إن الإنسان لا يخلو في هذه الحياة من المتاعبhttp://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%E3%DD%C7%CA%CD%20%C7%E1%DD%D1%CC&id=15&cat=2 والأحزان وتقلُّب الأطواروتعاقب الأدوار فكما نرى في الطبيعة اختلاف الليل والنهار وتعاقب الفصول خلال العاممن ربيع وصيف وخريف وشتاء كذلك نرى النفوس يتعاقب عليها القبض والبسط والعسر واليسرفيتقلَّب المرء بين السرور والأحزان وقد يدور عليها الخير والشر والبأساء والنعماءفيظهر عليه الابتهاج أو الاكتئاب فالسرور والحزن يظهران على وجه الإنسان ليعبرا عمافي نفسه من جلال أو جمال وقبض أو بسط وأسباب القبض كثيرة منها : كثرة الحجبالمتراكمة على النفس لذنب وقع وهذا يزول بالتوبة والاستغفار وقد يكون القبض بسببأمل ضاع أوأمنيَّة لم يستطع المرء تحقيقها وعلاج ذلك بالتسليم لأمر الله والرضا عماقضاه وتفويض الأمر كله لله وربما يكون سبب القبض ظلمٌ وقع على المرء نفسه أو مالهأوأهله وعلاجه بالصبر وسعة الصدر وصدق الالتجاء إلى حضرة الله وتفويضه سبحانه فيردِّ الظلم ودفع المكروه وهناك قبضٌ لا يعرف له سبب وهذا يزول بالكفِّ عن الأقوالوالأفعال مع ملازمة الصمت والسكون انتظاراً لفرج الله فإن بعد القبض بسطا وإنَّ معالعسر يسرا . ومع العسر إن تدبرت يسرٌ ومع الرضا كلُ شئٍ يهـونفنهايةالشدة هي بداية الفرج وربما أفادك ليل القبض ما لم تستنفذه في إشراق نهار البسط فقدينكشف ليل القبض بظهور نجم يهديك أو قمر يضئ لك الطريق أو شمس تبصر بها سبيل الخلاص . اشــتدِّي أزمـة تنفرجي قد أذن ليــلك بالبلجوظــــــلام الليل له سرج حتى يغشاه أبو السرجوسحــاب الخير له مطر فإذا جـــاء الأبان تجىوأماأسباب البسط فكثيرة جداً منها التوفيق في طاعة الله أو زيادة من الدنيا أو إقبالالناس عليك أو إطراؤهم لك ومدحهم إياك وهذا كله يقتضي منك أن تشكر الله على نعمهوتوفيقه وألا يؤدي إقبال الدنيا عليك إلى الغرور والبطر والتعالي والزهو ولا يغرُّكثناء الناس ومدحهم لك بالصلاح وأنت خالٍ منه أو يفتنك ذكرهم لك بما لا تستحق أويخدعك حسن ظنِّهم بك عن يقينك بما في نفسك واحذر أن يظهر الله للناس ذرَّة مما بطنفيك من العيوب فيمقتك أقرب الناس إليك ولا تصغ إلى من يمدحونك من المنافقين لحاجةفي نفوسهم فإذا قضيت حاجاتهم انتهى مديحهم لك وإذا لم تقض سخروا منك واغتابوك فقابلالمدح كمادح نفسه وذمُّ الرجل نفسه هو مدح لها وهناك بسطٌ بسبب الإشراقات القلبيةوالمكاشفات الروحانية والمؤانسات القدسية فعلى من يختصُّه الله به أن يسير فيه فيحدود الأدب مع الله فقد قال أحد العارفين { فتح لي باب البسط فانبسطتُفحُجِبْتُ}والله يقول{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِيالْأَرْضِ}وربما يتبادر إلى الذهن سؤال وهو لماذا يبتلى الله أحبابه فقد ابتلى آدمبإبليس وإبراهيم بالنمروذ وموسى بفرعون ونبينا محمد بأبي جهل وقد قال {وَكَذَلِكَجَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ}والسرُّ في ذلك أن البلاءيخلِّص القلب كليَّة لله لأن المرء عند الشدائد والأزمات يتوجه بالكليَّة إلى اللهتعالى مستغفراً ومتضرعاً بالدعاء ليمنحه الرضا بقضائه ويلهمه الشكر على نعمائه ومنهنا نرى أن الله تعالى يبتلي بعض أوليائه في بدايتهم ثم يكون النصر لهم في نهايتهمليرفع الابتلاء أقدارهم ويكمل بالنعماء أنوارهم فالإنسان لا يتطهَّر إلا بتقلبه بينالخير والشر والعسر واليسر وانظر معي إلى سليمان الذي أعطى فشكر وإلى أيوب الذيابتلى فصبر وإلى يوسف الذي قدر فغفر فإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه فإذا صبر قربهواجتباه وإذا رضى اصطفاه وأعطاه فوق ما يتمناه هذا إلى أن البلاء يحقِّق العبدبأوصاف العبودية من الذل والإنكسار والشعور بالحاجة والاضطرار وهذا ما يؤهله للقربمن حضرة العزيز الغفار ، وهذا ما يوضحه أحد الصالحين عند توضيحه لقول الله تباركاسمه وتعالى.شأنه {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } وقوله النبى (أَقْرَبُ مَا يَكُونُالْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وتمامه (.. فَأَكْثِرُوا الدُّعَاء) ، رواه مسلم وأحمد وسنن أبي داوود . حيث يقول{{ فإنَّفي هذه الآية والحديث تصريحاً بعدم تحيُّز الحق تبارك وتعالى في جهة دون أخرى أيفكما تطلبونه في العلوِّ ، فاطلبوه كذلك في السفل وخالفوا وهمكم وإنما جعلالشارع(صلى الله عليه وسلم) حال العبد في السجود أقرب من ربه دون القيام مثلا لأنمن خصائص الحضرة أن لا يدخلها أحد إلا بوصف الذل والانكسار فإذا عفَّر العبد محاسنهفي التراب كان أقرب في مشهده من ربه من حالة القيام فالقرب والبعد راجع إلى شهودالعبد ربه لا إلى الحق تبارك وتعالى في نفسه فإن أقربيته واحدة ، قال تبارك وتعالىفي حق المحتضر{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ } و {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ }[ أي الإنسان ]( مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } انتهى. فالدعاء نور الروح وهداها وإشراق النفس وسناها وهو علاج القلق الذي ينتابالإنسان في أوقات الأزمات ودواء الاضطراب والقنوط وهو الإكسير الذي يتجرَّعه المؤمنفيزول اضطرابه ويسكن قلقه وتنزل السكينة والطمأنينة على قلبه ويفرح فيه بلطف ربههذا إلى جانب أنه يُزيل ما ران على القلب ويذيب الغشاوات التي تعلو صفحة الفؤادويجتث من الوجدان شرايين الغلظة والجفوة والقسوة ففيه طهارة القلوب وتزكية النفوسوتثقيف العقول وتيسير الأرزاق والشفاء من كل داء ودوام المسرات والسلامة من العاهاتوهو سلاح المؤمن الذي ينفع مما نزل ومما لم ينزل فكن على يقين من أن إجابة الدعاءمعلقة بمشيئة الله تعالى والحق يقول{فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْشَاء}وقد ورد أن البلاء ينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان حتى يغلب الدعاء البلاء وقدصدق رسول الله حيث يقول ( لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُفِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ )عن سلمان رضيَ اللَّهُ عنهُ ، جامع الأحاديثوالمراسيل ومشكاة المصابيح والفتح الكبيروقد وضح هذه الحقيقة الإمام الغزاليرضي الله عنه حيث يقول{ فإن قلت فما فائدة الدُّعاء والقضاء لا مردَّ له ؟ قلت : إنمن القضاء ردَّ البلاء بالدُّعاء والدُّعاء سببٌ لردِّ البلاء واستجلاب الرحمة كماأن الترس سبب لردِّ الســـهم فيتدافعان كذلك الدعاء والبلاء يتعالجان }فإذا ابتليتبمحنة يا أخي المؤمن فقل(ذلك تقدير العزيز العليم)وإذا رأيت بليَّـة فقــل ( سنَّةالله في خلقه ) وإذا نزل بك مكروه ( فاذكر أن الله ابتلى بالمكاره الأنبياءوالمرسلين والأولياء والصالحين)فمن كانت له فطنة وبصيرة علم أن أيام الابتلاء قصيرةوقد جمعنا في هذا الموضوع دعوات مستجابات واستغاثات مجربات وصلوات فاتحات وأحزابكاشفات للهموم والكروب والملمات وهي من كتاب الله تعالى ومن أقواله رسوله الكريمومن هدي السلف الصالح فاجعلها سميرك ورفيقك وستجدها الصديق الذي يرضيـك دائماًوتستريح إليه كلما نزل بك همٌّ أو غمٌّ وعند المتاعب والأزمات فقد جربناها فوجدناهاسريعة الإجابة في تفريج الكروب وقضاء الحاجات بإذن الله تعالى وإياك والقلقوالاضطراب والاستسلام للنحيب والبكاء واليأس من تحقيق الرجاء وكن كالشجرة العظيمةالعالية لا تؤثر فيها الرياح العاتية فإذا صادفتك مشكلة فافحص أوجه حلِّها حتى لاتقع في مثلها وخذ في الأسباب وانتظر الفرج ولا تفقد الأمل ولا تضيِّع وقتك في القلقوالاضطراب وفي لعن الحياة ودع التدبير لمدبِّر الأكوان مع الأخذ في الأسباب واعلمأن الله وحده يصرِّف الأمور ويفرِّج الكروب فاعرض مشاكلك كلها عليه وإن لم يكن ماتريد فليكن منك الرضا بما يريد والله غالبٌ على أمره فقد أوحى الله إلى شعيب عليهالسلام : يا شُعيب هبْ لِي مِنْ وَقْتِكَ الْخُضُوعَ وَمِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَوَمِنْ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعَ ثُمَّ ادْعُنِي، فَإِنِّي قَرِيبٌ.فاتَّجه يا أخي إلىالله وعوِّد لسانك مناجــاة الله وتوقع الخير دائمـــــاً من الله وكرِّردائــــــماً قول الحق سبحانه {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } أسألالله أن ينفع بهذه الأدعية والاستغاثات كل من قرأهــا أو دعا بهــا أو أوصــلها لمنيحتاجهـــا أو دلَّ عليها الطـــالبفَضَيلَةُالْدُّعَاءرغَّب الله عباده في والدعاء فقال{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِيأَسْتَجِبْ}فأطمع المطيع والعاصي والداني والقاصي في الإنبساط إلى حضرة جلاله برفعالحاجات والأماني بقوله{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُدَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِيلَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }وقوله تعالى فى{ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةًإِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }وفي الحقيقة ليس بعد تلاوة كتاب الله عبادةتُؤَدَّى باللسان أفضل من ذكر الله تعالى ورفع الحاجات بالأدعية الخالصة إلى اللهتعالى ولذلك روى أصحاب السنن والحاكم والترمذي عن النعمان بن البشير رضي الله عنهأن النبي قال(إِنَّ الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةِ ، ثم قرأ{وَقَالَ رَبُّكُمُادْعُونِي أَسْتَجِبْ}وروى الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله قال(لَيْسَشَئٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنِ الْدُّعَاءِ)وأيضا(مَنْ لَمْ يَسْألِ اللَّهَيَغْضَبْ عَلَيهِ)و أيضا :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ الله لَهُ عِنْدَالشَّدَائِدِ والكُرَبِ ؛ فَلْيُكْثِرِ الْدُّعَاءِ فِي الْرَّخَاءِ)(الدُّعَاءُسِـلاحُ المُؤْمِنِ وعِمَـادُ الدِّينِ ، وَنـُورُ السَّــماواتِ وأَلارْضِ )عن علىرضى الله عنه ، رواه أبو يعلى في مجمع الزوائد . وفى الحديث الآخر(إِنَّالْعَبْدَ لا يُخْطِئِهُ مِنَ الْدُّعَاءِ إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْتُعَجَّـــلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِوَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا )والبخاري في الأدب والحاكمعن أبي سعيد الخدرى والديلمي في الفردوس عن أنس .
(سَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِفَإِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ العِبَادَةِ انْتِظَارُالفَرَجِ)رواه الترمذي من حديث ابن مسعود .
(إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِّ كَرِيمٌ،يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى الْسَّمَاءِ ؛ أَنْيَرُدَّهُمَا صِفْرَا) رواه الترمذي عن سلمان رضي الله عنه ، والصفر الخالي الفارغ . وفي الحديث القدسي (فى سنن الترمذى)عن أنس(قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَاكَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَالسَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ، وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَآدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاتُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) وعنه أيضا فى صحيح ابنحبان أنه قال(لا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَالدُّعَاءِ أَحَدٌ)(لاَ يَرُدُّ الْقَضَــاءَ إِلاَّ الدُّعَــاءُ وَلاَ يَزِيدُفِي الْعُمُــرِ إِلاَّ الْبِـرُّ) جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتحالكبير عن سلمان رضي الله عنه . وعن ابن عمر قال : قال رسول الله(مَنْ فُتِحَلَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَمَا سُئِلَاللَّهُ شَيْئَاً أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ، إِنَّالدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَاللَّهِ بِالدُّعَاءِ ، وفى رواية : فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الإِجَابَة وفي أخرىأَبْوَابُ الْجَنَّةِ) وفى الحديث الآخر(منْ نَزَلَتْ بِهِ فَـاقَةٌ فَأَنْزَلَهَابِالنَّاسِ لَمْ تُسَدّْ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَابِاللَّهِ، فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ) عن ابنِ مسعُودٍجامع الأحاديث والمراسيل ومسند أبى يعلى. وأيضــا قال عليه أفضل الصلاةوالسلام(مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُرَحِمٍ، إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُدَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْيَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ)عن عبادة بن الصامت ورواه أحمد فى مسنده عن أبى سعيد الخدريوعن عَائِشَةَ فى مسند الشهاب ومجمع الزوائد قالت(قَالَ النَّبِيُّ : لاَيُغْنِي حَـذَرٌ مِنْ قَـدَرٍ وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْيَنْزِلْ وَإِنَّ الْدُّعَاءَ لَيَلْقى الْبَلاَءَ فَيَعْتَلِجَانِ إِلى يَوْمِالْقِيَامَةِ)وفى الحديث الآخر (دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بالصَّدَقَةِ وحَصِّنُواأَمْوَالَكُمْ بالزكاةِ ، وأَعِــدُّوا للبــلاءِ الدُّعَــاءَ).وعن ابن مسعود فىسنن البيهقي الكبرىوروى ابن عساكر عن كعب فى جامع الأحاديث والمراسيل(قالَالنَّبِيُّ :أَوْحَى اللَّهُ تَعَالى إِلى دَاوُدَ : مَا مِنْ عَبْــدٍ يَعْتَصِمُبي دُونَ خَلْقِي أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ فَتَكِيدُهُ السَّموَّاتُ بِمَنْفِيهَا إِلاَّ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ ذلِكَ مَخْرَجَاً وَمَا مِنْ عَبْــدٍيَعْتَصِمُ بِمَخْلُوقٍ دُونِي ، أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ ؛ إِلاَّ قَطَعْتُأَسْـبَابَ السَّمَاءِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَرْسَخْتُ الْهَوِيَّ مِنْ تَحْتِقَدَمَيْهِ وَمَا مِنْ عَبْــدٍ يُطِيعُنِي إِلاَّ وَأَنَا مُعْطِـيهِ قَبْلَ أَنْيَسْـأَلَنِي ، وَمُسْـتَجِيبٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْعُـوَنِي ، وَغَـافِرٌ لَهُقَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَنِي)وعن حُذَيْفَةَ (لَيَـأَتِيَنَّ عَلى النَّـاسِزَمَـانٌ لاَ يَنْجُـوَ فِيـهِ إِلاَّ مَنْ دَعَـا بِدُعَــاءٍ كَدُعَـاءِالْغَرَقِ ) وعن عائشة فى مسند الشهاب والدرر المنتثرة ، قالت : قال رسول الله : إِنَّ الله يُحِبُّ المُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ) وعن أنس رضي الله عنه فيمارواه الطبرانى قال : قال النبى(افْعَلُوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ وتَعَرَّضُوالِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ الله فِانَّ لله نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَامَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وسَلُوا الله أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وأَنْيُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ ) كما روى الحاكم فى المستدرك ، عن جابر بن عبد اللهرضى الله عنهما ، عن النبيّ أنه قال(يَدْعُو الله بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقيامَةِحتّى يُوقِفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقولُ : عَبْدي إِنّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعونيوَوَعَدْتُكَ أَنْ أَسْتَجيبَ لَكَ ، فَهَلْ كُنْتَ تَدْعُوني ، فَيقولُ: نَعَمْ يارَبّ ، فَيَقُولُ : أَما إِنَّكَ لَمْ تَدْعُني بِدَعْوَةٍ إلا اسْتُجِيبَ لَكَ ،فَهَلْ لَيْسَ دَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَعَنْكَ ؛ فَفَرَّجْتُ عَنْكَ ، فَيَقولُ : نَعَـمْ يا ربّ ، فَيقولُ : فَإِنّيعَجَّلْتُها لَكَ في الدُّنْيا ، وَدَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَبِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ ؛ فَلَمْ تَرَ فَرَجاً ، قالَ : نَعَمْ يا ربّ ،فَيقولُ: إِنّي ادَّخَرْتُ لَكَ بِها في الْجَنَّةِ كَذا وَكَذا، قال رسول الله : فَلا يَدَعُ الله دَعْوَةً دَعَا بِهَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ إِلا بَيَّـنَ لَهُ ؛إِمَّا أَنْ يَكونَ عَجَّلَ لَهُ في الدّنْيا ، وَإِمَّا أَنْ يَكونَ ادَّخَرَ لَهُفي الآخِرَةِ.، قَال : فَيَقُول الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ : يَا ليْتَهُلَمْ يَكُنْ عُجِّــلَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْدُّنْيَــا مِنْدُعَـائِهِ)آدَابُ الْدُّعَاءوهي التي بالوقوف عليها والعمل بها يُرزق العبدالإجابة من الله وقد أشار إلى بعضها إبراهيم بن أدهم حين سأله رجلٌ قائلاً ياإبراهيم قال الله{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فمــا بالنا ندعو فلا يستجاب لنافقال إبراهيم من أجل خمسة أشياء :
1- عرفتم الله فلم تؤدُّوا حقه .
2- وقرأتمالقرآن فلم تعملوا به .
3- وقلتم : نحبُّ الرسول ، وتركتم سنَّته .
4- وقلتم : نلعن إبليس ، وأطعتموه .
5- والخامسة : تركتم عيوبكم ، وأخذتم في عيوب الناس . ونجمل هذه الآداب باختصار شديد فيما يلي : تجنُّب الحرام في المأكل والمشربوالملبس والكسب لقوله عليه أفضل الصلاة و أتُّم السلام( يدعو الرجل )يَـمُدُّيَدَيْهِ إلـى السماءِ يا ربِّ يا ربِّ ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، ومَشْرَبُهُحَرَامٌ ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وقَدْ غُذِّيَ بالـحَرَامِ ، فأَنَّى يُسْتَـجَابُلَهُ) سنن البيهقي الكبرى عن أبى هريرة ، ورواه مسلـمالإخلاص لله تعالى وتقديمعمل صالح ويذكره عند الشدَّة كما فعل أصحاب الغار الثلاثة الذين ذكرهم النبي ولقولهتعالى{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}التنظُّف والتطهُّر والوضوءواستقبال القبلة وتقديم صلاة الحاجة إن أمكن ويستحسن الجثو على الركب عند الدعاءوالثناء على الله تعالى أولاً وآخراً والصلاة على النبي كذلك وبسط اليدين ورفعهمابحذاء المنكبين وعدم رفع البصر إلي السماء وأن يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنىوصفاته العليا وأن يتجنَّب السجع وتكلُّفه وأن لا يتكلَّف التغنِّي بالأنغام وخفضالصوت والتأدُّب والخشوع والتمسكن مع الخضوع والإقرار بالذنب أن يتخيَّر الجوامع منالدُّعــاء وخاصة الأدعيــة الصحيحة الواردة عن النبي أن يبدأ بالدُّعاء لنفسه وأنيدعو لوالديه وإخوانه المؤمنين وأن لا يخصَّ نفسه بالدعاء إن كان إماماً وأن يسألبعزم ويدعو برغبة ويكرر الدُّعاء ويلحَّ فيه وأن لا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم وأن لايدعو بأمر قد فُرِغَ منه وأن لا يعتدي في الدعاء بمستحيل أو ما في معناه وأن لايتحجَّر وأن يسأل حاجته كلها وأن لا يستبطئ الإجابة أو يقول دعوت فلم يستجب لي وأنيمسح وجهه بيديه بعد فراغه وأن يؤمِّن الداعي والمستمعأوْقَاتُالإِجَـابَةوقد حصر الأئمة الكرام الأوقات التي يتأكد فيها إجابـة الدعاء علىما ورد في الأحاديث الصحيحة فيما يلي : ليلة القدر ويوم عرفة وليلة الجمعةويومها ونصف الليل الثاني وثلثى الليل الأول والآخر وجوف الليل ووقت السحر وساعةالجمعة وهي في أصح الأقوال ما بين أن يجلس الإمام في الخطبة إلي أن تقضى الصلاةوشهر رمضان وخاصة عند الإفطار لقول النبى(الصَّائِمُ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُ)عن أبيهريرة رواه ابن ماجه فى سننه ، ومسند الشهاب . وكذلك بيَّنت الأحاديث الشريفةالأحوال التي يُرْجَى فيها إجابة الدَّعاء وهي : عند النداء بالصلاة ، وبين الآذانوالإقامة ، وعند إقامة الصلاة ، وعند الحيعلتين (أى حىَّ على الصلاة و حىَّ علىالفلاح اللتان بالآذان ) لمن نزل به كرب أو شدَّة ، وعند التحام الصف في سبيل الله، ودبر الصلوات المكتوبات ، وفي السجود ، وعقيب تلاوة القرآن ولا سيما الختم لمارواه الإمام السيوطي في جامعه الكبي ( أن العبد إذا ختم القرآن صلَّى عليه عند ختمهستون ألف مَلَك )وفي رواية الأذكار للنووي( أمَّن على دعائه أربعة آلاف ملك ) وعندصياح الدِّيكة وعند اجتماع المسلمين وفي مجالس الذكر وعند قول الإمام{وَلاَالضَّالِّينَ } وعند تغميض الْمَيِّت وعند نزول الغيث وعند رؤية الكعبة وهذا للعبدالذي لا يستطيع جمع قلبه على الدوام مع الله أما العبد الذي رزقه الله الإخلاصووفقه لتصفية القلب وتنقيته من الأغيار فأصبح همه مجموعاً على مولاه فهذا عبديستجيب الله له في أي وقت يدعو ومن ذلك ما روى عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنهأنه قال{ ما احتجت إلى شئ إلا قلت : يا رب عبدك يحتاج إلى كذا فما استتم هذا الكلامإلا وهذا الشئ بجواري } أمَاكِنُ الإِسْتِجَابَةوهي المواضع الشريفة وقد جمعالإمام الحسن البصري أماكن الإجابة في مكة المكرمة فقال :
{{ إن الدعاء هناكمستجاب في خمسة عشر موضعاً : في الطواف ، والملتزم ، وتحت الميزاب ، وفي البيت ،وعند زمزم ، وعلى الصفا والمروة ، وفي السعي ، وخلف المقام ، وفي عرفات ، وفيالمزدلفة ، وفي منى ، وعند الجمرات الثلاث }} ويضاف إلى ذلك : الروضة الشريفةوعند النبي وقد قال الإمام الجزري{ وإن لم يجب الدعاء عند النبي ففي أي موضع} لماورد في رواية الإسراء والمعراج المذكورة في الصحيحين عن أنس أن سيدنا جبريل قالله(انْزِلْ فَصَلِّ فَفَعَلْتُ فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتُبِطَيْبَةَ وَإلَيْهَا الْمُهَاجَرُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَصَلَّيْتُ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتَ بِطُورِ سَيْنَاءَ حَيْثُكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ،فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَبِبَـيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ) والصلاة هنا هيالدعاء ،ومما يزيدنا يقيناً في هذا الأمر ما حكاه الله عن عبده ونبيه زكريا حيثيقول (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاًقَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَيَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{37} هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُقَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُالدُّعَاء{38} فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِأَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِوَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ{39}
التعليقات (0)