مواضيع اليوم

كذب السحرة .. ولو صدقوا .. !

زينب العالي

2010-12-05 21:13:08

0

مرتدياً سترته الطويلة السوداء، وربطة العنق الحمراء القصيرة، يقف الساحر ليستعرض ألعابه وخفاياه. يحتشد الناس أمامه مذهولين ،هذا يحيه وآخر يصفق له.

في الوقت الذي تقف فيه أنت على مسافة بعيدة نوعاً ما، تضع يديك في جيوبك وترسم بأقدامك أشكالاً في الأرض .. تلتفت للخلف فترى الناس يزدادون حوله ويبدون أشد انبهاراً، ثم تلتفت للأمام مرة أخرى وتطلق نفساً طويلاً جداً، يعُبر عن سخطك واستياءك الشديد.

أنت وبكل اختصار تريد أن توقف هذه المهزلة. تريد لو إنه بإمكانك أن تصرخ بصوت عالٍ وتقول بأن هذا الساحرما هو إلا مخادع ومحتال كبير. وبأن كل ما يقوم به هو مجرد بهرجة غبية وتافهة لا تعكس أبداً حقيقة ما بداخله .. حيث السوء والفساد.

أنتَ تدرك بأنك إنسان بسيط، ولستَ بمُصلحِ لهذا العالم، كما أنه ليس من طبعك أن تتدخل في شؤون الآخرين وبما يحبون أو يكرهون.

كل ما في الأمرأنه يجمعكُ بذلك المُحتال معرفة قديمة جداً، من قبل أن يعرفه / يتعرف عليه الآخرون. وتعرف طباعه وسلوكه وأخلاقه الرديئة والبالية والتي لايمكن أن يقبلها/ يستسيغها أحد.

وأنتَ ، وكما تعرفُ نفسكَ : ذلك البسيط الذي لا يتدخل ، فإنكَ تمضي في الحياة أو أنها تمضي بك. وفجاة وفي يوم من الأيام ، ترى حشد من الناس أمامكَ، فتحاول وبكل صعوبة ان تمر من بينهم لترى ما يحدث، فتكتشف مذهولاً ، بأن محٌتال الأمس .. هو ساحر اليوم !

هُوَ، هُوَ . لم يتغير فيه شيء من جميع النواحي. إنما استطاع أن يجيد هذه الحِيَل والألاعيب أمام الناس، والتي لا تعود بالنفع عليه إطلاقاً، سوى أنه يستغلها فقط لكي يبرز نفسه ويكون في دائرة الضوء.

تنظر في وجوه المحُتَشدين، تتأملهم وجهاً وجهاً، علَّك ترى من يعرف الحقيقة ، لكنك لا تجد غير إعجابهم / انبهارهم الشديد به. ولأن اللعبة قائمة، فإنك لا تستطيع أن تفتح فمك لتخبرهم بالحقيقة، لأنهم باختصار لا يسمعون. كما أنك لا تستطيع كذلك أن تأشر لهم بيديك لتوضح لهم الحقيقة ، لأنهم لا يرون أيضاً. لأنهم مأخوذين تماماً بذلك الساحر وألعابه.

تنفلت من وسطهم، لتغادر غاضباً. تريد أن تحرك قدمك لكنها تبدو ثقيلة لأنك لا تريد المغادرة؛ بل تريد إخبارهم بالحقيقة. لأن من بينهم أشخاص تحبهم، من يهمك أمرهم، ولأنه من حيث المبدأ فإن هذا المُحتال لا يستحق أبداً. ولكن .. وفي النهاية، فإنه لن يسمع لك أحد، ولن يفهمك أحد وربما لو تحدثت فإنك لن تجد غير الرفض، أو التشكيك في عقلك.

في هذا العالم الكبير الشاسع، أو في ما بيننا، هناك الكثير من الأشخاص ممن نعرف حقيقتهم المُرة، لكنهم للأسف استطاعوا أن يحشدوا الناس حولهم بوسائل أشبه بألعاب الساحر الخفية.

ولأننا لانستطيع قول الحقيقة، فإننا نستمر بوضع أيدينا في جيوبنا، ونتنفس بعمق .. كطريقة أخيرة .. لضبط النفس !!

ونتيقن دائماً بأنه .. قد كذب السحرة .. ولو صدقواً !




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !