مواضيع اليوم

كلمات تعشق الازاحة أو مزالق جوهرة القصر

jamaleddine elbouazzaoui

2010-03-29 11:03:38

0

                 تتلاشى الكلمات فتتساقط من أعلى أبراج الحب لتحدث انفجارا أصاب أصحاب القلوب الوهينة بالهلع, فاستسلمت بعض مملكات الحب للانهيار’ وأعلنت المتبقية منها حالة استنفار وجداني لمنارات المراقبة. تعطل الحراك العاطفي في مختلف الدروب. ساد سكون رهيب لم تألفه كل تجارب العشق التي تسترت عليها أضواء المدينة العتيقة.
في الضفة الغربية لمملكة الحب, دقات هامسة تنطق بأعذب الكلمات و أجمل الأشعار,استمعت اليها أكثر آذان العشاق باهتمام و اشتياق فتيقن الجميع أن الانفجار لم يكن فعل عنيف و لا رهيب .بل فوهة بركان لقلب امتلأ حبا حتى المليء.
كان من أرهب ما وقع سقوط إحدى صخور البرج على واحد من صنابير المياه العذبة التي تروي منها أميرة المملكة بساتين الورد النادرة . تكسر ت الحنفية فتدفقت المياه بانسياب دون توقف, فكانت النتيجة انغمار القصر و الأميرة في فيضانات لم تتنبأ لها أرصاد مراقبة سحب الحب.
تجند الجميع لإنقاذ الأميرة من سخط الموت ضمانا لبقاء عطفها عليهم, واشتهاء لوسام البسالة الذي ستنعم به علي من تمكن من حفظ حياتها من عبث مياه الحب الجارفة
تحمس كل الصحاح الأقوياء وركبوا بارجات لأول مرة تستعرضها أذرع المشاة الأميرية...لكن المياه كانت وحشا قضت نحب كل البسلاء. لم تبق سوى ثواني لتنتهي آخر أنفاس تنبعث من دواخلها كأنها رحيق زهر يحترق
وفي لحظة انبعاث روحي شاعري, تذكرت أن للبحر وزن, كما أن للشعر بحر. فركبت كل بحور الشعر بثبات و عزم, فقابلتني الأمواج الخانقة للأميرة بابتسامة و بشاشة. فتعانقت امواج البحر بأمواج شعري, إلى أن أدغمت الأميرة في صدر و عجز شعري. وفي طريقنا نحو اليابس, أيقنت أنها لم تمت... شكرتني بمدح وفير...وغزل عفيف... ووعدتني بأكبر أوسمة أبطال العوم.... لكنها لم تف
تداولت الألسن ما وقع في المزارع و المقاهي... فصدق البعض وسخر الأغلب,,,,,,.
مع توالي الأيام وتعاقب الحقب …وبعدما تيقن البطل الشجاع الهيام, أن وعد الأميرة قد ذهب أدراج الرياح.داعبه مغص سأم و ملل.فاستسلم لعلل الانطواء و العزلة وأعلن قلبه حدادا استمر وبقاؤه نابضا.انه قلب يحتضرفي خلاء وعذاب بعد أن تنزفت آخر قطرات دماء..تدمر القلب مالك الجسد و حاكمه...فأمسى المحكوم يتيم الوجدان و العواطف.تدمر هو فتمرد الباقي:عقل عاطل و حس عاطب,ذوق حموض و حدس كفوف...انه شعور بالاغتراب و التيهان و انضياع الذات في براثن العراء المطلق...انها تجربة الذات المتالمة في عزلة كما يقول غاستون بيرجي.
وفي لحظة انخضاع لمقصلة هذا القدر,أشفقت على كل أتباع ايروس,وعشاق سوفوس.وحفظت جملة شوبنهاورالتي طالما عبثت بمضانها فصدقته حقا في قوله "الحياة كلها ألم و ضجر".
تلك كانت وضعيتي التي امتعض منها نسور تنتظر صفارة الحكم القدري لتتقاسم ما تبقى في من عظام نخرها فيروس القلوب العاشقة.أما في القصر فوضعية كلها مغايرة..احتفاء فاخم بحياة الأميرة...أضواء لونية تذهل الأبصار,زغاريد جواري مذكرة تهتف بعظمة جوهرة القصر,والأميرة تنتشي بسلطان الحرية و الجبروت...أنامل حسناوات تمهر في زخرفة جسدها بأجمل تعابير الحناء.
هناك _حيث الأميرة_ حياة و فرح و تسامي و أضواء, وهنا _حيث أنا_موت وبكاء وقبر وظلمة.تلك مفارقة طالما عشت أمثالها في أحضان الفلسفة,مفارقة من أبرز تجلياتها بداية الحياة في ضفة و نهايتها في ضفة أخرى...فاستمرت مراسيم الاحتفال هناك وانتهت مراسيم الدفن هنا...دموع فرح هناك,ولا دمعة حزن واحدة هنا..لأن الجميع مدعو للاحتفال,كلهم يدمعون فرحا هناك,ولا احد يدمع حزنا هنا, حيث أن, لأن لا أحد معي.

