كراهية الآخرين فكر متجدد
في الأدبيات السلفية القديمة والحديثة التي يٌسميها البعض متجددة تبرز كراهية الآخرين أياً كانوا وكأن الظاهرة السلفية لا تعيش الا على وقع الصراع والتعارك مع الآخرين .
السلفية حالة وظاهرة متعددة التوجهات والاتجاهات حالة متنوعة تتقارب فيما بينها وتتصارع فيما بينها إذا لم تجد من تصارعه لكن السمة الأبرز التي تٌشكل هوية السلفية المتشعبة المتعددة هي كراهية الآخر , كراهية كلٌ من يختلف معها مهما كانت نسبة ودرجة الاختلاف !.
لو قٌدر لعقلٍ ما البحث عن الكراهية في أدبيات الطوائف والديانات والفرق والمذاهب و الايدلوجيات المختلفة لوجد الكراهية في التراث السلفي وفي الأدبيات السلفية القديمة والحديثة بمختلف مدارسها وأنواعها الحركية والدعوية والسياسية الخ ظاهرة وبارزة فعقدة الآخر والأنا والكراهية المزمنة حالة مرضية تٌعاني منها السلفية وتعاني منها المجتمعات .
هناك مكارثية كٌبرى وهي تصوير الكراهية على أنها إيماناً فبقدر كراهيتك للآخرين المختلفين معك مذهبياً أو دينياً أو فكرياً الخ يكون إيمانك وبقدر ما تمارسه في الواقع يكون قٌربك من الله ويتحدد على ضوء كراهيتك للآخرين إيمانك ودرجته ومستوى إخلاصك لعقيدتك ؟
لا تهتم السلفية بالقواسم المشتركة بين بني آدم حتى وإن كانت تلك القواسم بالمئات أو بالألوف ولا تبحث أو تحاول السلفية البحث عن وسائل تدعم بها القواسم المشتركة وتعززها , بل تسعى وبجهدٍ واضح إلى محو وإلغاء القواسم المشتركة وتغييبها بأي طريقة ومحوها وتضخيم كراهية الآخرين بأي شكلٍ من الأشكال ؟
اختلاف العقائد والمذاهب والرؤى والأطروحات لا يحولها السلفي التقليدي أو السلفي المدعي للتجديد إلى عامل يٌحقق التعددية والتعايش والتسامح داخل المجتمعات فضلاً عن المجتمع الواحد بل يحولها لنيران تأكل القيم وتقضي على التعددية والتعايش والتسامح , المناسبات أياً كان دينية أو قومية أو وطنية يستغلها السلفي لتمرير كراهيته للآخرين بدلاً من استغلالها لتدعيم روح التآخي والتراحم والتقارب والتآلف .
عصى التكفير والترهيب هي الأداة التي يستخدمها السلفي لإرهاب كل من يحاول استثمار القواسم المشتركة وجعلها وسيلة وعامل من عوامل التقارب وأداة لاستقرار المجتمعات , تلك العصا التي يستخدمها السلفي أياً كان ذلك السلفي أصبحت أداة تشوه الدين وسماحته وحقيقته , استخدام سيء ينم عن جهل وبلادة وعقدة نفسية تٌسمى بالأنا فكل شيء عند السلفي مؤامرة وعداوة وبغضاء حتى وإن أظهر مظاهر التسامح فإن ذلك لا يخرج عن كونه عزف على أوتار يبتغي بها المنفعة أو المصلحة .
السلفية تٌريد منا أن نكون مكروهين كارهين منبوذين ساخطين مستندةً على تراث قديم وتصورات خاطئة قدمها العقل اللامنطقي , السلفية إذا أرادت أن تبقى وتعيش عليها احترام الآخرين أياً كانوا وتٌقدم الإيجابيات على السلبيات وتعمل من أجل تفعيل القواسم المشتركة وتحجيم نقاط الخلاف والاختلاف فالعقل البشري اليوم خاصة في المجتمعات التي ترزح تحت وطأة السلفية بدأ يستيقظ من غفوته وبدأ يخرج من تحت عباءة التدين الشكلي الذي أختزل القيم في ممارسات وسلوكيات ولم يٌقدم للمجتمعات غير الخٌطب والمواعظ التي تحظ على كراهية الأخر أياً كان ذلك الأخر , كراهية الآخرين فكرٌ متجدد تتناقله الأجيال وتتوارثه وكأن الكراهية عقيدة يجب الإيمان بها , لن تزول الكراهية أو تختفي لكن يمكن التخفيف من أثارها لكي تختفي مع مرور الوقت وأول خطوة هي مراجعة الخطاب السلفي وتفعيل المشتركات الإنسانية ونزع الغطاء عن التزمت والتشدد والتطرف الذي هو سلوك وتطبيق لآراء وتفسيرات وليس ديناً مقدساً ؟
التعليقات (0)