كتاب جديد عن مقتل بن لادن يثير سجالاً واسعًا في الولايات المتحدة

بعيد الإعلان الرسمي عن كتاب يتناول تفاصيل عملية مقتل زعيم القاعدة بقلم جندي شارك فيها، نبشت وسائل الإعلام الأميركية في هوية مؤلفه الحقيقية حتى عثرت عليها. وهكذا بدأ جدل واسع النطاق حول ما إن كانت محاكمته لإفشاء أسرار الدولة هي الخطوة التالية أو العفو عنه باعتباره بطلاً.
 

لندن: رُفع النقاب الآن عن هويّة مؤلف كتاب بعنوان «اليوم العسير» عن تفاصيل العملية الأميركية الجريئة لقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وهو جندي سابق في وحدة «سيل» البحرية الخاصة التي نفذت تلك العملية.

وجاء هذا النبأ بعد يوم واحد فقط من الإعلان رسميًا عن الكتاب نفسه.

وكانت فضائية «فوكس نيوز» الأميركية هي أول من كشف هوية الجندي - المؤلف، فقالت إن «مارك اوين» اسم مستعار للكاتب الحقيقي، وهو مات بيسونيت. وبعد ساعات قليلة أوردت «أسوشييتد برس» أن مصديرين عسكريين، أحدهما ضابط متقاعد والآخر ضابط عامل لكنهما طلبا حجب هويتيهما إذ ليس مخولاً لهما مناقشة الأسرار الحربية، أكدا لها الاسم الحقيقي (مات بيسونيت).

وأضافت أسوشييتد برس أن المؤلف (المتقاعد قبل وقت قريب من وحدة «سيل») من أهل فيرجينيا بيتش في ولاية فيرجينيا. فكشفت بذلك محاولة الدار الناشرة «دوتون» إضفاء المزيد من الغموض على هويته الحقيقية لأنها قالت - بين مزاعم أخرى - إنه نشأ في ألاسكا.

وفي أعقاب رفع «فوكس نيوز» النقاب عن أن مات بيسونيت هو المؤلف، أصدرت دار «دوتون» بيانًا جاء فيه قولها: «مثل كل عامل آخر في وحدة «سيل»، خاطر مارك اوين بحياته من أجل بلاده لفترة تمتد أكثر من عشر سنوات. وبتأليف كتابه فقد كان يقوم بعمل شجاع ويخاطر بأمنه الشخصي.

وهذا هو الدافع الوحيد لقرارنا نشر الكتاب باسم مستعار.

وانطلاقًا من هذه الزاوية المهمة فإننا نناشد سائر وسائل الإعلام وكل الأميركيين النظر الى الحقائق ومترتباتها والامتناع تاليًا عن إلقاء الضوء على هوية المؤلف الحقيقية».

ولأن عملية قتل بن لادن لا تزال مصنّفة «سرية» في ملفات وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، فقد قال ناطق باسم البحرية - قبل الكشف عن هوية المؤلف الحقيقية - إن المؤلف يعرض نفسه للقضاء من جهتين عسكرية وجنائية محتملة لإفشائه أسرارًا تتعلق بالأمن القومي للولايات المتحدة.

ولاحقاً شرح خبراء هذا الأمر بالقول إن بيسونيت لم يسعَ للحصول على الضوء الأخضر لكتابه قبل نشره من الجهات العسكرية المسؤولة لأن القوانين العسكرية تفرض هذا على العسكريين المتقاعدين أيضًا. ومن الممكن أن يواجه دعوى مدنية جنائية لأنه كشف معلومات مصنّفة «سرية».

ومع كل ذلك، فثمة أصوات وسط المحللين تقول إن إدارة الرئيس أوباما ربما ترددت كثيرًا قبل أن تشرع في أي إجراءات ضد المؤلف «لأنه ساعد في عملية قتل «عدو الولايات المتحدة الإرهابي الأكبر على الإطلاق، وعلى هذا الأساس فهو بطل قومي أدى خدمة جليلة للبلاد».

لكن هذه الأصوات تسارع ايضاً الى القول إن كل هذا «رهن بألا يكون الكتاب حاويًا لأسرار أمنية واستخباراتية عالية الحساسية ومن شأنها بالتالي الإضرار بالأمن القومي الأميركي».

وتشير الأنباء الواردة الى أن الكتاب أغضب أيضًا عددًا لا يستهان به من العسكريين الذي عملوا سابقًا أو لا يزالون يعملون في وحدة «سيل» بحيث أن بعضهم لم يتورع عن اتهام الكاتب بالخيانة.

وينطلق هؤلاء من أن الكتاب «ربما شكل خطرًا على عمليات هذه الوحدة البحرية الشهيرة في المستقبل. وقال أحدهم في لقاء مع فوكس نيوز: «كيف يتسنى لنا الطلب الى أي من الأفراد العاملين في وحدة سيل التزام الصمت حيال عملياتها بينما هذا الرجل يكشف للعالم كله أسرارها كما حلا له»؟

يذكر أن أكثر من عشرين جنديًا في «سيل» على طائرتي هليكوبتر شاركوا في عملية قتل بن لادن التي استغرقت 38 دقيقة خلال إغارتهم على مجمعه في أبوت أباد الباكستانية في الثاني من مايو / ايار 2011.

وأتي هذا التطور بناء على تقرير من وكالة الاستخبارات المركزية «سي اي ايه» يفيد أن «رجلاً طويل القامة يتمشى بانتظام على غرار ما يفعله نزلاء السجون في فناء المجمع».

وجاء هذا بمثابة شبه تأكيد لأن الرجل المعني هو بن لادن. وكان هذا لأن المجمع ظل خاضعًا للمراقبة المستمرة بسبب الشك في أنه يعود الى زعيم القاعدة.