كتاب ماذا لو حكم الإخوان؟
قراءة د/صديق الحكيم
صدر هذا الكتاب قبل أربعة أعوام من تولي د محمد مرسي رئاسة الجمهورية في مصر وهو يحقق بذلك نبوءة الكاتبة فماذا قالت الكاتبة فيما ذكرت قبل أربع سنوات ؟
تستهل الكاتبة فاطمة سيدأحمد دراستها بتساؤل هو نفسه عنوان هذا الاصدار: ماذا لو حكم الاخوان؟ تطرح هذه القضية بتصور لا يخلو من قلق الاجابة المتعسرة عن هذا السؤال، وأحياناً المقلقة بالنسبة الى شرائح واسعة في المجتمع المصري. تكتب فاطمة سيد احمد قائلة: "منذ ثمانين عاما والاخوان المسلمون يريدون السلطة والحكم والسيطرة على الشارع المصري باسم الدين(1) وعلى الرغم من ان كل محاولاتهم باءت بالفشل الذريع، غير أنهم جماعة عنقودية لا تعطي لمن حولها فرصة أن يتوهم بأنه تم تحجيمهم، أو الاقتناع بأنهم جماعة دعوية كما يلوحون في بعض الأحيان الحرجة".
تعرض الكاتبة، على نحو موثق وموضوعي(2)، تاريخ الاخوان المسلمين في مصر وسياساتهم المعتمدة من أجل الإمساك بالمرتكزات والمفاصل الهامة في المجتمع المصري. وترى، في هذا السياق، أنه خلال السنوات العشر الأخيرة، وتحديدا منذ العام 1995، استغل الإخوان ما يعتبرونه فرصة العمر، المتمثل في عملية الإصلاح السياسي من أجل رص صفوفهم وتعزيز حضورهم للتأثير في مختلف فئات المجتمع. وتؤكد الكاتبة من وجهة نظرها، أن هذا الاصلاح السياسي بشعاراته الديموقراطية، بدا بالنسبة اليهم بارقة أمل كبيرة من أجل أن يعودوا من جديد إلى واجهة العمل السياسي التي يكفلها الدستور وتضيف، إن "عام الحسم" لدى الاخوان، تمثل في العام 2005 لانه ينطوي على "النقطة الفاصلة" في تاريخهم السياسي والاجتماعي. فقد تمكنوا من إنجاح 88 عضواً لهم في الانتخابات النيابية التي جرت في تلك الاثناء، اضافة الى الحصول على مقاعد نيابية تندرج في خانة ما يسمي "المستقلين".
وتناقش الكاتبة قائلة إنه على الرغم من أن أعضاء مجلس الشعب يبلغون 454 نائباً، فقد تمكن الأخوان من تشكيل كتلة نيابية قوية ومتراصة ومتماسكة، لم تتردد، وفقاً للكتاب، في إثارة الصخب والضجيج والاحتجاج، بمختلف أنواعه ومظاهره، من أجل الاعلان عن غرضهم الحقيقي وهو ان هذا التكتل النيابي القوي يعبر بصدق وحيوية عن جماعة الاخوان المسلمين المحظورة بفعل القانون.(3)
يقع الكتاب في ثمانية فصول تتناول المحاور الآتية: فكر الإخوان واستراتيجياتهم السياسية والاقتصادية والمالية والدينية؟ الحظر الذي فرض على جماعة الاخوان المسلمين؟ المحطات التاريخية البارزة التي شهدها الإخوان منذ بداية نشوء الجماعة على يد مرشدهم الاول، حسن البنا، وصولاً الى مرشدهم الحالي، مهدي عاكف،(2008) التكتيكات المختلفة والمعقدة المتبعة من قبلهم على مستوى الانتشار واستمالة الناس والتأثير في نسيج المجتمع المصري، واستخدام هذه التقنيات من أجل محاولة السيطرة على الشارع والتغلغل في المناطق الشعبية والفقيرة؛ دلالات تطبيقية على هذه السياسات والخطط المنهجية من خلال مناقشات مستفيضة مع عدد من رموز الاخوان ذوي المكانة الهامة في صفوف الجماعة المحظورة؟
التأكيد بأن النموذج الإيراني الذي أرساه آية الله الخميني، على مستوى ممارسة الحكم والاحتفاظ بالسلطة، هو القناعة الأكثر أهمية وخطورة لدى الإخوان، ترى الكاتبة أن الإخوان في مصر يبدون اعجاباً كبيراً وتقديراً فائقاً لهذا النموذج باعتباره يشكل بالنسبة اليهم خارطة طريق جرت وقائعها على أرض الواقع، قد تفيدهم كثيراً في التوصل إلى ما يسعون إليه.(5)
وتناقش الكاتبة، في ملحق خاص بالكتاب، برنامج الاخوان المسلمين الذين كانوا أصدروه قبل أشهر عدة. وتجتهد في قراءته وتحليله وتفنيد بنوده على نحو نقدي، كاشفة، كما تزعم أن المفاهيم الكامنة بين سطور هذا البرنامج أكثر خطورة من المحتويات المعلنة، وتنتهي الى الاستنتاج بأن أي إجابة عن التساؤل الذي يطرحه عنوان الكتاب "ماذا لو حكم الاخوان"، لن تسفر إلا عن حقائق غامضة ومقلقة لأن الأفق السياسي، عندئذ، سيكون مفتوحاً على كل الاحتمالات. تعليقات علي الهامش
(1)السيطرة علي الشارع المصري الواعي لا تكون باسم الدين وإنما بالتواجد بين الناس وبذل الجهد في مساعدتهم بكافة أشكال المساعدة دونما من أوأذي وذلك طوال أيام العام وليس موسم الانتخابات فقط
(2)عرض الكتاب ربما يكون موثق لكنه توتيق ناقص يركن لوجهة نظر واحدة معادية للإخوان ويورد ما يتفق مع هذه النظرة العدائية وهو بذلك يخرج عن الموضوعية
(3) جماعة الاخوان المسلمين المحظورة بفعل القانون وموضوع الحظر هذا قتل بحثا وصدرت فيه أحكام وهنا أحيل القارئ الكريم لمقال لي وهذاهو الرابط http://sedeeks.elaphblog.com/posts.aspx?U=6389&A=118008
(4)والكتاب علي مافيه من التحيز ضد الإخوان إلا أنه جاء بنبوءة حكم الإخوان قبل أربع سنوات والسؤال للكاتبة هل ستكتب جزء ثان للكتاب لتجيب علي سؤال كتابها الأول الذي خلا من الجواب؟ أرجو ذلك
(5) النموذج الإيراني لم ولن يكون هو النموذج الملهم للإخوان لأن نشأة الإخوان تسبق قيام الثورة الإيرانية بنصف قرن وفهم الإخوان للإسلام كما جاء في الأصول العشرين يختلف تماما عن الفهم الإيراني فلايوجد لاولاية فقيه ولا عصمة لأحد ومن أراد أن يستكثر في هذا الأمر فعليه بكتاب شرح الأصول العشرين للقرضاوي أوجمعة أمين أوعبد الكريم زيدان فسوف يجد البون الشاسع بين الفكرتين في الفهم والتطبيق
التعليقات (0)