في هذه السلسلة من المقالات سنتكلم في كل أسبوع عن كتاب سأقرأه لكم ثم أعطيكم أهم أفكاره وأحيانا أخطرها ، والرسالة التي هدف الكاتب إيصالها من خلال كتابه وسأبدأ من أهم عشر روايات وأكثرها مبيعا في العالم
في المرتبة العاشرة تحل رواية الكاتب الأمريكي داون براون بعنوان شيفرة دافنشي حيث بيع منها ما يزيد عن 80 مليون نسخة حول العالم ، وهي رواية فلسفية عقائدية وبوليسية بآن واحد تحمل أيضا أفكار خطيرة جدا
يتحدث الكاتب في روايته عن حقائق ووثائق تاريخية تعمل الكنيسة على الحصول عليها والتخلص منها ، ويروي ما سماها حقائق تاريخية من وجهة نظره من خلال أحداث بوليسية شيقة لجرائم قتل ارتكبها الفاتيكان لشخصيات كبيرة في الجمعية المالكة لهذه الوثائق الهامة ، وهي جمعية سيون الماسونية والتي تأسست عام 1099م على يد فرسان الهيكل
يوكل الفاتيكان مهمة ارتكاب الجريمة للمجموعة الأسقفية الكاثوليكية (أبوس داي) وهي مذهب متشدد جدا نشأ في اسبانيا عام 1928 على يد خوسيماريا اسكريفا ولهذا المذهب طقوس خطيرة ، وخاصة ما كشف للناس من طقوس التطهير الجسدي الذاتي وقد قام البابا السابق بولس الثاني عام 1982 بترقيتهم ضمن الفاتيكان
ضحية هذه الجرائم الشخصيات الثلاث والأرفع في جمعية سيون ومعلمهم الأكبر جاك سونيير قيم متحف اللوفر في باريس ، والذي يترك رسائل وألغاز مشفرة لحفيدته صوفي وعالم الرموز الأمريكي روبرت لانغدون ، واللذين يعملان بجهد كبير لفك هذه الشيفرات للحصول على خريطة حجر العقد الذي سيرشدهم إلى مكان الوثائق السرية
يظهر ولع الكاتب الشديد بالرموز والشيفرات القديمة والتي تعود لعهود الوثنية وعبادة الطبيعة من خلال تخصيص الحوارات بشكل كبير في هذا المجال ويتحدث عن ارتباط هذه الرموز بشكل وثيق بالجمعيات والتنظيمات الماسونية
كما يظهر الاعجاب الواضح للكاتب بمتحف اللوفر في باريس وبلوحاته العظيمة وخاصة لوحات الفنان الايطالي ليوناردو دافنشي والذي كان أحد المعلمين الكبار لجمعية سيون المناهضة للكنيسة ، ويغوص الكاتب في الغموض العجيب الذي يلف لوحات دافنشي وخاصة لوحة العشاء الأخير الذي يشير فيه دافنشي لحقيقة هذه الوثائق التاريخية ، ولوحة عذراء الصخور التي يشير فيها إلى مكان وجودها
يفترض الكاتب في الراوية أن المسيحية - بعد أن أخذت بالانتشار عى حساب الوثنية التي كانت منتشرة من قبل - تعرضت للتحريف من قبل الفيصر قسطنطين العظيم والذي تخوف من المد المسيحي المتنامي فقام بالمزج بين الوثنية والمسيحية واليهودية ، ثم دعى إلى اجتماع في مدينة نيقية دعي بالمجلس النيقاوي وفيه تم التصويت والمصادقة على تحويل المسيح إلى إله ، وجمعت الأناجيل الصحيحة ثم أحرقت وتم كتابة انجيل جديد يتوافق ومصالح القيصر والكنيسة التي كانت تتقاسم السلطة مع القيصر ، لكن بعض الأناجيل نجت من الحرق وتم اكتشاف بعضها في البحر الميت
مجموعة الوثائق الهامة التي يسعى الفاتيكان للحصول عليها (من خلال أحداث بوليسية شيقة) والتخلص منها يطلق عليها (الكأس المقدسة) ، وهذه الوثائق تم اكتشافها في هيكل سليمان من قبل فرسان الهيكل ، وتاريخيا دار صراع دموي بينهم وبين الفاتيكان للحصول عليها
تشير هذه الوثائق إلى الحقيقة التاريخية التي تهدم المسيحية المعاصرة والكنيسة معا ، وتنص على أن المسيح ليس إلها وإنما هو بشر وقد تزوج من تلميذته السيدة مريم المجدلية ولديه ذرية وشجرة عائلة مدونة في هذه الوثائق ، وهذا هو سبب الصراع الدموي التاريخ حول الغريل (الكأس المقدسة) وفي نهاية الرواية نكتشف أن بطلة الرواية صوفي هي الكأس المقدسة حيث تكشف لها رسائل جدها المشفرة أنها من سلالة المسيح عليه السلام وقد كانت مهمة الماسونيين حمايتها وأجدادها من خطر الكنيسة
لكن في المقابل هناك أهداف خطيرة للغاية عمل الكاتب على دسها في روايته وتتمثل بشكل رئيسي في نزعته الواضحة للعودة بالإنسان للطقوس الوثنية وإعجابه الواضح بتقبل الإباحية في المجتمع الوثني
كما عمل على تصوير فرسان الهيكل على أنهم حماة الدم المقدس ويحملون رسالة عظيمة ومقدسة للبشرية ، متجاهلا الحقائق التاريخية الدموية لهذه الجمعيات مما يدل على ميوله الماسونية ، ويسوق لصراع بينهم وبين الفاتيكان إلا أن الحقائق الواقغية تدل على وجود قاسم مشترك كبير في الأهداف يتشاركون فيها مع الفاتيكان
استهتار مبالغ بحق السيد المسيح عليه السلام ونسب أفعال لا تليق به وبعضها اباحي لا يليق بالمصلحين فكيف بالأنبياء ، وللأسف فمعظم الذين يتشدقون بهذا الكتاب من المسلمين لا يعلمون أن الرسالة الواضحة والرئيسية منه هي هدم الإسلام أيضا وليس فقط المسيحية
حيث يتهم الانجيل والقرآن بأنها كتب باطلة وملفقة ، وهذا الكلام خطير جدا وباطل علميا وتاريخيا فصحة ودقة القرآن مثبتة تاريخيا وعلميا ما يدل على وجود عدم كفاءة علمية لدى الكاتب ، إنما يدس السم في روايته محاولا جعل القرآن والانجيل على صعيد واحد
في النهاية : برأيي أن الكاتب تائه فكريا وضائع بين اليهودية والماسونية ولكن تأكيده الواضح على وصف الأقصى بهيكل سليمان واعتقاده أن المسيح كان يهوديا يدل على تأييده لليهودية على حساب غيرها من الأديان ، لأن الطقوس اليهودية هي الأقرب للوثنية وهذا هو أساس المنهج الماسوني
التعليقات (0)