الجميع يتسائل عما ستؤول اليه الأوضاع في مصر بعد أن فر فرعونها الى غير رجعة .
المهتمين بالديموقراطية يبحثون بتركيز فيما قاله جنرالات الجيش المصري حتى الآن ، علهم يستشفون نواياهم تجاه السلطة اللتي لها سحر لا يقاوم .
السياسيون يحاولون توقع شكل النظام القادم ، أهو رئاسي أم وزاري ؟ ، وكيف سيختار الشعب حكومته ؟ ، باقتراع مباشر أم عن طريق نوابه .
الفضائيات والصحف الغربية تحلل وتتسائل عما ستؤول أليه مصالحهم في المنطقة بعد رحيل الصديق والحليف العتيد . وهل سيركب الأخوان كرسي السلطة ؟ .
والصهاينة يترقبون مصير معاهدة الأستسلام اللتي وقعها معهم السادات ، وصانها حسني ، وصان حدودهم الجنوبية معها لثلاثين عاما من بعده .
والفلسطينيون ينتظرون هم أيضا اختهم الكبرى اللتي باعت قضيتهم منذ ثلاث وثلاثين عاماً ، علها تعينهم من جديد على ما أبتلاهم به الغرب من تقتيل وتهجير ونهب على يد الصهاينة اللذين ضاق بهم ذرعاً ، فلم يجد غير ارضهم ليتخلص منهم فيها .
والشعوب العربية اللتي تنتظر بفرح واعجاب أختيهما مصر وتونس ، لتعرف نهاية قصة الثورة هنا وهناك ، وليطمأن قلبها الى مستقبل ثوراتها اللتي بدأتها بالفعل وأن على مهل .
وفراعين العرب هم أيضاً يترقبون ويبحثون ويتسائلون عن أسباب سقوط كبيرهم اللذي علمهم القمع والبطش والأرتهان للغرب ، علهم يتجنبون مصيره اللذي ينتظرهم .
المحللين في الفضائيات العربية والأجنبية يتسائلون عن الرئيس القادم من هو ؟ . عسكري أم مدني ؟ ، البرادعي أم فضيلة المرشد أم عمر موسى أم أيمن نور ؟ ، أم تراه غنيم أو أحد شباب 25 يناير؟ .
جلسنا أنا وزوجتي نستمع بفرح ممزوج بالأعجاب الى الأغاني الوطنية اللتي يبثها التلفزيون المصري بعد أن تأكد فرار الطاغية أمام أرادة الشعب ، ولم تتمالك زوجتي دموعها حينما سمعت عبد الحليم وشادية وصباح وهم ينشدون " وطني حبيبي وطني الأكبر " ، فأذا بدمعتين تفلتان مني أنا أيضاً وأنا أرى صور شعبنا المصري وهو يخرج الى الشوارع بفرح عارم . ورحت اتسائل انا ايضا ، هل ستعود مصر أختاً كبرى لنا نحن العرب والمسلمين بعد أن تغربت لثلاث وثلاثين عاماً ؟ .
ألا أني فجأةً وأنا اشاهد مناظر أحتفال المصريين الرائعه ، وأسمع الأناشيد الجميلة اللتي ذكرتنا بزمن المجد والكرامة اللتين أضاعهما فراعين العرب الخانعين ، وجدت نفسي أتذكر مشاهد المساجين الأبرياء في الأفلام العربية وهم يخرجون من سجنهم وسط الطبل والمزمار وجموع المهللين والراقصين ، والجميع يقول للسجين البريء كفارة يابطل ، والبطل يضحك ويفرح مع اهل الحته دون أن يفكر بغده وما سيفعل به .
فرحت أصيح بصوت سمعه كل من في البيت ، نعم . نعم يا ايها الشعب العظيم ، أترك المتسائلين في حيرتهم ، وعش انت لحظتك التأريخية هذه بكل تفاصيلها الدقيقة .
نعم أحبتي في مصر ، أتركوا عنكم كل هذه الأسئلة ، أتركوا التفكير فيمن سيرأسكم غداً ، أتركوا القلق على ما ستؤول أليه الأمور غداً ، أتركوا غداً نفسه .
أفرحوا ، أصرخوا ، ألعبوا ، غنوا ، أهتفوا ، صلوا لشهدائكم وترحموا عليهم ، وأشكروا الله لنصركم .
هذا يومكم ، هذه ثمرة صبركم وتضحياتكم ، هذه فرحتكم اللتي أنتظرتموها طويلاً ، فأحتضونها كما تحتضن الأم طفلها الرضيع ، وأتركوا باقي شعوب الأرض تفكر بالغد وهمومه .
أما أنتم أيها المصريين الصابرين ، يامن فعلتم المستحيل وحطمتم صنما قاسياً محمياً بآلاف الجنود من العرب والعجم ، يامن اثبتم بأنكم رجال في زمن عزَّ فيه الرجال ، فمن حقكم ان تعيشوا لحظة الأنتصار هذه ، فعيشوها يرعاكم الله ، كما عاشها أشقائنا في تونس من قبلكم .
وكفارة يامصر .
التعليقات (0)