كلمات تلفظ أنفاسها الأخيرة
قصيدة (المقتلة) للشاعر عبد الهادي فنجان الساعدي من ديوان (نبوءات مبكرة)
كرم الله شغيت
يأتي ديوان (نبوءات مبكرة) للشاعر عبد الهادي فنجان الساعدي الصادر عن دار المرتضى متأخرا عن الزمن الذي كتبت في النبوءات، ولكونه الإصدار البكر للشاعر فقد حرص الشاعر على أن يضمنه باقة مختارة من قصائده، وقد ضم تسعا وعشرين قصيدة مثلت قصيدة ( المقتلة ) حوالي خمس حجم الديوان ،الأمر الذي يعطيها ميزة مهمة لتمثيله خير تمثيل ، ولو أني قد قمت بتسليط الضوء على جوانب فنية أخرى في الديوان في مقالة ثانية اهتمت بمفردات النهايات القصوى، إلا أن هذه المقالة تطمح إلى أن تكشف عن جانب آخر، ألا وهو إدارة الشاعر للقصيدة الملحمية الطويلة والإمساك بزمامها حتى لا تفلت من يديه، فالعديد من القصائد الطويلة يمكن أن تظل مجموعة من الأبيات المتراكمة تمثل موقفا واحدا ،وتكديسا لمزيد من الصور ذات المعنى الواحد والصياغة اللغوية المختلفة، ما لم يتهيأ لها فنان مقتدر، وقد دفع الشاعر تلك التهم عن قصيدته بإتباع أساليب عديدة منها/هيكلية القصيدة التي تقوم على تعدد المقاطع واستقلال كل منها بنص مستعار يتصدره/والتنوع في المواضيع المطروحة،والتي تصب في مجرى الموضوع الأساس، وهذا يجيب على التساؤل الذي طرحه الأديب جبرا إبراهيم جبرا بقوله (ما أخطر القصيدة الطويلة على صاحبها وإزاءها سوف نتساءل هل لدى الشاعر من الصور والمعاني التي لم يسبقه إليها أحد ما يكفي لطولها؟)/وكذلك الحرص على ربط المواضيع ببعضها و عدم انفراط عقدها /و اعتماد الشواهد الحية التاريخية والمعاصرة المرتبطة بقضيته، يقول مايكوفسكي في ملحمته (بأعلى صوتي):( أنا الذي سأتحدث /عن الزمن /وعن نفسي) نعم هذا ما تحدث عنه الشاعر في (المقتلـة) وفي القصائد التي مهدت لها، تحدث عن زمنه ونفسه وأحبته وأصدقائه الذين سيجد القارئ لهم مصاديق كثيرة في من حوله/وأخيرا لابد من الإشارة إلى أدوات التوصيل التي استعملها الشاعر في طرح قضيته بجعلها ذات فعل مؤثر ومطور للاتجاه الموضوعي العام في القصيدة. استعراض القصيدة:
1. في البداية صورة مستعارة لنهاية الوقت المحدد لشيء ما فانتصاف الليل يعني الدخول في اليوم التالي، وما من شيء يأتي.في هذه الصحراء، التي كانت أنهارا من عسل، وخمر ولبن، وكلها استعارات مصادرها قرآنية. (أما الآن فنهر واحد) كناية عن الاستبداد الذي أنتج تغيير الحقائق (فالقتلى أضحوا شهداء)ويصّدق العالم ويردد ذلك لأنهم ببغاء.إذن المقطع الأول تمهيد لخلفية المقتلة ،وكيف هيأ الطاغوت عقول الناس لتقبل ما يمليه عليهم،ولو أن الشاعر كان قد مهد لموضوعه بقصيدتين منفصلتين جاءتا قبل قصيدة (المقتلة)، وهما(ما قبل المقتلة، و بداية المقتلة).وقد ظهر في النص مستويان الأول في قوله (كانت انهارا من عسل اصفر) والثاني في قوله (أما الآن فنهر واحد).
2.المقطع الثاني يستعير شعار الحركة الهيبية(أعمل حبا لا حربا) ويدين به عمل الطاغوت الذي هيأ به الناس لتقبل الحرب ويتمنى أن يكون قد هيأهم لصنع الحب .المستوى الأول في النص الصفات المظهرية السلبية لأفراد الحركة الهيبية ،والمستوى الثاني استعارات تلك الصفات لتعرية الزيف الذي يملأ العالم .
3.يرسم صورا شاعرية مقطوعة بالإحساس بالشيء القادم (قد يكون السجن أو الموت) لقتل اللحظات السعيدة(أي حتى في اللحظات السعيدة والشاعرية هناك إحساس بالغصة)،إذن فالمستوى الأول للنص هو الصورة الواقعية الحاضرة التي يعيشها الشاعر والمستوى الثاني هو الإحساس الذي يراود مخيلته وهو مختزن من صور سابقة غادر فيها عالمه ذا السعادة المبتورة (حيث تركت البهجة تهوي كقتيل)ص/99.
4.استعارة لأغنية/قصيدة كليوباترة واستبدال بعض مفرداتها بنقيضها (أي حلم من أغانيك المرار) لتحقيق الغاية الشعرية، واستدعاء شخصية أخرى بعيدة عن موضوع الأغنية (فرعون) لكنها مرتبطة بها مكانيا وتخدم موضوع القصيدة الأساسي (الطاغوت).وتتصاعد مستويات النص من الحزن كمستوىً أول(كليوباترة أنني اليوم حزين) إلى النزيف كمستوىً ثان ٍ(أنني اليوم نزيف).
5.في أغنية إسبانية يعود إلى وصف الحالة النفسية والتأكيد على الشعور بالكبت وفقدان وسيلة الاتصال وهي تعني العزلة. يقدم المستوى الأول للنص صفات الأغنية الأسبانية(حزينة تطرب حد اللعنة،صاخبة،تتخذ من الكَيتار أداة للتوصيل) ثم يستعير في المستوى الثاني أدواتها وصفاتها لوصف الشعور أعلاه كما حصل مع صفات الهيبيين في المقطع الثاني للنص.
6.يستأنف الشاعر ما بدأه في المقطع الثالث ولكن بصورة أكثر وضوحا وبإيجاز فهي مرحلة حياتية ومقارنة بين مرحلتين تتشابهان ولكنه فيهما مختلف، فهو في الأولى طلِـق وحزين بينما لم يعد كذلك في الثانية، وهذا هو المستوى الأول أما المستوى الثاني لهذه المقارنة في المرحلة الأولى (الأمس)كان الدرب حزينا وفقيرا واليوم أكثر حزنا وفقرا. وقرارات تراود النفس، المستوى الأول لها الرغبة بأن يحزم أمره ويموت والثاني يقين بحتمية الموت في دائرة الهلاك الجماعي( القتل العسفي) وهو إحساس كان يراود الجميع حينها ص/103(يا أيتها اللحظات الثكلى /إني مقتول ). وشيء من عدم وضوح الرؤيا المستوى الأول له اليقين بحتمية الموت والثاني عدم معرفة النهاية ص/102 (وأنا موهن ومعلق/لا اعرف خاتمتي).ويلاحظ هنا التداخل بين مستويات الجزأين الأخيرين من النص ومجيء( اليقين بحتمية الموت ) في المستوى الأول مرة وفي الثاني مرة أخرى.
7.عودة إلى عدم وضوح الرؤيا والضياع والفراغ وقتل اللحظات، وهو ما عبر عنه الشاعر بالخواء، المستوى الأول (الخواء الداخلي)يتمثل في حياة الشاعر ولياليه الخاوية(وحياتي خاوية/أين الجدوى...اللا جدوى) و(خاوية كل ليالي لعشق المومس)، والمستوى الثاني(الخواء الخارجي)و يتمثل في الطرقات الخاوية،والطريق هنا هو الخلاص، فأمام جسامة المسؤوليات الشخصية يبرز البحث عن الخلاص وقد يكون الحل هو الغربة التي يشير إليها ولا يستطيع أن يسميها ( لكني خائف يا ولدي أن أنسى وطني).
8.هنا يشير بوضوح إلى الخلاص الذي سبقه الغائبون في اكتشافه ولم يتبقَّ إلا طيوفهم فهم إما متغربون أو موتى أو في زاوية من زوايا الأرض التي انقلبت إلى معسكرات.ويظهر المستوى الأول للنص في تأرجح اليقين بالرؤية (لعلي أرى أو لن أرى ) ويتطور في المستوى الثاني الى اليقين بعدم الرؤية (لكنني قلت لن أرى).
9.توجيه الخطاب إلى الحجاج ثم إلى عينه إشارة إلى هيأته (النقاب) التي قال فيها مقالته المشهورة (أنا ابن جلا )، أما الكوفة والبصرة فتشيران إلى العراق لأنهما علامتا الدولة ( الحكم)في عصره، إذن هو يتحدث عن الحاكم، وماذا فعل الحاكم، سيقوم الشاعر بتعداد ذلك في مقطعه هذا...الحرب، تبديد الثروات، الاستئثار بالسلطة...الخ.والمستوى الأول للنص هو ظهور الحجاج الشخصية والحدث لإحراز الفائدة الموضوعية في المستوى التالي الذي ضم أفعال الحاكم.ثم يعود إلى الإشارة إلى فكرة الرحيل التي تراوده وهي حلم الخلاص من كل هذا ولحظته لابد أن تأتي وفي استعماله للفعل المضارع((اللحظة تأتي لا ريب))إشارة إلى اليقين0
10.يعود إلى استعمال الفعل المضارع((وتحين اللحظة لابد))وتتوالى الأحداث، والطاغوت باق بطلا أسطوريا أبديا يخطط لمقتلة أخرى، وهذا هو المستوى الأول للنص، أما الثاني فهو القلق من الغد والذي راود خيال الشاعر منذ الأسطر الأولى.
11.في هذا المقطع نحن أمام لوحتين جورنيكا بيكاسو ، وجورنيكا الشاعر، الأولى لونها أسود وتحكي مقتلة الإنسان ، والثانية نسخة من الأولى أغرقها الشاعر باللون الأحمر كي تحكي نزيف الأرض والعمر فهو لا يرى اللوحة إلا نازفة والمقتلة تتسع والأرض تفرغ إلا من طفل الطاغوت الذي لبس ثياب الأنبياء0إذن لوحة بيكاسو تحكي وهو المستوى الأول للنص ولوحة الشاعر تنزف وهو المستوى الثاني له، وقد أراد بذلك للوحته أن تتفوق على الجورنيكا عندما أضاف لها اللون الأحمر0
12.التسبيح للطاغوت كناية عن التقديس والجوقة التي تسبّح تعطي قائمة مفتوحة للمسبحين وفي هذه الليلة(ليلة الشاعر)، الشاعر ينوء بأحماله....الثلاثين سنة من عمر الطاغوت، والطفل والزوجة والأهل، وينوء بحمل رغباته الخاصة وينوء بصمته((تتهدل حنجرتي من كثرة ما اختزنت))، وقلبه يختزن المشاهد المؤلمة من أفعال الطاغوت وهي اصطناع الأمجاد الزائفة، والمزايدات، وتغيير الحقائق الذي أشار إليه في المقطع الأول فالقتلى أضحوا شهداء، وبالأوسمة تصنع الأبطال وتكافأ بها التضحيات وتدفع دية عنها0 تتوزع مستويات النص بين الطاغوت والشاعر،فالأول للطاغوت: صيرورته ملكا والناس عبيده(ملكا صرت وصار الكل عبيدك) والثاني قيامه بالتزلف للناس(والملك الضليل يتزلف للناس بأموال يزيد).أما الأول للشاعر: فهو الأحمال التي ينوء بها(وأنوء بحمل ثلاث قرون في قلبي) والثاني: التسليم للعاقبة التي وعد الله الظالمين (وسيعلم الذين ظلموا.....).13و14.ينتقل الشاعر في المقطعين الأخيرين إلى الحديث عن نموذجين من ضحايا المقتلة قريبين إلى نفسه وهما الشاعر القتيل والأخ (شهيد بهد ينان).وقد توزعت مستويات النص بين الشاعر والشخصية كل على انفراد، المستوى الأول للغلام القتيل كيف مات وكيف عاش، والأخ الذي يربض في ربوة من ربوات الوطن المحتل،والمستوى الثاني للشاعر الذي بدا منفردا ووحيدا ينتظر من يسمع منه الخبر المجنون.قصيدة (المقتلة) قصيدة ملحمية يختصر فيها الزمن بليلة واحدة، ويتسع فيها المكان حتى يصبح كل زوايا الأرض، ويضيق حتى يتمثل بلوحة(ص/110)، وإذا كانت الليلة حاضرة في كل القصيدة فهي على اختصارها للزمن حبلى بالأحداث وبالمجهول (ص/109)،والأفكار فيها ملغمة والكلمات متفجرة (ص/116)والشاعر فيها مستلب وغريب (ص/121)ومثقل بالأحزان والمسؤوليات (ص/115)، يسند رأسه ويفكر (ص/116)، ينتظر أي شبح يرفع عنه الحزن (ص/124)، يقلقه الغد (ص/110) فيتمنى أن تدوم الليلة حتى موته (ص/122)، وهنا يستطيل الزمن في أمنيات الشاعر بعد أن كان مختصرا، فقد حاولت القصيدة أن لا تقيد الليلة بزمان معين بل كانت تمثل كل ليلة ارتبطت بحدث حفرته في ذاكرة الشاعر فالليلة هي التي يكتب الشاعر فيها عن وحشته ص/121(أكتب هذي الليلة أني مستلبٌ وغريب) ويتذكر فيها أحبابه ص/201(فشهيد الليلة أكبر من كل شهيد).و(المقتلة) التي أراد لها كاتبها أن تحكي قصة شعب ينزف قدمت لنا موضوعا ذا محاور ثلاث:
المحور الأول/الطاغوت : وفيه تحدث الشاعر عن دوره في هذه المقتلة وكما يلي:
1.التهيئة للمقتلة/وفيها عندما بدأت أول ظواهر الاستبداد عنده والذي عبر عنه الشاعر بالنهر الواحد ص/95(أما الآن فنهر واحد/نهر همجي)، ومن ثم تهيئة الشعب لتقبل الحرب، حيث أصبح الشعب (نائما) كما في ص/97، يتقبل ما يملى عليه كما في ص/96(فالقتلى أضحوا شهداء)،ثم تكريس طقوس البطولة ص/115(والملك الضليل يتزلف للناس بأموال يزيد/ويقلد هذا درعا بدل الرجل المقطوعة/ ويقلد سيفا للآخر بدل اليد)، وكذلك ترسيخ مفاهيم المجد والخلود ص/115 (آه يا شيخ الأمجاد الممسوخة....والأرقام الجوفاء/آه لتاريخ لا يكتب إلا للدجالين)، ويتمنى الشاعر لو كان الطاغوت قد هيأ الشعب لصنع الحب لا صنع الحرب ص/97(جئن بشعب يصنع حبا أبديا/لا شعبا يصنع حربا من غير قرار).
2.الاستئثار بالسلطة ص/106(من يدري أن الأعور والساذج والطفل /سيحكم في أرض الكوفة) وتبديد الثروات ص/107( والصحراء يلوثها الحالم بالثروة) والحرب مع الجيران ص/107(من يدري أن خراسان سيغزوها عاهر) والتخطيط لمقتلة ثانية ص109(ويهوذا الليلة يشرب نخب المقتلة الأخرى).
المحور الثاني/المقتلة:وهي من أفعال الطاغوت، وقد ظهرت في النص في بؤر ثلاث:
1.الزمان:وهي الليلة التي تحدثنا عنها(ليلة الشاعر)، والزمان الذي سبق المقتلة وتداعياته في نفس الشاعر ص103/بالأمس..كان الدرب حزينا/كان الدرب فقيرا/ واليوم..أكثر حزنا..أكثر فقرا..
2.المكان:ويمثل المقتلة بمعناها(الواسع) وهو نوعان( واقعي) ويشمل كل الأرض التي جرت عليها أحداث المقتلة، و(متخيل) وهو السجن الذي كان يراود الشاعر كما في ص98/(وأنا موقن أن السجن قريب) و( يا سيدتي لو كنتِ ذهبتِ هناك) وفي ص102/(والسجن كطاقية الإخفاء).
3.اللوحة:وتمثل المقتلة بمعناها( الضيق) وقد ميزنا بين لوحتين الأولى شاهدها الشاعر وتأثر بها وأرادها لنفسه وهي تحكي مقتلة الإنسان، فالظل والضوء فيها يمزقان الأماكن بحدة وتجتاح شخوصها انفجارات عاطفية، وثورية، احتجاجية، ومأساوية، تستوعب كل التفسيرات. واللوحة الثانية خلقها بتغيير البناء اللوني للوحة الأولى مضيفا إليها اللون الأحمر فهي في خياله لم تكن إلا نازفة، أنظر الجورنيكا ص/110.يقول بيكاسو: (كان الاعتداء على الجورنيكا بداية عدوان ضد الإنسانية)، ولذلك فقد أراد الرسام للوحته (والشاعر لقصيدته) أن تكون شهادة مؤثرة وعميقة وصادقة عن ارتباطه بالمصير الإنساني وعمق جذوره بوطنه. المحور الثالث/الإنسان:وهو الجزء الذي انعكست عليه آثار المقتلة وقد وصف الشاعر مأساته عبر نماذج إنسانية قريبة إليه:
1.الشاعر نفسه:وصفت القصيدة الأحاسيس التالية لدى الشاعر والتي أفرزها وقع المقتلة عليه: (أ).الإحساس بالغصة: ص99/حيث تركت البهجة تهوي كقتيل.(ب).الكبت والعزلة:ص101/لا أملك حنجرة/ولا حتى كَيتارا/حزني يملؤني كأغانيكم.(جـ).عدم وضوح الرؤية والتناقض:ص104/و أنا موهن ومعلق...وأكاد أجن/ص102/وأنا موقن أن الحزن قريب /والموت قريب ـ يقول بعدها ـ
لا أعرف خاتمتي.(د).المسؤوليات والأحمال الثقيلة والرغبات الشخصية:ص115/وأنوء بحمل ثلاثين/ وأنوء بحمل الطفل ..الزوجة/ وأنوء بحمل الأهل..وليلة سكر صوفية/ وأنوء بحمل ثلاث قرون تسجن في قلبي/ وأنوء بحمل الكلمات.(هـ)اليقين بحتمية الموت:ص103يا أيتها اللحظات الثكلى/إني مقتول ـ و كما مر في ص102/ (الموت قريب).
2.الأخ (شهيد بهدينان):وهو شهيد ليلة الشاعر التي اشرنا إليها وهو اكبر من كل شهيد(ص121).
3.الصديق ( الشاعر القتيل):صاحب الأسطر الطويلة التي مات ولم يترك غيرها(ص120) لتحكي قصة شعب مسكين(ص119).
أدوات التوصيل في النص:
ظهر في النص العديد من الطرق لاستخدام أدوات التوصيل والتي أشرت إليها في المقدمة منها مجيء الأداة كما هي بدون أي إضافة كما حصل في استعارة الصفات السلبية للحركة الهيبية و الصفات الايجابية للأغنية الأسبانية ،والشكل الآخر استخدام الأداة والإضافة عليها مثلما حصل في لوحة الجورنيكا عندما أضاف إليها اللون الأحمر.ومن أدوات التوصيل الأخرى الشواهد والشخصيات وهي نوعان تاريخية متسلطة مثل الحجاج والفرعون ومعاصرة متسلطة مثل الطاغوت ومضطهدة مثل الشاعر نفسه والأخ والصديق. ولقد حرص الشاعر على بناء شخصياته التي قرأ عنها أو عاصرها بناء يدل على سعة خزين ذاكرته عنها.
وهذا الأمر لا ينطبق على قصيدة المقتلة فحسب بل يشمل شخصيات أخرى حفل بها الديوان مثل الحلاج والسياب وغيلان ...الخ. وأخيرا فلقد صدّر الشاعر مقاطع قصيدته بمقتبسات من الموروث الشعري والآيات القرآنية والأمثال وهو غالبا أما مقتنع ٌبأنها تمثل أفكاره خير تمثيل أو أنه يريد أن يبدأ من حيث انتهت إليه.كذلك وقد أكثر الشاعر من إيراد الهوامش و الشروح التي لا يمكن أن نعتبرها استعراضا لدائرة معارفه بل إنها تشير إلى الثقل المعرفي الكبير الذي ينوء به والذي يطغى على وعيه، وقد تحدث عن مسألة الإحالة إلى الشروح هذه الكثير من النقاد، وخلاصة قولهم انه ليس هناك تناقض بين الشعر والمعرفة إلا في حالة تحول المعرفة إلى غاية والشعر إلى وسيلة فيرمي الشاعر كرته في ساحة اللا شعر، وقد أدرك الشاعر تلك المسألة فكانت هوامشه حاضرة لدفع الغموض عن استعاراته.
التعليقات (0)