مواضيع اليوم

كروان من أرض الرافدين

nadira asous

2010-06-08 23:38:11

0



في البيت عندي بلبل , علما بأنه حر طليق , ولا أضعه في قفص , لأنني لا أستطيع أن أرى طيرا محبوسا , لا سيما إذا كان هذا الطير بلبلا , وللعلم أيضا , أنني كثيرا ما أترك شبابيك البيت مفتوحة  لأترك له حرية الإختيار في أن يبقى أو يرحل, ولكن بلبلي الحبيب , لم يرحل أبدا , بل بقي محافظا على العشرة , ولم يتوقف يوما , عن الغناء الشجي , والذي عودني عليه , طيلة هذه المدة , التي , مازال يقضيها في بيتي , حتى أن الكثيرين , عرضوا علي مبالغ مغرية , كي أبيعه لهم , طمعا بتغريده الجميل ووفائه , ولكن جوابي دائما هو , أرجو عدم الإحراج  , بلبلي ليس للبيع , نعم , فبلبلي له عندي , منزلة كبيرة جدا , إذ لم يفارقني طيلة هذه المدة , مع أنه , حر طليق , فهل من الأخلاق , أن أبيعه , وهو الذي لم يبعني .
أرجو المعذرة , لأني أخذت من وقتكم في التحدث عن بلبلي الحبيب , فهو بلبلي أنا وحدي , ولا يشاركني ببلبلبلته أحد , أما حديثي اليوم , وكم يحلو لي الحديث عنه , ألا وهو ,  بلبل الملايين وليس بلبلي وحدي, وحبيب الملايين وليس حبيبي وحدي , وصاحب الإحساس المرهف , والأخلاق العالية , والأدب الواضح , الذي يلمع , في وجهه , كقرص الشمس , إنه , الفنان الملهم , الموهوب جدا , الراق بأعماله جدا , الناجحة جدا , والتي يتحقق لها النجاح جدا , باختياراته الذكية جدا , والدليل على ذكائه , هو , معرفته , بالأنغام , التي تترك آثارا قوية في نفس المستمع , والتي من الصعب , أن ينساها , فبعد هذه المقدمة , بات من المؤكد , بأنكم قد عرفتم , من هو ذلكم الفنان , الذي أنوي , التحدث عنه , ماذا قلتم ؟ نعم صحيح صحيح , إنه فناننا المحبوب جدا الموهوب جدا , ( كاظم الساهر ) ,فالأستاذ كاظم الساهر, وفي فترة قصيرة من الزمن ,استطاع أن يرسي أساساته , ويرسخها جيدا , في أرض عالم الفن , ويرفع بناءه عليها عاليا , واحتل , أماكن , واسعة , في قلوب الجماهير , وعن جدارة , فألحانه الرقيقة , الرومانسية , المليئة بالحب , هي ترجمة واضحة , عما تجيش به صدورنا , من حب , وعشق , ووله , لقد استطاع هذا الفنان الموهوب , بحنكتة , وذكائه , المتقدين , أن يجعلنا نحلق عاليا , مع كل عمل يقدمه , بل ويؤسرنا , فنصبح رهن اعتقال أغنيته إلى أن تنتهي , وحين تنتهي الأغنية , نجدنا وقد وضعنا أنفسنا رهن الإعتقال بأيدينافي أغنية , وعن طيب خاطر , ودونما سجان يقوم بالمهمة , لنصبح , أسرى , الأغنية من جديد , وهكذا دواليكم , فنبقى على هذه الحال , حتى تسحبنا مهمات الحياة القاسية , فتخرجنا عنوة , من الأسر , الذي استمرأناه , وأحببناه , وارتضيناه لأنفسنا , وبعد انقضاء مهماتنا الحياتية , اليومية , المفروضة علينا , نجدنا , وقد بدأنا بالبحث , عن المعتقل الجميل , لنضع أنفسنا فيه مرة أخرى , لنتلذذ به أطول فترة ممكنة , ونحن نستمع إلى أغان   هذا الفنان الرائع , هذا الفنان الآسر , الساهر ,الذي نستمع إليه ليلا نهارا فقط , وبدون شعور , نجدنا نردد أغانيه على ألسنتنا , وبأصواتنا النشاز, ولكن عذرنا , هو حبنا له , وعشقنا لفنه الراق ,  .

أما إذا تحدثنا عن الشعر , نقول :  هو موهبة , فذة , لا تشتعل إلا عند من قدر لهم اشتعالها على ألسنتهم , ولا تضطرم اشتعالا إلا حين يخطونها شعرا ساحرا بأقلامهم على الورق , ففناننا الكبير , اتجه نحو تلحين , وغناء القصائد , فاستطاع بنبوغه , أن يقدم لنا , عددا كبيرا منها , وكأننا به يقول لنا , لغتنا العربية الفصحى هي الأجمل , فلم ننساها , وهي تسعى بين أيدينا جمالا ورقة , فأخذ القصائد الجميلة  , ليزيدها اشتعالا فوق اشتعالها, فوضعها بأجمل القوالب الموسيقية , فأنتج  لنا منها الروائع , فكانت هذه القصائد , لشعراء أفذاذ طالما أحببناهم وعشقنا وبهرنا بقصائدهم , مثل الشاعر الكبير , الأستاذ نزار قباني , وعلى ما أظن , أن هذا الشاعر الكبير , كان له الحظ الأوفر , باهتمام الفنان , من خلال تلحينه لقصائده وغنائها , وكذلك الشاعر الأستاذ كريم العراقي , والشاعر الأمير , بدر بن عبد المحسن , والشاعر حسن المرواني , وهذا على سبيل المثال , لا الحصر , فهناك آخرين , ممن غنى لهم هذا الفنان الكبير , فكانت النتيجة أن تظافرت الكلمة مع اللحن ليطيرا عاليا , في سماء النغم , لينشرا الطرب الجميل , والفن الأصيل , وبأحلى الجمل اللحنية , وبأبهى الصور الشعرية .

إن الكثير من النقاد , حاولوا , أن ينالوا من فناننا الكبير , فهناك من قال , أنه يقلد الفنانين الكبار , مثل ـ الأستاذ فريد الأطرش , والأستاذ عبد الحليم حافظ , والأستاذ عبد الوهاب , ولكنني كمستمع لهؤلاء العمالقة الكبار , الذين شغلت أعمالهم الدنيا ومنذ نعومة أظفاري, وكغيري , ممن تربوا على أغانيهم , التي كانت تجلجل ليلا نهارا ومازالت , وتملأ أصواتهم , وموسيقاهم  الفضاء والآذان , أقول  , وبرأيي المتواضع , وما أنا بالناقد الهمام , أو بالممتطي صهوة القلم كالكاتب الفارس المقدام , بل كمستمع , يزعم , أنه يجيد الإستماع , ويعرف كيف يختار مجموعاته , الموسيقية , والغنائية 

أقول:

إنني لم أحس في يوم من الأيام , بأن هناك أي تشابه , فيما بين , كاظم الساهر , وأي واحد ممن سبقوه , من العمالقة الكبار , فهم أصحاب مدارس , لا تشبه أي واحدة منها الأخرى , وكذلكم هو الأستاذ كاظم الساهر , فهو صاحب مدرسة , متميزة , قائمة بذاتها , اللهم إلا , في طريقتين فقط , ألا وهما , أن كلا ممن ذكرت , يشتركون بهما , وهي , أنهم جميعهم يغنون ومن ألحانهم , طبعا إلا , الأستاذ عبد الحليم حافظ وأم كلثوم , فقد كانا يغنيان من ألحان غيرهما , إلا أنه يشترك معهم في طريقة واحدة فقط , وهي طريقة الأداء , الأداء المفعم بالإحساسين النادرة , وهو الإحساس الشديد بالكلمة واللحن , الذي قل نظيره في هذه الأيام , وكذلكم أيضا , فناننا الكبير , ملحم بركات , وغيرهم كثير ولكن أكثرهم قد رحلو عنا وأطال بعمر فنانينا الذين على قيد الحياة , ولكن ستكون لنا إن شاء الله وقفات نتحدث فيها عن هؤلاء الكبار , لنفيهم حقوقهم علينا , لأنهم , صبغوا حياتنا , بألوان السعادة , ونحن نستمع إليهم , على مدى عقود من الزمن .

وأخيرا وليس آخرا , أعود وأقول , لأصحاب الأقلام الجارحة , بمناسبة وبغير مناسبة , وجهوا أقلامكم , لتكون معاولا للبناء , ولا تجعلوها معاولا للهدم , فنحن بأمس الحاجة لأن ننطلق بموهوبينا , وهم كثر والحمد لله , وفي كل جانب , من جوانب الحياة , من فن , وغير الفن , لنلحق بمن سبقونا بمراحل كبيرة , ثم علينا أن نحترم موهوبينا , وننزلهم منازلهم , التي يستحقونها وعن جدارة .
فأقول لفناننا الكبير : سر قدما , ولا تلتفت لمن همهم فقط , (( وضع العصي في الدواليب )) , فنحن الذين أحبوك , وأحبوا فنك المتميز , وعبقريتك الموسيقية ,وصوتك الحالم , نشد على يديك , وندعمك بحبنا , وباهتمامنا بك وبكل أعمالك الرائعة , ونحن بانتظار المزيد , والمزيد , من أعمالك , التي تحمل شخصية مميزة عن الآخرين , والتي بدأت ترسم لنا , خارطة طريق الطرب والسعادة , والأصالة , وما تزال , ونقول لك :

استمر في نهجك المميز فنحن نحبك كما أنت , وأطال الله في عمرك أيها الكروان الحالم , وأمدك بالصحة والعافية ,

الكاتب

علاء الصالح

الصورة مقتبسة

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !