كتاب الضوء اللامع
بقلم صديق الحكيم
فاتحة القول: اليوم أضيء شمعة جديدة من (الشموع البيضاء) لعلها ترشد السائر في طريق المعرفة إلي سواء السبيل واليوم حديثنا عن كتاب (الضوء اللامع لأهل القرن التاسع)
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع الهجري هو كتاب في التاريخ والتراجم ألفه شمس الدين السخاوي. وهو أوسع مصدر في تاريخ القرون الوسطى الإسلامية القرن الخامس عشر الميلادي أو أواخرعصر المماليك وقد استدرك فيه السخاوي على شيخه ابن حجر العسقلاني ما فاته في كتابه الدرر الكامنة وبسط تاريخ أهل القرن التاسع الذي أوله سنة 801 هـ. وترجم فيه للعلماء والقضاة، والرواة، والأدباء، والشعراء، والخلفاء، والملوك، والوزراء، من أهل مصر والشام والحجاز واليمن والروم والهند، شرقاً وغرباً، رجالاً ونساءً، ممن توفوا في هذا العصر، أو تأخروا إلى القرن العاشر : وسرد ـ في ترجمة كل واحد ـ محفوظاته وشيوخه ومصنفاته، وأحواله ومولده ووفاته، وقد خصص الجزء الحادى عشر منه للكنى، والثاني عشر للنساء. وقد تصدى معاصروه لانتقاده، والتشنيع عليه، منهم جلال الدين السيوطي، الذي ألف في انتقاده كتاباً سماه (الكاوي في تاريخ السخاوي) وهذا لا يخفض من شأنه فالكتاب نادر المثال في بابه، في صدر الكتاب ترجمتان للمؤلف منقولتان عن الشوكاني وابن العماد الحنبلي وفي آخر كل جزء فهرس واحد للتراجم. وهذه فائدة مهمة حول منهج الحافط السخاوي في كتابه " الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" أوردها الشيخ عبد الرحمن بن صالح السديس جاء فيها هو كتاب مشهور معروف ، موضوعه في التراجم العامة لأهل القرن التاسع.وهو كتاب مفيد قل أن تخلوا منه مكتبة ، وقد استفاد من كتابه معاصروه ، ومن جاء بعده ..لكن على الكتاب مأخذ يجب الحذر والتحذير منه ، رغم ما فيه من فوائد ، ومكانة مؤلفه بين العلماء في زمانه وبعده .وهذا المأخذ نبه عليه علم المجتهدين القاضي الشوكاني رحمه الله ، وذلك في كتبه البديع : البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع في مواضع عدة من كتابه لعلي أسوق لك بعضها لتنظر ماذا قال..
قال الشوكاني رحمه الله في ترجمة البقاعي ص40:وبرع في جميع العلوم وفاق الأقران لا كما قال السخاوي: إنه ما بلغ رتبة العلماء بل قصارى أمره إدراجه في الفضلاء وأنه ما علمه أتقن فنا.
وقال الشوكاني [في ترجمة: أحمد بن علي أبو العباس الحسيني الذي يعرف بابن المقريزي صاحب كتاب السلوك بمعرفة دول الملوك] ص97
وله مؤلفات غير هذه ، وجد بخطه أن تصانيفه زادت على مائتي مجلد ، وأن كبار شيوخه بلغت ستمائة نفس .وكان متبحرا في التاريخ على اختلاف أنواعه ، ومؤلفاته تشهد له بذلك وإن جحده السخاوي فذلك دأبه في غالب أعيان معاصريه.ولعلي أختم بهذا النقل عن الشوكاني ذاته الذي قدح منهج السخاوي في الضوء اللامع في وصف هذا الكتاب .قال الشوكاني ص703: [في ترجمة السخاوي بعد أن سرد مؤلفاته]
ولو لم يكن لصاحب الترجمة من التصانيف إلا "الضوء اللامع" لكان أعظم دليل على إمامته فإنه ترجم فيه أهل الديار الإسلامية ، وسرد في ترجمة كل أحد محفوظاته ومقرواته ، وشيوخه ، ومصنفاته ، وأحواله ، ومولده ، ووفاته على نمط حسن ، وأسلوب لطيف ينبهر له من لديه معرفة بهذا الشأن ، ويتعجب من إحاطته بذلك ، وسعة دائرته في الإطلاع على أحوال الناس فإنه قد لا يعرف الرجلُ ـ لا سيما في ديارنا اليمنية ـ جميعَ مسموعات ابنه أو أبيه أو أخيه فضلا عن غير ذلك ، ومن قرن هذا الكتاب الذي جعله صاحب الترجمة لأهل القرن التاسع بـ"الدرر الكامنة" لشيخه ابن حجر في أهل المائة الثامنة ؛ عرفَ فضلَ مُصَنَفِ صاحب الترجمة على مُصَنَفِ شيخه ، بل وجد بينهما من التفاوت ما بين الثرى والثريا ولعل العذر لابن حجر في تقصيره عن تلميذه في هذا أنه لم يعش في المائة الثامنة إلا سبع وعشرين سنة بخلاف صاحب الترجمة فإنه عاش في المائة التاسعة تسع وستين سنة ، فهو مشاهد لغالب أهله ، وابن حجر لم يشاهد غالب أهل القرن الثامن ، ثم إن صاحب الترجمة لم يتقيد في كتابه بمن مات في القرن التاسع ، بل ترجم لجميع من وجد فيه ممن عاش إلى القرن العاشر ، وابن حجر لم يترجم في الدرر إلا لمن مات في القرن الثامن.
خاتمة القول : الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع للسخاوي لا ريب جدير بالقراءة لأن به من الفوائد الجمة وبه من حيوات السابقين مالا يحصي الدروس والعبر وبعد فقدكانت هذه شمعة أخري مضيئة لسالكي سبيل المعرفة الموصلة للنهضة المنشودة لمصرنا الحبيبة
وهذا رابط الكتاب لتنزيله مباشرة لمن أراد الاطلاع عليه
http://www.waqfeya.com/search.php
والله من وراء القصد
الشموع البيضاء (3) 2 أغسطس 2012
التعليقات (0)