مواضيع اليوم

كتب العلامة السيد محمد علي الحسيني عن فقه التنمر

فقه التنمر

http://www.mohamadelhusseini.com//pic//12974831e0.jpg


السيد محمد علي الحسيني


إن ظاهرة التنمر ليست ظاهرة جديدة، بل تصدى لها الإسلام في القرآن والسنة، ونظر إليها نظرة حازمة؛ نظرا لما لها من تأثيرات سلبية على الفرد ونفسيته، وما يمكن أن تنعكس على المجتمع ككل، وللأسف فإن هذه الظاهرة تنتشر انتشار النار في الهشيم خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا رقابة ولا حدود أخلاقية، ولاشك أن هذه الظاهرة ليست محصورة في مكان دون الآخر أو فئات معينة دون أخرى، بل إنها تنطلق من الأسرة كعينة أساسية والمدرسة ثم إلى أماكن العمل وغيرها.

ومن المهم التذكير بأن الإسلام حذر من كل ما يتسبب في أذية الإنسان حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار) «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وهذا كلام واضح جلي لا يحتاج إلى شرح وتفصيل، وطالما أن التنمر سلوك عدواني يهدف إلى الإضرار بالآخر سواء جسديا أو نفسيا، فهو يتعارض مع مبادئ الإسلام وقيمه التي تدعو إلى حفظ كرامة الإنسان وعدم الحط منها.


موقف الإسلام من التنمر


لقد حذر الإسلام من الإساءة إلى الآخرين وتجريحهم بالقول أو الفعل أو السخرية منهم بأي طريقة كانت، وهو ما يصطلح عليه حاليا بالتنمر وإن القرآن أكد في مختلف الآيات على حرمة ذلك مستخدما عبارات دقيقة جدا تصب في مفهوم التنمر، فحذر من ذلك في سورة الهمزة متوعدا من يقوم بهذه السلوكيات العدائية بالقول :{ويل لكل همزة لمزة} في إشارة إلى من يقوم بالطعن في الناس ويعيبهم ويتحدث فيهم بما يكرهون لما في ذلك من أذى لهم، كما أن السخرية هي الأخرى تدخل ضمن التنمر لذلك فإن الله تعالى قال في محكم تنزيله: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن»، بل إن الإسلام ذهب إلى أبعد من ذلك عندما نهى عن التنابز بالألقاب، بل لا مزاح فيه، لما في ذلك من شحن للأنفس بالضغائن، بل اعتبره كمن كفر بعد إيمانه ليؤكد على خطورة هذا السلوك «ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان».


تداعيات التنمر على الفرد والمجتمع


إن تنبيه الإسلام من القيام ببعض السلوكيات الخاطئة والنهي عنها يصب في مصلحة الفرد والمجتمع، ولاشك أن الدراسات النفسية والاجتماعية الراهنة أكدت أن الأشخاص الذين يتعرضون للتنمر من بينهم الأطفال يصابون بأمراض عقلية ونفسية وجسدية واجتماعية، كما يشعرون بحالة من الاكتئاب الحاد والقلق، بالوحدة والحزن، الذي يودي بهم إلى الانتحار.أما بخصوص آثار التنمر على المجتمع فهي خطيرة، لكونها ظاهرة تزرع حالة من الخوف، نتيجة انتشار السلوكات العدوانية والعنف، كما أننا لاحظنا أن الأسر تشتكي من عجزها وعدم قدرتها على حماية أبنائهم الذين يعانون من حالة الوحدة والانعزال، نتيجة تعرضهم للتنمر، إضافة إلى تراجع مستواهم الدراسي وانعدام الثقة، إضافة إلى التنمر الالكتروني الذي يطال الجميع دون استثناء ويؤدي إلى شعور الفرد بعدم أهميته وغياب تقديره لذاته بسبب الهجومات العدائية المتكررة عليه، أما تعرض العامل للتنمر في مكان العمل فإن ذلك له تداعيات مقلقة؛ لأنها لا تنعكس على العامل فحسب بل على أداء المؤسسة في حد ذاتها، وتشير مختلف الاستطلاعات إلى أن المؤسسات التي ينتشر فيها التنمر تواجه انخفاض الإنتاجية ومشاكل كثيرة.خلاصة القول في فقه التنمر التأكيد على حرمة ظاهرة التنمر وضرورة مواجهتها عبر التنبيه منها والتأكيد على حرمتها ونشر الوعي عن مخاطرها وترسيخ التربية الصحيحة التي تقوم على الاحترام المتبادل والأخلاق الحميدة، كما ينبغي التعرف على الأساليب المستخدمة لمواجهة المتنمرين لإيقافهم عند حدهم، إضافة إلى وضع قوانين تعاقب على هذه الأفعال وتضع حدا لها لنعيش في بيئة صحية أكثر آمانا واستقرارا.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات