مواضيع اليوم

كشمير تلبسني ( قصيدة للشاعر- إبراهيم أبو عواد )

إبراهيم أبو عواد

2014-05-28 22:37:28

0

كشمير تلبسني / قصيدة

 

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد 

 

.................

 

 

     رَائحةُ المطرِ تَغْلي في عِظامي / يا نَشيداً أَقْوى مِن ضَوْءِ الرَّحيلِ / وَأَجْمَلَ مِن رَقصةِ الخريفِ على جَبينِ الرُّمْحِ/ كَشْميرُ يَاقوتةٌ في كَفِّ النَّهْرِ/ وِشاحُكِ يُغْرِقُني في إِيقاعات السِّكين / يَا لَكِ مِن زُمُرُّدةٍ حَمْراءَ أبراجاً ! / قُتِلْتِ ألفَ مَرَّةٍ وَمَا زِلْتِ تَمْشين / جَدِّفي في شَهيقي حتى فلسطين / لأني سَأُغنِّيكِ فَجْراً للعَواصفِ / وَأَنتِ سُلالةُ أقمارٍ / حُذِفَ الاغتصابُ مِن قَاموسها / تَوَضَّئي بِمَاءِ عُيوني المقْذُوفَتَيْن في غَاباتكِ / قَالَت: (( دَعْنا نَتَيَمَّمْ وَنُصَلِّ رَكْعَتَيْن )) / وَرَكِبْنا أشرعةَ الضَّبابِ / كَانَت جَدائلُكِ تَرتفعُ عَلى الحواجزِ الأمنيةِ عِنْدَ نَخيلِ الغروبِ / أتخيَّلُ جِلْدي كَشْميرَ / وَكَشْميرُ هِيَ أنا في رَعْشةِ الجهاتِ /

     يَوْمَ أضاءَ حِجَابُكِ في دُنيا القَمرِ/ كَانَ الناسُ سَلَّمُوا مَفَاتيحَ عُيونهم للنُّعاس / لَكِنِّي انتظرْتُكِ لآخُذَ عِن خُدودكِ أنهارَ السَّفَر/ رَكَضْنا في حَدائقِ المِشْنقةِ / لأنَّ التَّعبَ زَرَعَ رُموشَنا عَلى سُطوحِ القِطاراتِ / أَنْفُكِ يُشْبِهُ أَنْفِي / لَمْ يَبْقَ إِلا وَجْهان طَرِيَّان / بَنى الصَّخَبُ بَيْنهما سُوراً مِن الفَراشاتِ الرَّافضةِ /

     زِئْبقٌ في عُيونِ المنْفَى / وَأَنتِ وَجْهي حِينَ يَنصهرُ المساءُ / في حماقاتِ الهديلِ أيَّامَ شَبابه / دَفاترُ اليَتيماتِ مِن صُوفِ النِّعاجِ / والشُّوكولاتةُ تَنصهرُ عَلى زُجاجاتِ العِطْرِ / هِيَ صَباحٌ كَشميرُ أو دَمُ المجرَّة / أُحِبُّ الشِّعْرَ لأَكْرَهَ السَّلاطين / وأتوقَّعَ خِياناتِ الشَّاطئِ الهارِبِ / أُسَمِّي عَظماتي بَأسماءِ تِلالكِ / وَأَنظرُ في مَرايا عَيْنَيْكِ كَي أُصَفِّفَ شَعْري / وأُرتِّبَ ثِيابَ القِتالِ المغسولةَ / وأُجَهِّزَ التَّوابلَ للقَتلى القَادمين مِن الشَّفقِ/ ذَاكِرتي حَجَرٌ أَنقى مِن الأحجارِ الكَريمةِ/ فَاذْكُرِيني طِفْلاً بَاكياً بَينَ رُومانسيةِ الغُموضِ وَغُموضِ الجثثِ الضَّوْئيةِ / 

     أَنتِ عُشِّي / وَأنا الصَّقْرُ الذي يَنْهَشُني عِشْقُكِ / كُنتُ مُتعَباً مِن الإِبحارِ في ضَفائرِكِ / فَحَمَلْتُ جُثَّتي عَلى ظَهْري المشقَّقِ / وَتَنَقَّلْتُ في حِنَّاءِ كَفَّيْكِ الناعمتَيْن / شَرِيدٌ لَحْنُ وَريدِكِ / وأنا شَرِيدٌ / كَأَنَّ الرُّفاتَ على شَفِتي بُركانٌ وَحِيد /  

     مُشْتاقاً إِلى نَسيمِ نَبَضاتكِ الممْلوكةِ/ حَاصِريني بالقُبُلاتِ العَابرةِ / تلتصقُ يَدَانا / وَيَنْسابُ رَمْلُ البحرِ بَيْنهما / وَبِرَكُ السِّباحةِ في دِمَاءِ الشُّهداءِ / سَرَقَت حِصَّتنا مِن حُزْنِ الأنهارِ /  

     عِشْتُ مَوْتي في الشَّرايينِ اليابسةِ  / كَمَوْجَةٍ تَبْحثُ عَن جُثةٍ تتناولُ العَشاءَ في عُرْسِها/ هَشَّمَ رَبيعُ الأشلاءِ بَراويزَ لقائنا/ فَصِرْتُ بَعْدَكِ بِرْوازاً لِتِذْكاراتِ السُّنونو/ هَل رَأيتِ أجفاني خارجةً مِن إِشبيلية في السَّحَر ؟ / جُثةُ فَتاةٍ في بِئْرِ التاريخِ / مَثَّلَ بها المساءُ الضَّيقُ / أَحزانُ الطريقِ مَخَدَّةٌ للعَرائسِ في الكنيسةِ / الدَّمْعاتُ شَجَرتي اليتيمةُ/ وجُروحي أحصنةُ المنبوذين/ وَضَرَبَ الصَّمْتَ البنفسجيَّ الحقولُ المنْكَسِرةُ / فَلْتَكُن ثِيابُ الحِدَاد جَاهِزةً عَلى حَبْلِ الغَسيلِ /

     حُموضةُ الذِّكرياتِ على فَأْسِ الوَداعِ / أَسْتَلُّ مِن لَحْمِ القَمرِ قِطْعةً / وَيُشْرِقُ الحطبُ في جَبينِ يَمامةٍ / وَيَأْسِرُني شَوْقٌ إِلى شَيْءٍ غَامِضٍ/ الأمسُ المسْتَقْبَلِيُّ / وَالرِّيحُ الجريحةُ تَصْرَعُ اسْمَها / كَيْفَ مَشَتْ حِيطانُ السِّجْنِ إِلى مَناديلِ الصَّبايا ؟ / 

     أُنادي عَلى الشَّوارعِ القَتيلةِ / فارغةٌ أَنتِ إِلا مِن الضَّحايا والعَصافيرِ / وَغَابَت الحقولُ عَن مُؤتمرِ الصُّلْحِ بَيْنَ السَّرابِ والضَّبابِ / أَدُورُ عَلى أَبوابِ الأراملِ المذْبوحاتِ / تَصْعَقُ جِسْمي قَناديلُ الصَّحراءِ / والشَّفقُ يُنْزِلُ دَلْواً ممتلئاً بِسُعالي إِلى قَاعِ أحزاني / وَالنَّارُ لا تَعْلَمُ أَنَّ جَنينَ الرَّمادِ سَيَقْتُلها .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !