يقال ان المستفيد الاكبر من الجريمة يكون هو المشتبه به الاول لارتكابها , ولا ارى مستفيدا واحدا من جريمة اغتيال رفيق الحريري رحمه الله اكثر من اسرائيل وبخطة شيطانية لا يجرأ ابليس نفسه على التفكير بها , وذلك لانها كانت ستشعل حروبا ( وهذه هواية اليهود المفضلة منذ القدم كما يخبرنا الله جل جلاله ) في لبنان والمنطقة يقتل فيها مئات الالوف من اللبنانيين والعرب تشغل بها المقاومين لها بالخائفين منها والمحبين لها . ففي اخر الامر كلهم عرب قد حض يهوه على قتلهم . ولكن ذكاء وحكمة اللبنانيين فوتت عليهم هذه الفرصة والحمد لله .
ولقد اخرجت اسرائيل بهذه الخطة سوريا ( الخاسر الاكبر ) من لبنان وحرضت العالم على عزلها ومعاقبتها وها هي تبدأ محاكمة النظام السوري ولن ينتهوا عنه حتى ينتهي . وبذلك تكون اسرائيل قد تخلصت من ضلعين من محور الشر ( كما تسميه امريكا ) المساند للقوى المقاومة لوجودها . الضلع الاول نظام صدام والثاني نظام الاسد , وهكذا تفرغت لايران الضلع الثالث والاخطر من محور الشر .
واللذي يحير في مسألة تحريض اسرائيل لامريكا والغرب على ايران انها مسألة بسيطة جدا ولا تحتاج الى جهد كبير ومع ذلك امتنعت امريكا عن مهاجمة اوحصار ايران على الاقل مثل ما فعلت مع العراق .
ففي حالة العراق احتاجت امريكا الى حصاره ( وليس النظام ) لثلاثة عشر سنة اضافية بعد تحرير الكويت تحاول خلالها جمع تحالف يساندها على احتلاله والتخلص من صدام نهائيا واجتهدت بتلفيق التهم والادلة حول امتلاكه اسلحة دمار شامل وارتباطه بالقاعدة واحداث سبتمبر حتى اذا عجزت قامت باحتلاله دون غطاء شرعي .
وفي حالة سوريا لم تستطع اسرائيل اقناع احد على ممارسة ضغط حقيقي يخرج سوريا من لبنان حتى تفتق ذهنها عن خطة اغتيال الحريري واتهام سوريا بها .
اما ايران فهي نفسها تعطي اسرائيل كل يوم الف حجة لتحريض الولايات المتحدة والغرب عليها , واللتي يعتبرها الغرب اصلا عدو طبيعي منذ ان قامت الثورة الاسلامية فيها واسقطت الشاه صديق الغرب الوفي .
فايران تحرض على نفسها عندما يصرح مسؤولوها منذ سنين بأنهم يملكون مفاعلات نووية , ويعرضون صور مفاعلاتهم من الخارج ومن الداخل ويحتفلون كل يوم امام الكاميرات بأفتتاح منشآت نووية جديدة وتعلن على لسان اغا زادة بأن عدد اجهزة الطرد المركزي اللتي اصبحت تمتلكها ايران بلغ 6000 جهاز ,وحتى منظمة الطاقة العالمية وعلى عكس تقاريرها عن العراق جائت تقارير البرادعي بمعلومات مؤكدة مفادها ان ايران قد خزنت اكثر من 1010 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب يقول الخبراء انها كافية لصنع قنبلة نووية .
ويحرض الايرانيون على انفسهم بانهم يعرضون قدرتهم على غزو الفضاء بصوارخ قادرة على حمل رؤوس نووية والوصول الى اكثر دول العالم وبأعلانهم على لسان قائد الحرس الثوري ان الدفاعات الصاروخية لايران تستطيع الوصول الى كل اراضي الكيان الصهيوني .
ويحرض الايرانيون على انفسهم باعلانهم كل يوم مساندتهم لحزب الله وحماس والمقاومة العراقية وكل من يريد مهاجمة اسرائيل والامريكان في المنطقة والعالم .
ثم هل تحتاج الولايات المتحدة لكل هذا التحريض لمهاجمة ايران وهي تعرف جيدا انها والتحالف اللذي معها ما كانت لتخسر اكثر من ثمانية الاف فرد من قواتها ما بين عسكري ومدني ومرتزق لولا المساندة الايرانية لمن يقتلهم . الا يصرح الامريكان كل يوم بان ايران تتدخل في سياسة الحكومة العراقية عن طريق الاحزاب الموالية لها . الا يصرح المسؤولون الايرانيون كل يوم بان اسرائيل لاحق لها في الوجود . الا يهدد الايرانيون حلفاء امريكا من العرب بتصريحات مثل البحرين في الاصل محافظة ايرانية ؟ .
اما الأنظمة العربية صديقة امريكا فقد اصبحت في وضع لاتحسد عليه منذ ان اثبت حزب الله صديق ايران ( وليس الموالي ) بأن قوة صغيرة مؤمنة بالله بامكانها الوقوف بوجه اعتى الة عسكرية متطورة مما اثار شعوب المنطقة ضدها . وبالتالي انضمت الى طابور المحرضين لامريكا على التخلص من النظام الايراني . بل ان هذه الانظمة اصبحت الاشد تحريضا على ايران من اي جهة اخرى اكثر حتى من اسرائيل , واخذت تحرض حتى رجال الدين ووعاظ السلاطين على تكفير الشيعة واتهامهم بالموالاة لايران وتنفيذ اجنداتها اينما كانوا . واخذت تغلق سفارات ايران في عواصمها وتمنع دخول الايرانيين الى اراضيها .
كل هذا التحريض لم يقنع ادارة بوش الابن اليمينية المتطرفة اللتي تصف حروبها على العرب بالصليبية بتوجيه ولو ضربة صاروخية بسيطة على هدف ايراني واحد . ولم تفعل ذلك حتى عندما اهانت ايران التحالف باسرها جنودا وظباطا بريطانيين لعدة ايام بينما كانت ادارة كلنتون تضرب الف هدف عراقي لمجرد تصريح اجوف لصدام حسين .
بل ان الولايات المتحدة ومنذ ايام وفي منظر عجيب اثبتت للجميع انها ليست مستعدة الان ابدا لمعاقبة ايران بعقوبات مؤثرة ناهيك عن مهاجمتها , صرح قبل اسبوعين تقريبا مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة بأن لدى ايران ما يكفي من الوقود النووي لصنع القنبلة النووية . الا ان وزير الدفاع الامريكي سارع بعد ساعات الى نفي امتلاك ايران القدرة على صنعها . فلماذا يكذب وزير الدفاع قائد جيشه ويسكته ياترى ؟ . ولماذا تصر ادارة اوباما على التفاوض مع ايران واشراكها في مؤتمرات تخص العراق وافغانستان ؟ . الجواب على هذا السؤال بسيط , وهو ان الولايات المتحدة دولة مؤسسات لاتقوم حكومتها بمهاجمة احد بدون دراسات وخطط ونقاشات يشترك فيها مسؤولون وخبراء من كل نوع وبموافقة السلطات التشريعية ممثلة الشعب . هذا اللذي منع امريكا الدولة العظمى عن مهاجمة ايران . فهي تعرف بحسابات الورقة والقلم ان الخسارة بمهاجمة ايران اكبر بكثير من الارباح . امريكا اللتي لايشك احد انها اقوى باضعاف من ايران تمتنع عن مهاجمة ايران بينما تصرخ حكوماتنا اللتي لاتحسب ولا تقرا ولا تكتب ولا تعرف شيئا اهم من بقائها وتصرخ معها الكثير من الاصوات الوصولية اللتي تسمي نفسها بالمثقفة وغيرالمثقفة مطالبة بالتخلص من ايران مما قد يجر المنطقة لحرب تحرق الاخضر واليابس الخاسر الاكبر فيها سيكون نحن العرب . فكفى ايها العرب واحتكموا للعقل يرحمكم الله .
التعليقات (0)