كشمير تلبسني / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.................
زِئْبقٌ في عُيونِ المنْفَى / وَأَنتِ وَجْهي حِينَ يَنصهرُ المساءُ / في حماقاتِ الهديلِ أيَّامَ شَبابه / دَفاترُ اليَتيماتِ مِن صُوفِ النِّعاجِ / والشُّوكولاتةُ تَنصهرُ عَلى زُجاجاتِ العِطْرِ / هِيَ صَباحٌ كَشميرُ أو دَمُ المجرَّة / أُحِبُّ الشِّعْرَ لأَكْرَهَ السَّلاطين / وأتوقَّعَ خِياناتِ الشَّاطئِ الهارِبِ / أُسَمِّي عَظماتي بَأسماءِ تِلالكِ / وَأَنظرُ في مَرايا عَيْنَيْكِ كَي أُصَفِّفَ شَعْري / وأُرتِّبَ ثِيابَ القِتالِ المغسولةَ / وأُجَهِّزَ التَّوابلَ للقَتلى القَادمين مِن الشَّفقِ/ ذَاكِرتي حَجَرٌ أَنقى مِن الأحجارِ الكَريمةِ/ فَاذْكُرِيني طِفْلاً بَاكياً بَينَ رُومانسيةِ الغُموضِ وَغُموضِ الجثثِ الضَّوْئيةِ /
أَنتِ عُشِّي / وَأنا الصَّقْرُ الذي يَنْهَشُني عِشْقُكِ / كُنتُ مُتعَباً مِن الإِبحارِ في ضَفائرِكِ / فَحَمَلْتُ جُثَّتي عَلى ظَهْري المشقَّقِ / وَتَنَقَّلْتُ في حِنَّاءِ كَفَّيْكِ الناعمتَيْن / شَرِيدٌ لَحْنُ وَريدِكِ / وأنا شَرِيدٌ / كَأَنَّ الرُّفاتَ على شَفِتي بُركانٌ وَحِيد /
مُشْتاقاً إِلى نَسيمِ نَبَضاتكِ الممْلوكةِ/ حَاصِريني بالقُبُلاتِ العَابرةِ / تلتصقُ يَدَانا / وَيَنْسابُ رَمْلُ البحرِ بَيْنهما / وَبِرَكُ السِّباحةِ في دِمَاءِ الشُّهداءِ / سَرَقَت حِصَّتنا مِن حُزْنِ الأنهارِ /
عِشْتُ مَوْتي في الشَّرايينِ اليابسةِ / كَمَوْجَةٍ تَبْحثُ عَن جُثةٍ تتناولُ العَشاءَ في عُرْسِها/ هَشَّمَ رَبيعُ الأشلاءِ بَراويزَ لقائنا/ فَصِرْتُ بَعْدَكِ بِرْوازاً لِتِذْكاراتِ السُّنونو/ هَل رَأيتِ أجفاني خارجةً مِن إِشبيلية في السَّحَر ؟ / جُثةُ فَتاةٍ في بِئْرِ التاريخِ / مَثَّلَ بها المساءُ الضَّيقُ / أَحزانُ الطريقِ مَخَدَّةٌ للعَرائسِ في الكنيسةِ / الدَّمْعاتُ شَجَرتي اليتيمةُ/ وجُروحي أحصنةُ المنبوذين/ وَضَرَبَ الصَّمْتَ البنفسجيَّ الحقولُ المنْكَسِرةُ / فَلْتَكُن ثِيابُ الحِدَاد جَاهِزةً عَلى حَبْلِ الغَسيلِ /
حُموضةُ الذِّكرياتِ على فَأْسِ الوَداعِ / أَسْتَلُّ مِن لَحْمِ القَمرِ قِطْعةً / وَيُشْرِقُ الحطبُ في جَبينِ يَمامةٍ / وَيَأْسِرُني شَوْقٌ إِلى شَيْءٍ غَامِضٍ/ الأمسُ المسْتَقْبَلِيُّ / وَالرِّيحُ الجريحةُ تَصْرَعُ اسْمَها / كَيْفَ مَشَتْ حِيطانُ السِّجْنِ إِلى مَناديلِ الصَّبايا ؟ /
أُنادي عَلى الشَّوارعِ القَتيلةِ / فارغةٌ أَنتِ إِلا مِن الضَّحايا والعَصافيرِ / وَغَابَت الحقولُ عَن مُؤتمرِ الصُّلْحِ بَيْنَ السَّرابِ والضَّبابِ / أَدُورُ عَلى أَبوابِ الأراملِ المذْبوحاتِ / تَصْعَقُ جِسْمي قَناديلُ الصَّحراءِ / والشَّفقُ يُنْزِلُ دَلْواً ممتلئاً بِسُعالي إِلى قَاعِ أحزاني / وَالنَّارُ لا تَعْلَمُ أَنَّ جَنينَ الرَّمادِ سَيَقْتُلها .
التعليقات (0)