كرة كأس العالم بين الرؤوس و الأرجُل!
هي لعبة ... بها رؤوس تُرفع و أرجل تدوس و قد تستخدم الاخيرة في الحالة الاولى ... تدوس العُشب و التراب و البعض يحاول ان يجد انسب طريقة ليرفع رأسه بها و حتى لو كان هذا الشيء بسيطا تافها لا يساوي للقضية او للمونديال شيئا ... انها لعبة كرة القدم و التي تنطلق بنكهة افريقية بعيدا عن كل اشكال القهر و الظلم و الطغيان بل لنسيان الماضي العنصري لبغيض ... و هي بها من اللاعبين ما هو اكثر عددا من الدول العربية (22 او 23) و هي ذاتها تعقد كل اربع سنوات مرة و بعد تصفيات و تنازلات في الشرق و الغرب و في افريقيا و اسيا و هي ذاتها تجمع و تلتقي عليها كل الخلافات سواء اكانت اجتماعية ام سياسية ... هي بين الشر و الخير أحيانا و تحت و بين الارجل أحيانا أخرى و نادرا ما تستخدم الرؤوس بها و التي كثيرا ما تكون فارغة و غير مفكرة و يكون دورها الشجب و الاستنكار او قيام مدافع غلبان بادخال هدف في مرماه ... فالأمة تعبانة كثيرا و مُفلسة و لا تستطيع ان تلعب بحريتها حتى بأقدامها ... و لا يوجد لها هدف بل انها لا توجه هدفها نحو المرمى ... فقط نحو شخص او مدرب او مناور او صاحب دكانة صغيرة لا يوجد عنده ملح او سكر او حتى فحم بسبب الوانها ... هذه اللعبة بها اشياء حلال و اخرى حرام او ممنوعه فالكرة ممنوع ان تلمس او تصافح اليد ... تصافح الايدي و الكرة ممنوعا بل ان من غرابة الحياة الدنيا ان مصافحة الايادي للبنادق مسموحا ... و البعض فضل ان يشارك بها على شاطئ البحر او في عُمقه و البعض الاخر فكر ان يذهب الى جنوب افريقيا ... مهما كان و اينما كان المكان : فالخاسر الاكبر هو ال 200 مليون نسمة و الذين يمثلهم بعض الحُكام و قنوات البث التلفزيوني و بعض الصحفيين ... "فقط 22 لاعبا و 11 فنيا و بضعة رجال امن و شرطة" ... يُمثل العرب فريق الجزائر بينما اوروبا يمثلها اكثر من عشرة دول ... فحتى هنا العدالة غائبة . هل نحن غيبناها بكسولنا و خمولنا و حُبنا للنوم ام دوما العالم الثالث او العاشر هذا نصيبه من تقسيمات قوى الخير و الديمقراطية؟ و لا انسى ان معهم صافرة و لكنها عادية و ليست صافرة انذار!
و ذكرت ما ذكرت كون جنوب افريقيا دولة تحتاج لمزيد من الامن و السلام في مثل هذه المناسبة العالمية و قد حُسم القرار ضد استضافة المغرب للبطولة و التي يُجمع الكُل على انها أصلح حالا ولكن الاهم هو ان تغازل الكرة السياسة و هذا يفرحني عل احد المتفرجين يقول عقبال عندك يا فلسطين !! وهي ذاتها "الكرة" التي كانت في يوم من الايام و حتى اليوم لونيها أسود و أبيض ... اي انها جمعت ما يختلف تحت مسماه ابناء البشرية بعض الاحيان ...
بطولة العالم هذه المرة غريبة عجيبة و سيكون من نجومها اسبانيا و البرازيل و انكلنترا و الارجنتين و لا ننسى هولندا و يا ريت تبقى شاشات الدنيا و العالم مشغولة بهذا الحدث ... و ان تجعل نكهة حزيران و تموز رياضية فقط ... لكن قد لا يروق لاحد هذا و قد يعبث بالامن و السلام في مكان اخر في العالم بحجة و تحت حجة ما و اخشى ان يكون المرمى فلسطينيا او لبنانيا و اذا كان غير ذلك فالامر بسيط و لا يهمنا كثيرا فحالنا شبيه جدا بحال الثيران الثلاثة ... نحن نختلف فقط من سينتهي اولا و ليس من سيبقى و يقاوم ...
كرة القدم هذا العام عادية و بسيطة و ممتعه و لكن ما هو غير عادي و غير مسؤول تلك الجموع و الملايين المحرومة من مشاهدتها بحكم خصوصية البث و حقوقه و ان تنبهت مالكة ذلك بنيتها بث مباريات معينة مجانا!! فاي مجانا بعد هذا الحرمان و الاستغلال ؟؟ و القارة السمراء يسيطر عليها عناصر الموت الثلاثة "الفقر و الجهل و المرض" المنتشرة بها و ببعض من اجزاء و ربوع العالم المُتحضر الحُر و الذي فعليا لم يغير بهذا الامر شيئا سوى بعض عمليات التجميل لاشكال الحياة في القرن الافريقي او اليمني او عند خط الاستواء ... فهي بحاجة لشيء كهذا فقط!
افريقيا يتذكرها اليوم الجميع و ينساها عند الشدائد و استبداد الظلم و الظالمين الجميع و هنا اقصد افريقيا العميقة المخفية ... اي وسط القارة ... فنحن نعرف الحدائق و الشواطئ و الجمال الذي يزينها على اطرافها ... و نعرف ان البعض دوما يثير بها و بداخلها الفتن و القبلية و الطائفية بل انك تجد دولة عظمى ديمقراطية تقف الى جانب متمرد صغير او حاكم ظالم مُستبد في زمباوبيه او النيجر او الكونغو او جمهورية افريقيا الوسطى و علينا ان ننسى ما نعرفه من مشاكل اخرى تعاني منها القارة السوداء بلونها البيضاء بقلبها ... قلبها به الخير للانسانية جمعاء ... الجميع اليوم يحبها و يدللها و يزورها ... ليس لانها فقيرة متهالكة بها من الجوعى و المرضى ما يزيد عن مئات الملايين بل لان هؤلاء نوايهم مُبيتة لنفطها و غاباتها و حتى حيوانتها ... انهم اليوم ادركوا من اين هي الفاكهة الاستوائية و مصنوعات الحرير و الورق ... و علموا كيف سيجعلون منها خليجا اخرا بنفطها و غازها و حتى شمسها ... انها افريقيا مُستضيفة كأس العالم و مُستضيفة كل النوايا و الاستثمارات و مُخططات الهيمنة من مختلف دول العالم و ليس من اثنين و ثلاثون فقط و الذين جيء بهم يدوسون عُشبها الاخضر بأقدامهم و يعانقون فيلها و شجرها برؤوسهم ... بعد المونديال سنرى الصورة الجديدة لافريقيا و سنرى لاعبين جُدد و قُدامى و لكن يبقى السؤال الكبير : من سيفوز او من سينتصر في معركة "جنوب" افريقيا؟؟
التعليقات (0)