كريسماس جولي شيك
في مشهدِ سريالي قل أن تجد له مثيلاً ينصِبُ العرب شجرة عيد الميلاد بالطرقات وبداخل الأسواق فرحين بما يرونه صحيحاً وانسانياً، الإحتفال بعيد الميلاد يأتي ضمن سياق التسامح الذي يعيشه المثقف العربي وينادي به ويتلقفه بسطاء القوم ويحولونه لمشاريع فرح والظهور بمظهر المُتحضر ، المثقف العربي يتسامح مع كل شيء إلا مع ابناء جلدته فتسامحه منقوص كحالته المنكوسه، بعيداً عن المثالية نحنُ أمة عربية مسلمة لديها تاريخ وهويه لكننا بدأنا ننتحر حضارياً فعلى ذمة أرنولد توينبي المؤرخ العظيم فإن الحضارة "حركة وليست حالة " وأن الحضارة تنتحر على يد أبناءها ولا تُقتل " أي بمعنى أن الحضارة لا يقتلها إلا أبناءها بأيديهم المتسامحة والمتصالحة مع الحضارات والثقافات الأخرى..
التطور والتقدم والتسامح والتصالح لا يعني أن نذوب في ثقافات وقيم الآخرين، فالضعيف من يذوب ويتلاشى أما القوي فلا يذوب ومصدر القوة ليس العتاد العسكري بل الامتداد التاريخي والمرتكزات والقيم الحضارية، مشكلتنا أننا نشعر بالضعف ولكي نصبح اقوياء ومتحضرين علينا أن نكون مُقلدين مستهلكين للثقافات الأخرى وكأنها أثاث أو طعام، متجاهلين قيمنا وتاريخنا ومقدساتنا التي تميزنا عن غيرنا من الثقافات الأخرى، لا أعلم أحداً من اتباع الكريسماس الأصليين احتفل بعيد الفطر أو الأضحى، أو شارك المسلمين في صيام يوم واحد على الأقل من باب التسامح، بل يرون تلك العبادات قاسية ولو بيدهم لوضعوا لها مداخل ومخارج، بما أننا متسامحين ونص لا يغضبني خروج فقيه ملتحي حافظ أكثر من كونه فاهم يُبيح ويُجيز المشاركة في ذلك الكريسماس اللطيف خصوصاً وأن لونه أحمر واللون الأحمر علامة على الحيوية والنشاط، ففقهاء اليوم متسامحين متصالحين ارائهم تأتيك وكأنها من جولي شيك ، من حق اتباع الكريسماس الاحتفال ومن حقي ألا أكون تابعاً ولا مُقلداً ولا مُتهماً بالتشدد من قبل التبع الذين فاقوا الشعراء في الهيام وهذا أضعف درجات التسامح ..
التعليقات (0)