كذب المؤرخون ولو صدقوا
التأريخ حافل بالاحداث الجسام فمنها قليل التأثير لم يذكر منه شيئا وكثير من هذه الاحداث كانت عظيمة الوقع وقد خلفت احاديث كثيره وغيرت وجه العالم ..وقد حمل لنا التأريخ احداث الانتصارات والهزائم والقتل وسفك الدماء والتحرير والاضطهاد والحريه والدكتاتوريه وتقلبات الانظمه وما خلفته من تباين في الصفحات للدول والشعوب ..وتاريخنا العربي حافل بالاحداث والتقلبات التي نقلت لنا..ولا اريد ان اطعن في السرود التاريخيه للكتاب..ولكني اقول ان المؤرخ يحتاج الى كل ما يحتاجه القاضي من الشهادات والاسانيد والبيانات وقد يعوزه كل اولئك اكثر الحوادث التي يتصدى لها بالبحث والتقرير .فكل حادثة تاريخيه قوامها الاشخاص والاخبار والمصالح والاراء ولكل عنصر من هذه العناصر افة تتطرق اليه بالزعل والارتياب .فالاشخاص يحيطبهم الحب والكراهية والبغض والرغبة والفهم والجهل والوضوح والغموض ،والمصالح تتفق ولا تتفق وتجاري الحقيقة وتناقضها وتصبغ الاشياء عامدة او غير عامدة بصبغة تلوح لهذا غير ما تلوح لهذا ،والرأي عرضه لاختلاف العلم والنظر والمزاج وكلما يدخل في تكوين الاراء وتقدير الاحكام ،واذا تاتر للمؤرخ اسباب الحكم على الاعمال الظاهره فقد تعوزه اسباب الحكم على النيات الخفية والبواعث المستورة والعوامل التي يحجبها الانسان عن خلده ويغالط فيها نفسه وضميره ،وهيه تأتي اليه كل ما يأتي للقاضي من الشهادات والاسانيد والبيانات فهل يسلم القاضي من الزلل وهل يأمن الزيغ في الفهم والمحاباة في القضاياالتي لها خطر وللناس بها اهتمام عكس الامور الصغيره التي لا تشغل احد ومما لا ريب فيه انك اذا فهمت حوادث الحاضر فهما جيدا اغناك ذاك عن فهم حوادث الماضي او اعانك على ادراك دخائلها ان كان لابد لك من الاحاطة بها والنفاذ اليها..
لقد كان للتواريخ الماضية فائدتها الكبرى يوم كان الحاضر محصورا في اضيق الحدود وكانت كل امة مقصورة على نفسها وعلى جيرانها تجهل الامم البعيدة عنها وتحسب الماضي اقرب اليها من الحاضر الذي يعيش فيه معها في زمان واحد ، اما اليوم والحاضر يتسع امامنا الى اوسع مداه والشعوب تحيط بنا من كل طراز قديم او حديث فأي خبر من اخبار الغابر البعيد لا نجد له نظيرا في اخبار الحاضر المشهود واية عبرة من الايام الاولى لا تتوارد علينا مثيلاتها بعدساعات من وقوعها في اقصى الشرق والغرب وابعدالشمال والجنوب ...
ذلك هو التاريخ في حقائقه واباطيله وفائدته ولغوه فما اسهل ما يدان هذا الذي يدين كل الناس وما يقضي على هذا الذي يقضي في كل مجال فهل نطوي صحيفته ؟هل نقذف به في النار ؟هل نجمل تاريخه كما اجمل هو تاريخ الانسان فنقول انه ولد ومات فلم ينفع احدا بين المولد والممات ..لا اتجنى على احد ولكن للتاريخ باطن كما له ظاهر ،وكم من شئ ظاهره جميل وباطنه قبيح والعكس صحيح ..دمتم
التعليقات (0)