعلامية.

 

الجعفري : تتعدُّد الفضائيات، وتعدُّد المواطنين العاملين في الفضائيات لا يُقدِّم لنا هوية بديلة عن الوطنية العراقية.

 

الجعفري : الازدواج بين خطاب الإعلام وواقع الخطيب في العمق الذي باع ضميره نراه اليوم فيمن ينتقدون ظواهر الفساد في العراق. 

 

الجعفري : نريد الإعلام بكلمتين: كلمة يُلقي الضوء فيها على الأهداف المُعطّلة، ويحثُّ الحكومة على أن تُسارع في تنفيذها، والكلمة الأخرى أن يكشف الإعلام النقاب عن الفساد الموجود، ويُلقي الضوء على الحلول التي تتولّى عملية الإصلاح

 

الجعفري : لا نسمح للإعلام المُزيِّف للحقائق أن يكون بديلاً عن الإعلام الصادح بصوت الحقيقة.

 

الجعفري : أخاطب كلَّ سياسيٍّ، وكلَّ إعلاميٍّ، وكلَّ مسؤول إداريٍّ في الدولة بأن يتقي الله في العراق، وهذه الفجوة بين الادّعاءات وبين الواقع يجب أن نعمل على إلغائها.

 

الجعفري : أنا لا أفهم إعلامياً يقول: أنا إعلاميّ ولا يتمسّك بالحقيقة.

 

الجعفري : لا نضيق ذرعاً من أيِّ صوت إعلاميٍّ يكشف لنا الحقيقة، لكننا نُريد أن تصطفَّ، وتنتظم هذه المُفرَدات؛ لتقوية الحكومة، وتُركِّز على مفهومين أساسيين نحن بأمسِّ الحاجة إليهما، وهما: مُشترَك المخاطر، ومُشترَك الأهداف والمصالح.

 

 

الجعفري : على الاعلامي أن يصدح بصوته في مواطن الخلل والفساد، وينتقد باتجاه التقويم.

 

الجعفري : ثلاثة مخاطر نُركِّز عليها دائماً، هي: (الفساد، الطائفية، والإرهاب) وثلاثة أهداف تمثل الهدف المُشترَك أيضاً، وهي: (التنمية، والإعمار، والبناء)، وكذلك العدالة الاجتماعية التي تجعل المُتقدِّم بالكفاءة يتقدَّم في الدولة، والكبير اجتماعياً كبيراً في الحكم.

 

الجعفري : لا نستطيع أن نبني الدولة بثقافات موسمية سرعان ما تذهب أدراج الرياح إنما بثقافة تُؤسِّس لقِيَم، ومبادئ، وتزرع الوطنية.

 

الجعفري : مُدُّوا أيديكم جميعاً إلى كلِّ مَن يأخذ على عاتقه مسؤولية التنمية، والإصلاح، والإعمار، والبناء؛ حتى نُعيد الابتسامة المسروقة إلى شفاه أطفالنا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..

قال الله -تبارك وتعالى- في مُحكَم كتابه العزيز:

 

((الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ))  [الزمر : 18]

 

الآية القرآنية الكريمة انطلقت من المُتلقي الإعلاميّ، وركزت منهجاً إعلامياً أصيلاً إذ يبحث من وحي الاستماع، لا من وحي الغفلة، وكيف يكون المُعطي الإعلاميّ قد قدَّم الحقيقة بوعائها الصحيح؛ حتى يأخذ أحسنه، والمُلفِت في الآية الشريفة أنها لم تُشٍر إلى أنَّ المُعطي الإعلاميَّ يُعطي شيئاً سيِّئاً.. المُتلقي يبحث عن الأحسن.

 

((فيتبعون أحسنه)) هناك حَسَن في العطاء الإعلاميّ، وهناك أحسن، وتُشير الآية إلى أنَّ القصد من الإعلام ليس للترف الثقافيّ إنما لغرض الاتباع، والسلوك، وهذه تضع المُعطي الإعلاميّ أمام مسؤولية أنه عندما يُطلِق الكلمة من موقع العطاء سيتلقاها المُستمِع، ويُؤسِّس عليها حقيقة ما.