إنها تجربة الاحتضار الذاتي, والاندثار في عزلة عن الآخرين..انه فعل الموت الذي ينفي الوجود الذي أثبته الفكر ,إنها تجربة الكوجيطو الأخيرة...كانت الأولى :أنا أفكر إذن أنا موجود,فكانت الأخيرة :أنا أموت إذن أنا امحي وجودي..
انه شعور فرداني عميق أن تكون الباكي و المبكي نفسه,الفاقد و المفقود,المودع و المودع,حافر القبر و المحفور له...ويصل الشعور ارتقاءه الحسي وأنت تنزل ضيفا جديدا لعالم كله رموز حاملة بقيم الخير و الشر....انه عالم القبر حيث كحلة المنظر و روعة المشهد...ديدان بشفاهها الحادة تعبث بعظام بالية...لكن لعساتها السامة كانت أقل ألما من انتظار موجع لقبلة أميرة ساخرة.
الديدان عالمها كعالم الآدميين,منها الخيرة المتخلقة ومنها الشريرة المتوحشة....الأولى تداعب أكثر مما تنخر...و الثانية تنخر بلا رأفة ولا اكتراث...تنخر باستهزاء قائلة :"كنت تسمو علينا في عالمك...ونحن معشر الديدان نسمو عليك في عالمنا".
في الركن الأيمن من مربع العدم...دودة صغيرة تبدو عليها آيات التخلق و التعطف و شيم الظرافة و التوسم...أقرأ في نظراتها معاني الشفقة و اللارضى لما آل إليه مصير إنسان نخره حب الحكمة و تنخره اللحظة أنياب كائنات مجهرية.دنت مني بوقار وحشمة وامتطت ما تبقى من أنقاض جمجمة...إنها عكس الأخريات في مشيتها و خفتها. داعبت عظم أذني الأيسر وقالت بهمس فصيح:"لا تقلق.كفاك هما..ويحك...الم تقرا سيميائيات غريماس..." هنا راودتني رعشة الاندهاش الفلسفي...واسترسلت حديثها بثبات:"...انك في أحضان مربع غريماس....حيث قطرا الوجود و العدم....وواسطة اللا...كنت موجودا فصرت لا موجودا ثم وصلت العدم..فحاول أن تقطع حالة اللا عدم لتصل حالة الوجود من جديد.....".
ذلك الشبح الذي اسمه العدم...أرعب كل أجدادي وأبناء دربي..قالوا عنه انه حيوان أضخم من جبال الشؤم المغطية للوجود...و البعض الآخر عدوه مجرد إشاعة و وهم من أوهام الوجود.أما أنا فوجدته غير هذا و لا ذاك....انه منبع الوجود و منتهاه,انه سفر الوجود من الوجود...انه الوجود عندما يفقد صوابه...ليس سوى وجودا أحمقا.انه بكل بساطة هيولانية الوجود في صفاءها...وبمعنى أفصح العدم هو وجود نائم,خامل و خام.و الوجود لايعدو أن يكون أنشودة العدم و صراخه.
ومن زاوية قرابة أبوة و بنوة..العدم هو الأصل و الوجود هو الفرع...انه ابن عاص و شقي نفاه الأب/العدم من حضن الرضا..ولأنه كذلك فلربما هو ابن لقيط للعدم...انه كائن مشكوك في شرفه الأصيل و أصله الشريف...لكن أهذا الوجود ذكر أم أنثى؟؟؟
إن كان ذكرا فهو شاذ ناقص الذكورة,وان كان أنثى فلربما يكاد عاهرة ضاجعتها كل الموجودات.....وفي رواية أخرى,الوجود براز العدم و فضلاته.
حقا انوجدت ضمن إشكال فكري وجودي...إنها قضية وجود و عدم...حيث الرغبة قوية في الانعتاق من أشواك العدم و الارتماء في زهور الوجود....إنها محاولة الانحلال أولا,ثم الحلول ثانيا ككائن قديم في كائن جديد....هنا استسلمت مطلقا لوحش العدم....تحللت ما تبقى من عظام خجولة...كثر براز الديدان....ومع مرور الزمن و تعاقب عوامل التعرية و التجوية...تفاعلت الحرارة و الندى و الزمن و البراز و النسيان......تفاعلت مقومات الأبيرون...فتكونت جذور وردة ضاربة في أعماق الزمان و المكان...وردة تنمو بثبات و عزم ....وردة أنا روحها...وهي جسدي...وردة لم يشهد لها مثيلا في جنان الأميرة.
فرحة عارمة حركت دواخل إنسان ابتلعه العدم وتقيأه بعد اجترار...فرحة انسان بنفس الروح و بجسد آخر....انه جسد وردة يافعة الجمال وبديعة المنظر....خفت عليها / علي من أيادي العشاق سارقي الورود الجميلة...فكما قطفت كل ورود القرية لأهديها لجناب الأميرة خفت اللحظة من تهور عاشق صادق...
وبعد صمت طويل في أكناف العدم,ها أنا اصرخ صرخة مولود أصابته أسهم الوجود...وجود جديد أنساني في وجودي الأصلي...و أصدقاء الدرب و فخامة الأميرة...نسيان لكل شيء اسمه الماضي..ذاكرة عذراء...أصونها من اغتصاب الماضي...احرص على بقاء النسيان فينتابني الخوف من نسيان النسيان..
مر زمن طويل على نكبة سخرية الأميرة...زمن غير الحجر و البشر...وأنسى الأميرة في من قدم حياته إنقاذا لها من موت محقق...عاشت عاشقة الورد النادر حياتها ببريستيج اجتماعي خاص...إفراط في الأنوثة و تفريط في التواضع...مبالغة في التعالي و بخل أميري...افتخار بأنثوية الحاضر و استشآم لليأس القادم....وكلما حاضت الأميرة دقت الدفوف و أشعلت الشموع و تشامخت زغاريد نون النسوة و واو الجماعة...انه تقليد عميق الرمزية و بليغ الدلالة...ذلك الدم الأحمر الخجول يشهد بشبابية الأميرة و عذريتها الجزئية و خلو رحمها من آثار أخطاء الوجدان و ألغام الغريزة.
وبمجرد انتهاء أيام الحيض وحلول العنفوان على جناب الأميرة...وعودتها لحيويتها المعهودة...أصدر ديوانها بلاغا مفاده أن سموها تعتزم الخروج في نزهة رسمية لأحدى الأدغال التي تبعد قليلا عن القصر...إنها نزهة خاصة بدون بروتوكولات المغادرة ودون مرافقة الحرس الخاص....ربما لأن عاشقة الورد كرهت حياة القصر و المراسيم و شدها الشوق للعيش ولو يوما واحدا كانسان مختزل من كل القيم و الأشكال الصورية و الرمزية.
امتطت فرسا أصيلا,كله أخلاق و ألفة,يمشي بخطوات سديدة,تترك حوافره إيقاعا موسيقيا امتزج وصوت الطبيعة الخلابة...و سلطانها تردد ما احتفظت به ذاكرتها من أشعار مدح و غزل طالما سمعتها ممن تجرأ يوما على معاكستها.
وبينما تتفحص بنظراتها الثاقبة أطياف الورود المختلفة...أثار انتباهها تلك الوردة الطوطمية...تعجبت لمظهرها الفريد وبصمة جمالها الخاصة...فرمت بنفسها من هودج الفرس دون أن توقفه.اندفعت بقوة اتجاه الوردة النادرة,تملكها شعور دافئ جعلها تتصوف في أعماق هذه الوردة...استشعرت بامتداد روحها في روحها....وقالت بصوت مرتعش: " أنا عاشقة الورد و عارفة بكل أنساب الورد النادر,لكن لم أتعرف يوما مثيلا لهذه الجوهرة المنعدمة".اقتربت من الوردة بتلذذ شغوف...داعبت أناملها الملساء وريقات الوردة و تفحصت ألوانها.
تناولت الوردة بين أناملها بكل حدق الفتيات الثاقب.ورجعت أدراجها للقصر...وعقلها يكاثر الأسئلة و يناسلها ..من الأسئلة ما يتبقى في ذهنها ومنها ما يتساقط من ورائها تساقط الأوراق الخريفية..دخلت القصر خلسة بعد أن أضاعت جوادها البلاطي...الوردة أنستها الفرس....إنها معادلة العثور و الضياع.
دخلت غرفتها وقدميها يخطوان بهمس.بيت بسيط جدا و فراش عادي و شعبي...ما خلت هذه البساطة يوما...ولجت مهدها الذي تحف به ثلاث شموع غريبة الشكل و الإضاءة...شموع تضيء دون أن تنصهر... إضاءة دائمة و انصهار مستحيل...........وسؤال جوهر تلك الوردة يسبب لسموها حيرة خانقة....تنطق باليونانية كلاما فهمته كثيرا ترجمته بالريفية
كما يلي :
min ta3na tanawata…arabi offfff..adabohryagh mara osnagh lhakika nas.tanawata shossagh zays achakhmi snakht atas..nattad dijan haja todfayi gor ino..ja snakht kbar ma ad ghakagh di lfayadan..oghani wadagh dakira ino ocha togh tawardita…nach othatsagh cha jirata hta asnagh tawardita…nach tawtant kanayi lfalsafa omara nach dassah dalfalsafa walah hama snagh minta3na lhakika natnawwata…. Akidi tchom3at ntosna dchom3at nalwojoud tchom3at nal akhlak….nach dalfalsafa ghayi 27 njakron todat ino sa3dight takmar di tosna d tazot gha lhakika………………
وبعد عميق فحص و سديد نظر اكتشفت الأميرة / الفلسفة حقيقة الوردة التي روحها
ترجع لواحد من عشاقها...والتي تناسته فترة من الزمن بفعل عوامل خارجية قصدية أفقدتها ذاكرتها...كان همناك داخل القصر من تورط في هذا الفعل الشنيع.........بعد ذلك شرعت في استرسال سيرتها التراجيدية........................................................,انا اسمع كلامها بعميق تبصر ونقد...لعلي أجد فيه المفارق و المناقض و الدوغمائي....لم أجد كل هذا فصدقتها في كلامها الذي يرتعش بسلطان الصمود و جبروت الرفض لكل محاولات التغريب.
عزيزي القارئ...أن تعشق الفلسفة فأنت تعشق أنثى دائمة الخضرة و الشبابية...أنثى عجوز في عمرها شابة في انثويتها....أنثى لم تيأس ولن تيأس لأنها أبدا لن تصل سن اليأس.جرب حبك للفلسفة لتعيش أجمل سيرة حب...حب الحكمة..غرام الفلسفة...الساعة الرابعة صباحا...نفذت تعبئة كلماتي دون أن أحيي الفلسفة أنبل تحية و أخلصها.
اللتمة لاحقا ...لاحقا.... أو بالأحرى للقارئ الكريم حق إتمامها...لأن الكاتب الذي يختم عمله هو الواقع في النزعة الأنوية..حاول إذن إتمامها بما يجيد عليك عقلك من أفكار و قضايا تنصب في حقل الفلسفة باعتبارها نموذجا للأنثوية.

                                        بقلم جمال الدين البعزاوي

                                      أستاذ الفلسفة بنيابة الحسيمة

                                        jamal_philo@hotmail.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !