كرامة و أعراض المواطنين الشيعة ليست للمزايدة
الكاتبةليالي الفرج
2013
عندما يستشري الجهل الحقوقي على السواد الأعظم من المواطنين في أي دولة كانت في بقاع الأرض، نجد الثقافة الحقوقية للفرد تتوارى خلف جدار من الوصاية المُهيمنة والتي يتبارى في إدارتها الفئة ذات المركز و السلطوية .فئة تُمارس سحق الآخر باسم الدين و تنخر جدار الوطنية بانتهاك الإنسانية وتذرف رماد الاستبداد في عيون التآلف و التعايش و ذلك بانتقاء ما يوافق هواها و توجهها من النصوص القرآنية و من السنة الشريفة .
و لا أعلم كيف يُوظَّف- ما هو مُنزَّل لتحرير الإنسان من أنواع العبودية و يكرمه من كل ما يمس إنسانيته و هو القرآن الكريم - ليحط من قدر هذا الإنسان و يعتدي على كيانه و كرامته ! .
يبدو لي أننا لن نتخلص من تلك العنصرية المقيتة ،والتي تستثيرنا بين فينة و أخرى ، من خلال صروف الظلم الواقع على أبناء هذا المجتمع المُحب و المتآلف مع الجميع ، وذلك بشهادة كل منصف.
و الأدهى و الأمر في كل ذلك إننا لا نجد صوتاً يصدح برد هذا الظلم و الاستهتار بكرامة الفرد سوى من أناس لا يملكون سلطة و قرار ، بينما نجد من هم من المفترض أن تظهر لهم بصمة حيال ما يحدث من فوضى إصدار الأحكام المُنتقاة، كالإعلاميين – علماء - الهيئات - المنظمات الرسمية و الأهلية ... نجدهم بين صمتٍ مطبق أو تطبيل و تزمير و مباركة منقطعة النظير.
حينما صدر قرار القضاة بالجلد ثمان جلدات لتجريم ( المرأة القطيفية الشيعية المذهب ) بجريمة الدعوة للتشيع - و أي جرم عظيم هذا في نظرة البعض البغيضة المُفتقدة لكافة أسس الحكم المنطقي و الفهم في الدين الحقيقي - فأي جاهل يستوعب أن رسالة بالخطأ عبر برنامج WhatsApp تم إرسالها عن طريق الخطأ إلى سيدة من الطائفة السنية الكريمة ، و كان مضمونها لا يتعدى ارقام هواتف الخدمات الشيعية كتصنيفات لمجموعة من القروبات التي تخدم الفئة الشيعية سواء على مستوى طلب الأحكام الشرعية أو تفسير الأحلام أو المأثور من أقوال أهل البيت ، ولا يوجد في تلك الرسالة ما يُشير إلى أي لفظة دعوية للمذهب الشيعي بل هي موجه مضمونها أصلاً للفئة ذاتها.
و من نظرتي القاصرة جداً جداً ليس لأحد إكراه أحدهم في ترك عقيدته ويصب في جوفه عقيدة أخرى جبراً و غصباً، اليس كذلك ؟
و كفل الإسلام للإنسان حرية المعتقد و الدعوة بالحسنى و ليس بالإكراه ، و القانون الدولي لم يهمل هذا الجانب بل قرَّه ضمن مواد القانون الدولي للحقوق المدنية و السياسية :
المادة 18-2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تجرم "تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره."
وفي التفسير الرسمي لمحتوى الحق في حرية الدين والعقيدة قالت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وهي الهيئة المسؤولة عن تفسير ومراقبة تنفيذ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
حرية كل إنسان في أن "يكون له أو يعتنق" أي دين أو معتقد تنطوي بالضرورة على حرية اختيار دين أو معتقد، وهي تشمل الحق في التحول من دين أو معتقد إلى آخر أو في اعتناق آراء إلحادية، فضلاً عن حق المرء في الاحتفاظ بدينه أو معتقده. وتمنع المادة 18-2 الإكراه الذي من شأنه أن يخل بحق الفرد في أن يدين بدين أو معتقد أو أن يعتنق ديناً أو معتقداً، بما في ذلك التهديد باستخدام القوة أو العقوبات الجزائية لإجبار المؤمنين أو غير المؤمنين على التقيد بمعتقداتهم الدينية والإخلاص لطوائفهم، أو على الارتداد عن دينهم أو معتقداتهم أو التحول عنها. (1)
و هنا أخاطب كل من يحتقر أو يهمش أو يخرج المذهب الشيعي من ملة الإسلام لمجرد عدم قناعته الشخصية، و لكل من يتفنن و يتبارى في حَبْك المؤامرات للنيل من كرامة و أعراض الشيعة نساءً و رجالاً في هذا الوطن ،فكرامة و أعراض المواطنين الشيعة ليست للمزايدة و التجارب المخبرية .
(1)- لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 22، الدورة رقم 48 (1993)، وثيقة الأمم المتحدة رقم HRI/GEN/1/Rev.5.
التعليقات (0)