 

في بداية الحديث لابدَّ لي أن أبارك هذه المُبادَرة، وكنا نتطلّع لها منذ زمن بعيد منذ عام 2003، كانت قد شهدت بعض اللقاءات مع بعض الإخوة الإعلاميين الذين هم اليوم في هذه المُبادَرة يتذكرون جيِّداً في 2003 و 2004 كانت بواكير هذه الأفكار تتفاعل؛ للخروج بهذا الشيء، وتأخرت، ولكن أن تتأخر أفضل من أن لا تكون، وقد تكلّلتْ جهودكم المُبارَكة -الحمد لله- اليوم بهذا الوليد..

 

لسنا في حالة تمنٍّ بأن نُوحِّد الفضائيات، أو الإذاعات، أو التلفزيونات، فلتتعدَّد، وتجتهد، إلا أننا نُريد أن نُوحِّد الخطاب الإعلاميَّ؛ فتعدُّدُ الفضائيات والأوعية الإعلامية لا يتنافى، بل العكس يبرع في أن يكون الخطاب المُوحَّد -رغم تعدُّد الفضائيات- أبلغ أثراً؛ لأنه يعتمد الأساليب المختلفة، والله -تبارك وتعالى- جعل السُبُل المُتعدِّدة مادامت تنطلق من دافع صحيح، وتستهدف تحقيق هدف صحيح، فلتتعدَّد السُبُل:

 

((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)) [العنكبوت : 69]

 

ولم يقُل (سبيلنا)، و ((وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ))

 

تُحسِن، وتُجيد فنَّ العطاء الإعلاميِّ بطريقة صحيحة.

من وحي الشعار الذي اتخذه اللقاء الأول لقاء المُبادَرة (الضمير والمسؤولية).. الضمير من ضَمَرَ الشيء كتمه في نفسه، ويصعُبُ على الآخرين معرفته إلا الذي يُضمِر هذا الشيء، والمسؤولية هو الحال أو الصفة التي يشعر فيها الإنسان بأنَّ تركة ما سيتحمّلها، ويتحمّل عواقبها؛ لذا ينطلق الإعلاميُّ مما يُضمِر في نفسه، وفي سريرته.. الرقابة الحقيقية التي تنطلق من داخل كيان هذا الإعلاميِّ أنه عندما يتحدَّث، وعندما يكتب المقالة، وعندما يُجري لقاءً، وعندما يُحقّق برنامجاً ما يضع في حسابه المصلحة الكبرى للبلد بعيداً عن كلِّ الاعتبارات، ويشعر أنه سيُساءَل ليس فقط اليوم، بل غداً، وبعد غد.


 

أودُ أن أذكِّركم.. لابدَّ لنا من مُراجَعة خطاب بعضنا البعض منذ أول السقوط إلى الآن.. مَن الذي عزف على النغمة الطائفية منذ سقط النظام الصدّاميِّ المقبور، ومَن الذي رَوَّج للفساد بمُختلِف أنواعه، ومَن الذي -بشكل أو بآخر- دعا إلى ذكورية الوضع السياسيِّ الجديد، ومَن الذي كان داعية لثقافة الفرقة، وثقافة التهتّك، والتهاتر، ومَن الذي فهِمَ الإعلام بأنه مزيد من الهتك والمُتاجَرة بعواطف الناس؟

 

عندما نقرأها بعد 10 سنين سنجد أنَّ بعض الأمراض التي طفحت الآن، وطفت على السطح لم تكن في ذلك الوقت موجودة؛ إذن هناك إرادات سياسية وبالأعمِّ الأغلب من الخارج السياسيِّ كانت قد كشفت النقاب عن نواياها السيِّئة، وكانت تبحث عن أطر عراقية تُوقِعها بهذه المصائد الإعلامية، وابتُليت بحُمَّى الإثارة بأنَّ البرنامج الناجح هو الذي يُثير، والقناة الناجحة هي التي تُثير، أما بأيِّ شيء تثير، وماذا تتكلّم، وأين الصواب، وأين الخطأ.. أين الحقّ، وأين الباطل، وأين المصلحة الوطنية؟

 

نحن في عالم الإمبراطوريات الإعلامية، وقد لا نملك ما يملكون، لكن دعوني أقول لكم بصراحة: صحيح أنَّ الإعلام العالميَّ والمُعولَم الذي يعبر القارّات يومياً أكفأ منا بتكنولوجيا الصورة، وتكنولوجيا صناعة الخبر، لكن هذا لا يُغيِّر من الحقيقة شيئاً.. أنتم تُدركون الحقيقة على ماهيتها، وتتحمَّلون المسؤولية بالدرجة الأساس.

 

 

أنا لا أفهم إنساناً يُريد لنفسه أن يكون إعلامياً في أيِّ فضائية من دون أن يكون وطنياً، نعم.. من حقِّ الفضائية عليك أنك تلتزم بسياستها، لكنها لا تتحوَّل إلى مُشرِّع تُحلّل، وتُحرِّم.. الوطنية العراقية هي المائز.. ابقَ في أيِّ فضائية، والتزم بسياستها المنهجية، لكن ذلك لا تُحوِّل الفضائية إلى بديل مبدئيّ وقيميّ..


تتعدُّد الفضائيات، وتعدُّد المواطنين العاملين في الفضائيات لا يُقدِّم لنا هوية بديلة عن الوطنية العراقية..

كلُّ هذا سيُذكَر في سجلاتكم إن لم يكن اليوم فغداً، الكثير من الذين سبقونا في التاريخ  عملوا في الإعلام، ومحكمة التاريخ لن ترحم. الآن بدأت تُنبَش، بدأت الأجزاء الغاطسة تطفو على السطح، وتُبيِّن الكثير من ذلك.. التشويه الإعلاميّ بدأ الآن يلوح في الأفق، والذي كان في وقت ما مطموراً في الأرض بدأ الآن، وبدأ الناس يحاكمون..

ماذا كان موقف (ميرابو) خطيب الثورة الفرنسية؟

كان مُنافِقاً، وقد اغتال الثورة الفرنسية، وكان مُنسِّقاً مع لويس السادس عشر، ومع أخيه السابع عشر، مع الملك نفسه الذي ثارت عليه.

هذه ظاهرة..

ظاهرة الإعلام المُزيِّف للحقائق، لكن ماذا كانت النتيجة؟

الحقائق بقيت، والتاريخ حكم على هؤلاء بالخيانة.

هذا النوع من التزييف، والازدواج بين خطاب الإعلام وواقع الخطيب في العمق الذي باع ضميره نراه اليوم فيمن ينتقدون ظواهر الفساد في العراق.  

 

نريد الإعلام بكلمتين: كلمة يُلقي الضوء فيها على الأهداف المُعطّلة، ويحثُّ الحكومة على أن تُسارع في تنفيذها، والكلمة الأخرى أن يكشف الإعلام النقاب عن الفساد الموجود، ويُلقي الضوء على الحلول التي تتولّى عملية الإصلاح، لكني أسأل هذه الإمبراطوريات الإعلامية التي تأخذ، وتمتصُّ الثروات من شعوبها فتصير بأكثر من100 مليار دولار خزينة أحدهم عندما يموت، والناس تتضوّر من الجوع، وتطلق هذه الفضائية خطابها لنقد ظواهر الفساد، وهي صحيحة، ونحن نُحارب الفساد، لكن هل من أحد سأل هذه الفضائية التي تطلق ظواره الفساد، لكن تُسقط تجربة، وتُسقِط حكومة، وتسقط برلماناً، ولا تُخاطب نفسها أن تنتمي إلى حكومة يملك أحد أفرادها أكثر من مائة مليار.

إذا كنتَ تُريد أن تحارب الفساد في دولة ما فحارب الفساد في بلدك، وإذا كنت تدعو إلى حقوق المرأة فبلدك يُحرِّم سياقة المرأة للسيارة، ونحن لدينا اثنتان وثمانون امرأة في البرلمان العراقيّ، وتعمل برامج لنقد التجربة العراقية، وفي بلدك يُحكَم على كلِّ ذي رأي مخالف للسلطة بالموت، والإقصاء، والحصار، والسجن، والتعذيب.. في العراق يجتمع أبناء الديانات، وأبناء المذاهب، والاتجاهات السياسية المختلفة حول ناظم واحد في البرلمان العراقيِّ وفي الحكومة -عميت عين لا ترى الحقّ- هذا هو العراق الجديد، نعم.. لا نزعم أننا وصلنا إلى القمّة، لكن لسنا في الوادي، إنما نحن على السفح.. ما بين انطلقنا إلى يومنا هذا نجد العراق يتقدّم، هناك تحدِّيات، وهناك خلل يتطلّب معالجة حقيقية، لكنَّ ذلك لا يعني أن نسمح للإعلام المُزيِّف للحقائق أن يكون بديلاً عن الإعلام الصادح بصوت الحقيقة..

 

 

 

 هذا النفاق الإعلاميّ الذي نراه بعض الأحيان فالأمل معقود على جهودكم بأن ترفعوا الصوت الوطنيَّ العراقيَّ الذي يتحرّى الحقيقة، الصوت الذي يُلغي المسافة بين المُدَّعى والمُطبَّق، أما هذا الإعلام الذي يتكلّم بلغة يُزوِّق من يشاء، ويُضئِّل من يشاء تكرَّر في التاريخ، وصوَّره القرآن الكريم بأروع تصوير:

 

((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ))

خطاب رائع جداً: ((وهو ألدُّ الخصام))

ليس خصماً فقط، بل هو ألدُّ الخصام:

((وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ

الْفَسَادَ))

 

أخاطب كلَّ سياسيٍّ، وكلَّ إعلاميٍّ، وكلَّ مسؤول إداريٍّ في الدولة بأن يتقي الله في العراق، وهذه الفجوة بين الادّعاءات وبين الواقع يجب أن نعمل على إلغائها.. من  يخاف الله ينبغي أن لا يعيش هذه الازدواجية، والذي يُقِرُّ بسُنُن التاريخ فمهما امتدَّ التاريخ ستُكشَف كلُّ الإرقام إن لم يكن اليوم فغداً، وما لم نصطفَّ ضدَّ الفساد، ونحارب الفساد فسنكون جزءاً من الفساد، ولو بعد حين الفساد.. على الإعلاميِّ أن يُناضِل.

 

الفساد يتطلّب إعلامياً مُناضِلاً. أنا لا أفهم إعلامياً يقول: أنا إعلاميّ ولا يتمسّك بالحقيقة، ولا أفهم إنساناً يتمسّك بالحقيقة، ويقول: أنا غير مُستعِد لأن أضحّي، ولا أفهم إنساناً يقول: أنا مُستعِدّ لأن أضحّي، وأكون مُناضِلاً، ويضع حدّاً للتضحية. أطوار بهجت إعلامية قُتِلت. ارجعوا إلى سيرتها، سمّيتها عذراء الإعلام العراقيّ..

لماذا قُتِلت؟

ما الذي فعلته؟

ينبغي أن لا تغادر، ولا تبارح ذاكرتكم أكثر من (300) إعلاميّ شهيد عراقيّ من خيرة خلق الله، يجب أن تضعوهم أمامكم..

 


هذه التظاهرة الإعلامية ينبغي أن تصدح بصوت الحقيقة العراقية، لا يُوجَد سياسيٌّ عراقيٌّ ناجح لا يُصغي إلى الإعلام بنسزغه النازل يُوصِل إليك الحقيقة، وعلى السياسيِّ الناجح أن يُصرِّح للمواطنين بالمُنتج بنسغه النازل من المسؤول إلى المواطنين.. هذان النسغان الإعلاميان نسغ إلى المسؤول؛ حتى تصنعوا عقله، ونسغ من المسؤول إلى المواطن؛ حتى تُنوِّروا عقله بالحقيقة..

 

الكثير من المسؤولين في التاريخ وقعوا في الساعات الأخيرة والوقت قد فات مثلما استيقظ هتلر في الساعتين الأخيرتين، وعرف أنَّ دوبلكس صاحب نظرية الادّعاءات (اكذب اكذب اكذب حتى يُصدِّقك الآخرون)

 

 

 لا نضيق ذرعاً من أيِّ صوت إعلاميٍّ يكشف لنا الحقيقة، لكننا نُريد أن تصطفَّ، وتنتظم هذه المُفرَدات؛ لتقوية الحكومة، وتُركِّز على مفهومين أساسيين نحن بأمسِّ الحاجة إليهما، وهما: مُشترَك المخاطر، ومُشترَك الأهداف والمصالح..

مُشترَك المخاطر أوجزه بثلاث كلمات: (الإرهاب، الطائفية، والفساد).

الإرهاب الذي الآن ينقضُّ على أطفالنا ونسائنا وشيوخنا من الكهول وكلِّ المُقدَّسات، وجعل المعابد، والمساجد، والكنائس، والحسينيات، والأسواق، والمستشفيات أهدافاً له. هذا هو العدوُّ الأول.. العدوُّ الثاني هو الطائفية. لا نُريد عراقاً بلاطوائف، وليست مُشكلتنا أن تتواجد طوائف في العراق إنما مُشكلتنا أن تتحوَّل الطوائف إلى طائفية، إلى تعصُّب، وقد أرادوها للعراق، وأُحبِطت.

 

عشر سنوات والعراق يقاوم وما استطاعوا أن يحرفوا القطار الوطنيَّ العراقيَّ عن الطريق الذي أرادوه وذلك بفضل جهود المُخلِصين من أمثالكم، والربيع العربي في عامه الأول -للأسف الشديد، وما كنا نتمنى لهم ذلك- جاءت نتائجه مُحبِطة.

 

ينبغي أن يلتحم الإعلام مع السياسيين، ولا يعني ذلك أن يُهادِن، ولا يعني أن يخدع بل أن يصدح بصوته في مواطن الخلل والفساد، وينتقد باتجاه التقويم، ويُسقِط المُفرَدة السيِّئة ليحفظ الكليَّ الوطنيَّ الذي يجب أن نُحافِظ عليه، ونُسقِط المُفرَدات السيِّئة في الطريق.

ينبغي أن يكون الإعلاميُّ مسؤولاً عندما يكتب، وعندما يبرمج.

 

ليست المُشكِلة أن ألفت انتباه أكبر عدد على قاعدة (خالِفْ تُعرَف)، بل على قاعدة: (جندي أحمل لواء الحقيقة، وأمتدّ إلى الذين يجهلون الحقيقة حتى أنوِّرهم بحقيقة ما يجري).

 

 


 

الإعلاميّ غوّاص يغوص إلى عمق البحر الاجتماعيّ؛ حتى يخرج باللآلئ التي تخفى على الآخرين؛ لذلك يُخاطِر بنفسه، ويحمل الكاميرا، ويذهب إلى نقاط التماسِّ الحارّة، ويعلم أنه يكتب مقالات لا تدرُّ عليه الأموال إنما تدرُّ عليه راحة الوجدان.

 

اصنعوا أيامكم، ومستقبلكم بأقلامكم إلى جانب السياسيين.

 

 

 

الإعلام مهنة أقرب ما تكون إلى مهنة الأنبياء، وحرفتهم:

 

((إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا))

 

احملوا هذه الرسالة.. ثقفوا الناس على الحقيقة..

ثلاثة مخاطر نُركِّز عليها دائماً، هي: (الفساد، الطائفية، والإرهاب).

كلّها عدوٌّ مُشترَك لكلِّ شعوب العالم، وقد تعولمت، فلم يبدأ الإرهاب المُعاصِر في العراق، ولن ينتهي في العراق,, الإرهاب المُعاصِر في 2001 ضرب نيويورك وواشنطن، ومرَّ على اسبانيا، وإيطاليا، وفرنسا، ومصر، والسودان، وأفغانستان، وسورية، والسعودية، فلم ينطلق من العراق، ولا ينتهي بالعراق؛ لذا يجب أن نمدَّ أيدينا إلى كلِّ مَن تجمعه وإيانا عملية ردِّ الفعل المُوجَّه ضدَّ الإرهاب.

 

ثلاثة أهداف تمثل الهدف المُشترَك أيضاً، وهي: (التنمية، والإعمار، والبناء)، وكذلك العدالة الاجتماعية التي تجعل المُتقدِّم بالكفاءة يتقدَّم في الدولة، والكبير اجتماعياً كبيراً في الحكم..


 

لا ينبغي أن نعيش ازدواجاً.. كلُّ كبير ينتمي إلى حزب، أو حركة، أو تيار ينبغي أن يُبرهِن أنه كبير في المُجتمَع بكفاءته، وقِيَمه؛ ليحتلَّ موقعاً مُتقدِّماً داخل الحزب، أمّا هذا الازدواج بأنه كبير في الحزب يجب أن نفرضه على المُجتمَع، ونلوي عنق الحقائق فهذا زيف، ولن يبقى مع الزمن.

 

ينبغي أن نكون صُرحاء.. لا نستطيع أن نبني الدولة بثقافات موسمية سرعان ما تذهب أدراج الرياح إنما بثقافة تُؤسِّس لقِيَم، ومبادئ، وتزرع الوطنية، فلا نتهيّأ للموسم الانتخابيِّ القادم، ونُعِدُّ العُدَّة للانتقال من موقع إلى آخر أكثر. لا ليس هذا هو الفوز.. الفوز هو فوز المبادئ، والقضاء على المخاطر المُشترَكة، وتحقيق المصالح العامّة.. فما فكّر قادة العالم بحجمهم بل فكّروا بحجم شعوبهم، والانتصار لمبادئهم، وضحَّوا من أجل ذلك..

 

اصرفوا من الوقت للتفكير بالانتقال بالعراق من حضيض الجهل إلى المعرفة.. من الطائفية إلى الوحدة المُتعايشة بين أبناء المذاهب، والديانات، والقوميات.

 

اختاروا الرجال والنساء الذين يحملون هذه المبادئ؛ حتى نُطِلَّ على البرلمان الجديد كسلطة تشريعية تُكمِّل عمل الحكومة، وتُراقِب الحكومة، وتُشرِّع للحكومة، وعدَّادها ليس السياسة أو التسييس.. لا يُوجَد برلمان في العالم يتكلّم بالسياسة إلا عندنا. عمل البرلمان التشريع والرقابة.

 

الإعلاميون مسؤولون جميعاً عن كلِّ ما يجري في البلد، ولا أحد يُعفي نفسه..

شخِّصوا الحقيقة، وانتصروا لها، وسخَّروا كامراتكم وأقلامكم، وكلَّ قدرة وقابلية إعلامية؛ لنصرة الحقيقة.. بتهوفن في سمفونيته الثانية والثالثة انتقد نابليون بونابرت، وأرَّقه.

ما الذي فكَّر فيه الإعلاميّ؛ ليُوصِل ما يحصل في الشارع إلى السياسيّ؟

أين أصحاب المسرح؟

أين الأدب الساخر الذي يسخر من الزيف، والفساد؟

أين الفنُّ التشكيليّ؟

 

 

وأمَّا الخطباء فهم جزء من الإعلام، وقد امتدَّت هذه الحالة إلى الكثير من الخطباء، وهي عُقدة الإثارة، وعُقدة النقد:

 

((وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى))

كان السيِّد المسيح يمشي ذات مرة مع مجموعة من الحواريين، ورأوا كلباً ميّتاً، فقال أحدهم: ما أنتن رائحته! والثاني قال: ما أقبح منظره! أمّا السيِّد المسيح فقال: ما أنصع أسنانه!

اذكروا الآخرين بخير..

أقول لكم: عدوُّنا الحقيقيُّ هو الفاسد، الطائفيّ، والإرهابيّ.

مُدُّوا أيديكم جميعاً إلى كلِّ مَن يأخذ على عاتقه مسؤولية التنمية، والإصلاح، والإعمار، والبناء؛ حتى نُعيد الابتسامة المسروقة إلى شفاه أطفالنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !