مواضيع اليوم

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ رئيس التحالف الوطنيّ العراقيّ خلال لقائه عددا من الأكاديميين والمثقفين في دار الضيافة بمحافظة البصرة

بسم الله الرحمن الرحيم لأهمّية التربية، وخطورتها أكّد الله -عزَّ وجلّ- على صفته كربّ: ((الحمد لله رب العالمين)) وربا يربو من النشوء، والترعرع، والاضطراد في النمو، فتفيد حالة التربية وإنما تلوتُ هذه الآية لأنَّ طبيعة التربية يتقدَّمها العلم، أنك تعلم ابنك، وتعلّم ابنتك، وتتعلّم أولاً، ثم تتربّى في سياقية الأخذ فالتعليم يسبق التربية غير أنَّ تراتبية الشرف قدّمت الآية القرآنية الشريفة التربية على التعليم؛ لأنَّ شرف التربية أعلى من شرف التعليم، قال الله تعالى: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ)) [الجمعة : 2] على الرغم من أنَّ التعليم قبل التربية، لكنَّ شرف التزكية أعلى من شرف التعليم، وأنا أعتقد أنَّ الثقافة هي من مقولة التربية، وليست من مقولة التعليم، فهذا المفهوم عندما يتابعه الإنسان في موسوعات اللغة كلسان العرب لابن منظور يجد أنه يُعطي عدة معانٍ رُبَّما تتجاوز العشرة معانٍ، وكلّها تُشير إلى معنى التربية، ثقف يثقف ثقافة قوَّم، وعدَّل، وكان العربيّ يأخذ قطعة من الحديد في الحرب يُسمّيها (ثقف) قطعة صغيرة يقوم بها الأعوج من الرماح؛ إذن المثقف هو المُعدِّل، والمُقوِّم للشيء الأعوج؛ ولأنَّ الجلسة جلسة مثقفين فدعونا نُحوِّلها من جلسة ثقافة إلى جلسة تثاقف، فنتبادل الثقافة، نستمع، ونسمع، ونأخذ، ونُعطي مثلما يرمي الفارس سهمه، فيُصيب، فالمثقف كذلك يرمي بمفهومه وكلمته، فيُصيب لدى المُتلقّي المكان الذي يُريد أن يصل إليه. ولا سِرَّ على أحد أنَّ كلَّ شيء من حولنا انعكاس للثقافة، وكلّ ظاهرة بناء تعبير عن ثقافة بناء، وكلّ ظاهرة هدم تعبير عن ثقافة هدم، وكلّ ظاهرة حُبّ تعبير عن ثقافة الحُبِّ، وكلُّ ظاهرة كُره تعبير عن ثقافة كُره، قال الله تعالى: ((وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)) [الحجرات : 7] الإيمان ثقافة وفكر، لكن القرآن يصوغه بطريقة مشاعرية، ويجعله من مقولة القلب، وليس من مقولة العقل المُجرَّد. بلد كالعراق الذي تربَّع على عرش الثقافة في التاريخ، وأنجب أفذاذاً في الفكر من مختلف الاتجاهات، وما لم تذكر العراق، ولا تذكر سبقه التاريخيَّ فكلُّ بواكير الفكر تجدها في العراق بواكير الحضارة منذ بداية الألف الرابع قبل الميلاد وإلى الآن تجد أنَّ العراق مرجل أفكار، هذه لا لأننا نتشرَّف بأننا عراقيون، لكنَّ هذه هي الحقيقة التي تختزنها الموسوعات التاريخيّة، ويُقِرُّ بها، ويُذِعن لها كلُّ أبناء الأقوام بمُختلف مناطق العالم، ما إن تذكر حضارة الرافدين إلا ويكون الحديث عن قِمَم الحضارة. مسلة حمورابي هنا في العراق، والأهوار هي التي نسجت خيوط الحضارة منذ وقت مُبكّر حيث المدينة، وحيث الحرف، وحيث الأسطوانة، وحيث الحركة، وحيث القيثارة كلّها من العراق.. هذا تاريخنا.. تاريخ كله ثقافة، وارتحال ثقافيّ وتعاطٍ ثقافيّ، فالنبض الثقافيّ لم يتوقف في العراق هذا إذا تكلمنا على بلد العراق، وعندما نتحدث عن بلدة البصرة فالبصرة سُمِّيت عين العراق، وسُمِّيت غزالة العرب، وسُمِّيت ثاني العراقيين، وأولى البصرتين إذا ما قُورِنت ببصرة المغرب، فهي عظمى البصرتين، وهي عندما تُقارَن بالكوفة تُسمَّى ثاني العراقين، أو البصرتين؛ وإنما سُمِّيت واسط واسط لأنها تتوسّط بين الكوفة والبصرة. مدارس النحو، والرواية، والحديث، والكثير من شوامخ وأفذاذ ورُوّاد الفكر هنا في البصرة احتضنتهم، وهذا لم يأتِ اعتباطاً فمن غير المعقول أن مُجتمَعاً يُنجِب أفذاذاً بهذا الحجم، وبهذا العدد الكبير لم يكن يحمل سِرّاً من أسرار الثقافة، الخليل بن أحمد الفراهيديّ، وأبو الأسود الدؤلي، وابن المقفع، ومؤخراً بدر شاكر السياب والكثير الكثير من هؤلاء من هنا من البصرة، والمدرسة البصرية عُرِفت قديماً، وظلت منطقة تقدَّمت وإن كانت أنشئت قبل الكوفة بمدة قصيرة، لكن لها السبق على الكوفة وليس فقط الثروة المعنوية، والعلمية، والفكرية، والأدبية من البصرة إنما البصرة تصلح أن تكون عاصمة اقتصادية للعراق بفضل ما حباها الله -تبارك وتعالى- من نِعَم شتى من ثروة النفط، وكونها مُلتقى النهرين دجلة والفرات، وهي إطلالة العراق على الخليج، ومعروفة بنخيلها الباسق، وأرضها الخصبة، وحجمها السُكّانيّ الديموغرافيّ ثاني أكبر مدينة في العراق بعد بغداد، كلُّ شيء فيها يُحفز على أنه ينبغي أن تحتلَّ موقعها الذي يتناسب مع ثرواتها، وتاريخها، ومع أبطالها الذين قدَّموا قرابين على مذبح الحرية من أجل التخلّص من الطاغوت السابق؛ من هذا المدخل السريع أعرِّج على المحور الأول، وهو التربية والتعليم. وطن كالعراق، ومُواطِنون بهذا الحجم، وبهذا المُستوى من دون شكّ ينبغي أن يكون هناك تضاهٍ بين التصدّي وبين الشعب، بين المُعطي وبين المُتلقي. البلد والبلدة لا تُدار إلا من قبل شخصيات، وقدرات، وقابليات فيها حالة من التجانس بفكرها، وتاريخها، وقدراتها، وقابلياتها مع الشعب رُبّما كانوا قلة في التاريخ ممن عُرفوا بعمق الفكر الذين تصدَّوا لإدارة المُدُن أو إدارة البلدان، لكن -بالنتيجة- على قلتهم كانوا موضع احترام وتقدير في التاريخ، واحتلّوا موقعاً مُهِمّاً كان نهرو في التاريخ المُعاصِر، وغاندي وكثير من المثقفين وديكول ولنكولن في أميركا وكثير من المثقفين عندما أداروا بلدانهم ومُدُنهم تركوا أثراً، وفرانسِس باكون في القرن السابع عشر 1625 عندما كان رئيساً للوزراء في بريطانيا جمع بين الفلسفة والسياسة، وكانت له نظرية رُبَّما تكون من النظريات والبحوث القيِّمة في التاريخ. شعبنا الذي له مثل هذه القدرات، والقابليات، والكفاءات، وله هذا التراث الثقافيّ المُعمَّق، والثروات المُتعدِّدة من الطبيعيّ بل من اللازم أن تكون الكوادر المُتصدّية، التي على هرم المسؤولية ينبغي أن تتصاعد. فكلما ارتقى المسؤول علا سُلّم المسؤولية؛ حتى يسهل عليه أن يُدير شعباً لديه مثل هذا التاريخ، ومثل هذه الثروة، ومثل هذه التنوُّعات المُختلِفة في العلم، والثقافة و-للأسف الشديد- نحن نُعاني الآن من أزمة ثقافية والمتشبهون بالثقافة كُثُر، ورُبما هناك أسوأ من أزمة الثقافة هي ثقافة الأزمة. أزمة الثقافة غير موجودة عندنا، ولكن يُوجَد ثقافة الأزمة، فهناك فضائية ما لو تابعتها من بدايتها إلى نهايتها تجدها تثقف كيف تكون مأزوماً، وكيف تُشنّج الأجواء، وتعمل بفنِّ إثارة الآخر، وإثارة الأحقاد، وفنّ تحويل المختلف الجميل إلى حالة احتراب، وتحويل عملية التبادُل بالمفاهيم والكلمات من الشفاه على شكل كلمات إلى إطلاق نار، ومن القلم بالكتابة إلى البندقية. وكأنّ الثقافة ليست لأجل التقويم بل لأجل التهشيم، والانتقاص، وأصبح في مثل هذا الحالة الإنسان المثقف، والعالم، وأستاذ الجامعة في مرمى سهام. نحن بحاجة إلى إعادة النظر في مثل هذه الحالة، ونُشيع جوّاً آخر هو إنك عندما تكون مثقفاً مُسالِماً لستَ بحاجة إلى إثارة عواطف الآخرين، وبيدك عملة صعبة تُترجِم بها ما تجود به ذاكرتك، أو يجود به فكرك، وتتعاطى مع الآخرين بلسان عربيّ مُبين. الأمم الحيّة تحترم علماءها، وتحترم مثقفيها بلا ذكورية في العلم، ولا تمذهُب، ولا تحزُّب، ولا أدلجة؛ الفكر هو الذي يفرض نفسه، ولا يظنّ أحد أنَّ الثقافة تقف في الضفة المُقابِلة للتنفيذ، صدق الإمام علي -عليه السلام- عندما قال: (العقل عقلان: عقل الطبع، وعقل التجربة) والتجربة في نصٍّ آخر في نهج البلاغة: (التجربة عقل ثانٍ). التجربة في مجال التنظير تجعلك مُنظّراً كفوءاً، والتنظير يدفعك نحو التنفيذ، ويجعلك مُنفّذاً جيِّداً؛ لذا لا نُريد أن تتحوَّل الثقافة إلى ترف فكريّ، واستعلاء، وطبقية إنما نُريد الثقافة أن ترتسم على شكل برامج، بل تتخطى البرنامج إلى نظرية عمل، بمعنى أن ترحل بنا من الوضع المُتدنّي الذي نحن فيه إلى الوضع الذي نتطلّع إليه. هذا هو مفهوم النظرية، وهي مجموعة الأفكار، والمفاهيم، والتصوُّرات التي تتكفّل بنقل الواقع من مُستوى مُعيَّن إلى مُستوى أعلى. إذا أردت أن تطرح نظريتك في تطوير المُجتمَع في الحقل الاقتصاديّ تأتي بأفكار، ومفاهيم، ومبادئ اقتصادية تتكفّل مُعالَجة الوضع الاقتصاديِّ وقِسْ على ذلك في كلِّ مجال من المجالات. المثقف دائماً يُبحِر بالحوار، بالمفاهيم والكلمات التي تجمعه، ويُجيد فنَّ وعي المُشترَك مع الآخر، ونحن في أمسِّ الحاجة الآن لأن نُعيد النظر في بُنانا الاجتماعية على أساس ثقافيّ صحيح، ونُحشِّد كلَّ ما لدينا من أروقة الفكر بلا استثناء باتجاه إعادة بناء مُجتمَعنا بطريقة صحيحة.. ليس سِرّاً أنَّ النظام المقبور من عام 1968 إلى عام 2003 اعتمد ثقافة لا أحد يتصوَّر أنَّه كان يعمل عفوياً إنما كان لديه خطة جاء بها لتحطيم القِيَم، وتحطيم الأسرة، وتحويل الثقافة البنّاءة التي بطبيعتها مُؤنسَنة، تحترم الإنسان بما هو إنسان جاء بثقافة أخرى غير هذه الثقافة. هذا يُراد له مُعادِل ثقافيّ. سقط صدام، لكنّ هل سقطت كلُّ الثقافة الصدامية، وإلا ما هذه الانحرافات الموجودة، وظواهر الفساد، واستباحة العرض، والدم، والمال، والكرامة؟ العراق الذي كان أبناء الديانات وأبناء المذاهب يتعايشون، ويحُبُّ بعضهم البعض استُبدِلت ثقافته بثقافة أخرى، إذا اختلف معك لا مانع لديه أن يقطع الذي فيه عيناك؛ لذا أستنهض أرباب الفكر، والعلم، والشعر، والأدب، والدراما، والفنّ بأن يُكرِّسوا ما لديهم من طاقات لإعادة بناء المُجتمَع بثقافة جديدة تجعل الإنسان هو المُتقدِّم: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)) [الإسراء : 70] ولم يقُل: فضّلنا جنساً على جنس آخر، لكنَّ عملية التربية صعبة، ورُبَّما يكون زمن التعليم قصيراً لكنَّ زمن التربية ليس كذلك، وتحويل، وتدوير الفكر من عالم العقل إلى عالم التطبيق كمُفرَدة سلوكية يأخذ وقتاً طويلاً، فيجب أن تتضافر كلُّ جهودنا، ويجب أن نُعيد النظر في الموضوع، ونُؤصِّله من جديد على أساس قيميّ وفكريّ، فليس كلُّ ما جاءنا من التاريخ هو صحيح، كما لم يأتِ كلُّ شيء خطأ. القرآن الكريم يُشكِل على العرب ظاهرة النقل الميكانيكيّ للأفكار، والتأثر بأجواء مكة تسلّمها كما هي، ويُريد أن يبقى فيها: ((إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ)) [الزخرف : 22] لذا على جامعاتنا، وعلى المُعطي الثقافيّ، والمُربّي في أيِّ رواق من أروقة الفكر والعلم أن ينطلق انطلاقة جديدة؛ فالجامعات في العالم هي التي بنت مُجتمَعاتها، ولم تكتفِ ببناء الإنسان بل ذهبت إلى بناء المُجتمَع، يُنظّرون له، ويرقبون حركته، ويتابعون مساره على سُلّم الارتقاء إلى المجد، ويُسلسِل لك العلوم على ضوء الحاجة الاجتماعية، فخرج من عُقدة الشخصنة في الاختصاص، ودخل في فضاء الحاجة الاجتماعية. كما أنَّ الفنانين لهم دور كبير في تغيير المُجتمَعات هذه حقيقة فمسلسل الأم عندما يأتي وقته الناس تخرج إليه، وبعض الأحيان تجد حركة السيارات في الشوارع تكون أقلّ مثلاً يوسف أو مسلسلات أخرى سواء كان تراجيدياً أو كوميدياً، نعم قد يكون هنالك تحفظات على نوع من الفنون كفنِّ الجريمة، وفنِّ الاستباحة، ولا أحد يخاصم الفنّ كفنّ، فاللوحات الفنيّة في القرآن الكريم كثيرة: ((وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا* وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا* وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا* وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا* وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا* وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا* وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)) [الشمس : 1 - 7] ((وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ* وَطُورِ سِينِينَ* وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)) [التين : 1 - 3] أين دور الفنانين العراقيين في بناء المُجتمَع العراقيِّ، وأين الروائيون، وأين الشعراء فعلى قضية بسيطة كانت تكتب العرب دواوين شعر، حرب البسوس قيل فيها شعر كثير، وكُتِبت فيها دواوين. أين الشعر الآن في ردم الثغرة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة المفروض الآن أيّ ظاهرة من التي نراها يومياً المفروض أن تهزّ الشاعر، وتهزَّ الفنان فيرسم أو يكتب. عندما يكون الفن مسؤوليّة، وعندما يكون الأدب مسؤوليّة يشعر الإنسان أنه يجب أن يُؤدّي دوره في بناء المُجتمَع، فلنُكرِّس مواهبنا لبناء البلد. يُقتَل شخص واحد تُكتَب عليه روايات (ستوو) التي كتبت رواية في عام 1853 في أميركا قصة (كوخ العم توم) انتصرت للسود، وساهمت في إخماد تداعيات الحرب الأهلية من عام 1860 إلى عام 1868، وهذه التفجيرات، والمصائب كلها ألا تهزّ روائياً، أو فناناً، والفنان يدخل قلب المتلقي بلا جواز. لغة الفنان لغة مُعولَمة أساساً حتى الطفل يأخذها، ويتقبّل منه. أين الفنُّ البنّاء، هل نبقى نشدُّ الرحال في كلِّ شيء إلى الخارج، وليس عندنا عقدة الخارج فإذا سبقونا بشيء نتعلم منهم: (الحكمة ضالة المؤمن فخذ حكمتك حتى من أهل الكفر والنفاق)، لكن خصوصياتنا، وتاريخنا المُشرق، وقدراتنا، وقابليتنا فلماذا نتخلّى عنها؟ حين ينظر الإنسان من موقع إلى الآخر يجب أن عنده وعي الأخذ، ووعي العطاء، وعي القبول ووعي الرفض. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !