كفن لكل مواطن.
قرأت على موقع " الجزيرة نت " هذا الصباح خبرا عن المساعدات التي تتوصل بها الجهات المسؤولة في قطاع غزة. و ما يثير الإستغراب في الموضوع هو وصول أدوية فاسدة بالإضافة إلى أكفان للأطفال كجزء من المساعدات.
هي حقا مفارقة غريبة. فالمساعدة في التداول العام هي دائما تعبير عن الإقبال على الحياة و التشبث بها. و عندما يقدم أحدنا المساعدة للآخرين يتملكه إحساس جميل لأنه ساهم بما يقدر عليه في زرع البسمة و الأمل في نفوس هؤلاء. هذه الحمولة الإيجابية لفكرة المساعدة تجعلها سلوكا إنسانيا يحتفل بالحياة، و يقدس الإنسان في كل مكان. لذلك تحضر " غزة " في هذه المرحلة كقبلة تستصرخ الضمير العالمي، و تستحق تظافر جهود الجميع من أجل إنقاذ شعب بأكمله يئن تحت نير الظلم و يدفع ثمن الإستهتار بالكرامة البشرية...لذلك استجابت عدد من الدول و المنظمات الإنسانية لنداء الواجب، فأرسلت مساعداتها لسكان غزة المحاصرين في إشارة إلى التضامن الدولي مع قضيتهم العادلة. لكن إرسال أكفان لأطفال فلسطين يحمل دلالة خاصة في ظل الهوان العربي المطبق.
قد نستهجن جميعا هذه الخطوة( الإستفزازية) حتى و لو كانت صادرة عن حسن نية. و نحن نعرف أن أطفال غزة يحتاجون إلى الطعام و الحليب من أجل الحياة. لكنها لا تخلو من واقعية و رمزية أيضا. و يبدو أن المسألة لا تتعلق بالموت العضوي الذي يعتبر النهاية الحتمية لكل حياة، بل تتعداه إلى موت من نوع آخر. نعم قد يحتاج أطفال غزة إلى مزيد من الأكفان في انتظار جنون الآلة العسكرية الصهيونية التي لا تعرف خطوطا حمراء. غير أن هذه الأكفان تستحق و جهة أخرى، إنها تستحق أن تخصص للنظام الرسمي العربي الذي لا يتقن إلا لغة البيانات الخطابية التي لا تسمن و لا تغني من جوع. ومن تم فإرسال هذه الأكفان هو مساعدة ضلت طريقها و توجهت إلى من لا يستحقها...
و في ظل هذا العجز لن تكفي أثواب الدنيا كلها لصنع أكفان للجميع، لأن الطلب كبير جدا. فالحاجة ماسة في هذه المرحلة إلى كفن لكل مواطن. محمد مغوتي.21/07/2010.
التعليقات (0)