الفساد لدينا يعاني من انفصام في الفساد فبعد مرور أكثر من أسبوعين على كارثة تسونامي جدهـ مازالت الصحافة المحلية تتسابق لنشر قيمة الخسائر في الممتلكات والمبالغ التي ستعوض هذه الخسائر وكلها بالمليارات.. كما هي العادة التي جرت في وطني.. ومن الأخبار المضحكة ما نُشر بتاريخ 6 ديسمبر في جريدة الحياة عن نفوق 30 ألف حيوان تجارب في «مركز البحوث» في جامعة الملك عبدا لعزيز, وفي يوم الاثنين 7 ديسمبر نشرت جريدة المدينة خبراً تقول فيه : "دمرت سيول جدة البنى التحتية بجامعة الملك عبد العزيز كما تسببت في وفاة أكثر من 60 ألف حيوان, وبالأمس نشرت صحيفة الوطن خبراً مفاده أن خسائر جامعة الملك عبدالعزيز بلغت مليار و600 مليون ريال سعودي (427 مليون دولار أمريكي)!!
كل الشواهد اليوم تؤكد بكل وضوح وصراحة أن الفساد وصل إلى مراحل متقدمة والحق الضرر بالبلاد والعباد فـ الفساد ليس في جدهـ فقط بل هو سرطان أستشري يحتاج إلى بتر, وملفات الفساد كثيرة والبحث عنها لن يأخذ وقتاً طويلاً ولا مجهوداً كبيراً لسبب بسيط جداً هو أننا ( كلنا نعلم ), فنتمنى نحن كمواطنين من خادم الحرمين الشريفين الذي كان تصريحه بمثابة ضربة قوية لهؤلاء الضالين وبلسماً للمواطنين المساكين الذي وجدوا فيها احتراما لعقولهم ولكيانهم وإنسانيتهم وتعاطفاً معهم وإيماناً منه وتأكيداً على الواقع بأن الفساد لم يعد يخفى على أحد, ولابد أن يعاقب كل من أنعدم ضميرهـ وأن يقال كل من أستغل مكانته وأن يحاسب كل من سرق من أموال الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر وأن يسن قانون ( من أين لكـ هذا ؟)
وما تفعيل نظام محاكمة الوزراء إلا دليل واضح وصريح على أن أبو متعب لن يرضى علينا نحن أبناء الوطن هذا القهر, فيا والدي لا نريد لجان فقط نريد قانون وعقوبات تقع على المتسببين أياً كان منصبهم وأياً كانت مكانتهم فقط .
لطالما تساءلنا لماذا نحن الدولة الوحيدة في العالم التي لا تحاكم وزيراً ولا مسئولاً ولا قاضياً أمام الجميع مثل دول العالم كله على الرغم من أننا دائماً ما نردد شعارنا المعروف بأننا الدولة الوحيدة التي تطبق شرع الله, كما أننا نحن الدولة الوحيدة في العالم التي تصرف مليارات على التعليم والتعليم لا يتطور, وتصرف المليارات على وزارة الصحة ولانجد تحسن في الخدمات, وتصرف مليارات على القضاء وعندما نذهب إلى المحاكم نبتسم من سوء الخدمات وتهالك المباني وسلطة القضاة, وتخصص مليارات للصرف على الاتصالات وتقنية المعلومات ونحن بمجرد تساقط زخات المطر تنقطع ادينا الاتصالات وتتعثر المكالمات, ونحن الدولة الوحيدة التي تعتمد مشاريع جديدة للطرق والمواني والخطوط الحديدية والمطارات والخدمات البريدية في كل عام ولا نجد أي تغيير فقطارنا الوحيد لا زال يتعثر ويصطدم بالإبل والجمال ومطاراتنا تتفاخر في موسم الأمطار بعدد العبوات البلاستيكية ( السطول ) التي تضعها حتى تحتضن زخات المطر .. ونحن كذلك من تصرف حكومتنا مليارات على الأمانات والبلديات وما كارثة جدهـ إلا خير شاهد على الفساد الذي ينخر أمن هذه البلاد. وكذلك نحن الدولة الوحيدة في العالم التي يهب شيوخها ودعاتها ووعاظها للوم المواطنين والنساء والأطفال على كل الكوارث التي تصيب البلاد وفي المقابل لا يجرؤ أحد منهم على لوم مسئول أياً كان منصبه ..
أخيراً ..
بمناسبة هذه الكارثة وددت لو أخبرتك يا وطني بأن من فقدتهم ليسوا ضحايا السيول وممن فقدوا أرواحهم فقط .. بل هم أكثر بكثير إلى حد يصعب عليك سداده, فليتك يا وطني تبحث عما يستحق البحث عنه ألا وهو ما ضاع وانكسر في قلوب الكثيرين من أبنائك بهذا المصاب, ليتك تعلم كم نحبك ونرثى لحالك.. واليوم نحن بـ حاجة ملحة إلى أن نعلم هل أنت تحبنا أم أنها أحلام جرفتها السيول ..
خلود صالح الفهد
http://www.news-sa.com/saudies/79-20...-08-02-44.html
التعليقات (0)