مواضيع اليوم

كرري وعدوة واثرهما علي السودان واثيوبيا


بعد نهاية (معركة كرري) وبصمت مدفعية الإنجليز التي حصدت فرسان الدولة المهدية في سهول كرري ،دخل السودان البلاد في مرحلة سياسية جديدة عرفت باسم الحكم الثنائي بين الدولتين اللتين احتلتا البلاد (بريطانيا- مصر)، وعلي نقيض كانت (معركة عدوة) التي دارت رحاها بين الملك منليك والايطلياليين الذين حاولوا ضم إثيوبيا (الحبشة) إلي البلدان التي استعمروها ومني الإيطاليون بهزيمة نكراء غيرت من التاريخ الإثيوبي وجعلت من الحبشة دولة مستقلة لها سيادتها ، وهذا التوصيف السريع هو المفتاح لفهم العلاقات السودانية الإثيوبية في سياقها التاريخي وجعل من إثيوبيا فاعلا أفريقيا في ترسيم حدودها ودفاعها عن أراضيها .
الحدود السودانية الإثيوبية من عام 1885الي1898م:-
في تلك الفترة وصلت إلي سدة الحكم في السودان الثورة المهدية و التي كانت ثورة تقوم علي أسس عقائدية إسلامية اصطدمت بدولة الملك جون المسيحية في الحبشة ، مما خلق نوعا من التوتر علي الحدود اثر المراسلات التي تمت بين الملك جون من جهة والإمام المهدي وخليفتة عبد الله التعايشي (ود تور شين)، ونجم عن الخلاف العقدي والتوجه السياسي للدولتين حروبات قتل فيها الملك جون في معركة القلابات في العام 1896م ،في تلك الفترة كانت الحدود توصفها مقدرة أي من الدولتين (الحبشة والمهدية ) في كسب جولات القتال.
ولقد سارت العلاقات بين الدولة المهدية والحبشة علي مدارين ،المدار الأول وهو الصراع المسلح في منطقة القلابات والذي جاء عقب مشاركة الأحباش في سحب الحاميات المصرية الحدودية وتعيين محمد ود الأرباب عاملا علي القلابات من قبل المهدي أما المدار الثاني المراسلات والخطابات التي تبودلت بين الدولتين وكشفت هذه المراسلات عن الاختلاف العقائدي والفكري بين المهدية والحبشة وتمسك كل طرف بدعوة الطرف الأخر لعقيدته ، علي الرغم من محاولات الملك منليك إقامة حلف عسكري لصد العدوان الأوربي الهادف إلي احتلال البلدين وابتلاع خيراتهما.
بعد هزيمة الأنصار في (كرري) استولي الأحباش علي فازوغلي والروصيرص وجزء كبير من إقليم بني شنقول، ولكن تم الاتفاق بين الملك منليك والإنجليز بموجبة سلم الملك منليك إقليم بني شنقول الغني بالذهب وطلب مدينة المتمة لكونها شهدت مقتل الملك جون وفيها عدد من النصارى الأحباش وسلمه الإنجليز الضفة الشرقية لخور القلابات أو مدينة المتمة وتم الاتفاق علي أن تستأجر بريطانيا محطة قبيلا الإثيوبية طوال الفترة التي تبقي فيها بريطانيا في السودان ، وبموجب ذلك الاتفاق انسحب الملك جون من الروصيرص والقلابات وفازوغلي وتم ترسيم الحدود نهائيا في عام 1907م
الحدود السودانية الإثيوبية من 1902م إلي 1956م
عجل انتصار الملك منليك علي ايطاليا في معركة (عدوا) علي بسط نفوذه وسيطرتة التامه علي أراضية بل فتحت أمامه الفرص ليتوسع علي حساب الأراضي السودانية وأرسل مذكرته المشهور التي أدعي فيها إن الخرطوم أخر حدوده وبالتالي هي من أراضيه ، ولم يكن هذا الادعاء يمر من دون أن تحاول بريطانيا أن تثنيه عن عزمه هذا ، لذلك شرع الإنجليز في الاتصال بالملك منليك والتفاوض معه قبل ان تحتل قواتهم السودان وينهوا حكم ألثوره المهدية ، ففي العام 1896م اعترف الملك منليك لايطاليا باحتلالها لإريتريا ، ودخلت فرنسا حلبة الصراع عبر دعمها العسكري للملك منليك ليسمح باحتلال أعالي النيل مقابل السماح للحبشة بالتوسع غربا علي حساب الأراضي السودانية .
لذلك أوفدت وزارة الخارجية البريطانية بعثة بقيادة (رينيل روود) في عام 1898م للتفاوض مع الملك منليك والاتفاق علي ترسم الحدود بصورة فلكية وذلك لوجود الدولة المهدية التي تسيطر علي اغلب الأراضي السودانية.وكانت الرؤية البريطانية تقوم علي تحديد الحدود بين خطي 10-15 درجة شمال ولا تتجاوزها ويرجع اهتمام بريطانيا بترسيم الحدود في الفترة التي لم يكن لهم وجود في السودان إلي سعيهم لاستمالة ود الملك منليك وإبعاده عن أي تحالف مع الإيطاليين مع وجود قناعة راسخة لديهم إن فترة حكم الثورة المهدية إلي زوال.
ولكن مسار التفاوض الإنجليزي مع الملك منليك اصطدم بحواجز الأطماع التوسعية الحبشية وفضل الإنجليز أن يبقو علي اتصال مع الملك منليك وقرروا فتح قنصلية وتعيين ممثل مقيم في أديس أبابا وتم تعين المستر جون هارجتون ، وقد هارجتون خبير بشئون المنطقة وأوكلت إلية مهمة معالجة مسالة حدود المستعمرات البريطانية في شرق أفريقيا والسودان مع الحبشة .
بريطانيا رسميا أبلغت الملك منليك بأنها ليس لديها أي نوايا باحتلال أي أراضي تابعة للملك منليك ،ولكن لديها الرغبة في استعادة كل الأراضي التابعة للخديوي ، وعقدت عدة اجتماعات بين الملك منليك والمستر هارجتون قدم فيها القنصل البريطاني خريطة للملك جون تضم كل الأراضي التي يروا إنها تابعة لسلطة مصر ائنذاك وفي الاجتماع الثالث ضمت خريطة المستر هارجتون العديد من الأراضي (الحمرة ،القلابات ،دار سوماتي ،دار جيبا ،دار جاموس وبني شنقول) ، إلا أن الملك منليك كان مهتما بإقليم بني شنقول ودار نقاش حوله وتم الاتفاق علي إن يتبع إلي الحبشة مقابل منح بريطانيا حق التنقيب في الذهب مستقبلا ، وكما دار نقاش مستفيض حول مدينة المتمة إذ ذكر الملك منليك إن لديهم عظيم قتل فيها في حربة مع الدراويش وهو الملك جون، كما إن بها عدد من النصارى إذا الحقو بالسودان فأنهم سيتضرروا ثم إن حكومة جلالة الملكة لا تمانع في منح ملك الحبشة قطعة ارض صغيرة مقابلة لمدينة القلابات السودانية وتم الاتفاق علي منحه مدينة المتمة ، وأصبح الفاصل بين المتمة الإثيوبية القلابات السودانية هو خور أبو نخره.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !