فقه الميت
العلامة السيد محمد علي الحسيني
إن الإنسان خليفة الله على الأرض وفق ما جاء في القرآن الكريم ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾ وكرمه الله (عز وجل) كما في الآية الكريمة الدالة ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا﴾، فالإنسان له مكانة وكرامة وحرمة، والمسلم أعظم حرمة وقداسة من الكعبة المشرفة قبلة المسلمين؛ كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار) أنه قال "نظر إلى الكعبة فقال: مرحبا بالبيت ما أعظمك وأعظم حرمتك على الله! والله للمؤمن أعظم حرمة منك".
وكما أن هذه الحرمة في الشريعة الإسلامية ثابتة في حياته كذلك عند موته، فينبغي عدم التقصير فيها أو المساس بها أو تجاوزها، ومن هنا نبين الحاجة إلى فقه الميت تبيانا لبعض الأحكام الفقهية فيه وحوله.
آداب الاحتضار:
من الآداب على من ظهرت عليه علامات الموت القيام بالأمور التالي:
التوبة والاستغفار لله سبحانه وتعالى، وإفراغ ذمته من كل الحقوق المتعلقة بها، سواء أكانت تلك الحقوق لله سبحانه وتعالى كالصلاة أو الصيام، أم للناس كالديون، وذلك بأن يوصي بأدائها حال حياته، وإلا يوصي بها لمن يثق ويطمئن بأدائها بعد موته.
ويجب عليه رد الأمانات التي عنده إلى أصحابها أو الإيصاء بها إلى شخص يطمئن بأنه سوف ينفذ وصيته.
أحكام الميت:
الشريعة الإسلامية وضعت للميت أحكاما، حيث إنه يجب وجوبا كفائيا بعد موت المسلم القيام بالأمور التالية:
أولا: غسل الميت وهو من الأغسال الواجبة، ووجوبه بعد خروج الروح من جسد الإنسان، فيجب تغسيل كل ميت مسلم وجوبا كفائيا.
كيفية غسل الميت: كيفية غسل الميت هي نفسها كيفية غسل الجنابة.
ثانيا: الحنوط، أحكامه وكيفيته: يجب تحنيط الميت المسلم، صغيرا كان أم كبيرا، ذكرا كان أم أنثى.
ثالثا: تكفين الميت.
رابعا: الصلاة على الميت المسلم فوق الست سنوات وجوبا كفائيا، وذلك بعد غسله وتحنيطه، وتكفينه.
ويشترط في الصلاة على الميت عدة شروط هي:
نية القربة لله تعالى، وتعيين الميت، واستقبال القبلة. وأن تكون الصلاة من قيام.
وضع الميت أمام المصلي.
أحكام عامة لصلاة الميت:
لا يوجد في صلاة الميت أذان ولا إقامة ولا قراءة ولا ركوع ولا سجود ولا تشهد ولا تسليم.
لا يشترط في الصلاة على الميت الطهارة.
خامسا: الدفن: يجب وجوبا كفائيا دفن الميت المسلم، ذكرا كان أم أنثى، ومن بحكمه كالمجنون.
فهذه كلية أحكام فقه الميت التي استندنا عليها من نصوص الروايات الصحيحة الخاصة بأحكام الميت.
خلاصة فقه الميت، حيث إن الشريعة الإسلامية قد احترمت المسلم في حياته وكذلك حين موته وبعده، وضعت أحكاما واضحة تنظم كيفية التعامل مع المتوفى، بدءا من غسل الميت وتكفينه، وصولا إلى الصلاة عليه وتحديد مراسم دفنه.
تعتبر هذه الأحكام جزءا أساسيا من العقيدة الإسلامية، حيث تعكس مدى الاحترام والتكريم اللذين يجب أن يلقاهما المسلم حتى بعد وفاته.
ويجب علينا جميعا الالتزام بهذه التعاليم لأداء الواجبات تجاه الموتى.
التعليقات (0)