مواضيع اليوم

كبش الفداء ومسيحيو العالم العربى

Michael Nagib

2010-02-22 18:54:26

0

عندما يغمض الإعلام العربى عينيه عن رؤية الجرائم اليومية التى تحدث لمسيحيى العراق وغيرهم من الطوائف الدينية الأخرى على أيدى جماعات العنف الإسلامية ، يعطى ذلك الجميع أنطباع واحد فقط وهو تآمر الإعلام العربى مع تلك الجماعات وإعتقادهم بأن ما يقومون به من أعمال عنف وقتل فى حق المسيحيين أعمال شرعية يؤمنون بها يقيناً لذلك يساندونها بغض البصر عنها !
فهذا الصمت المريب تجاه ما يتعرض له مسيحيو العراق من حملات أضطهاد وقتل ليس جديداً بل ويسير فى خط واحد مع سياسة الصمت القاتل الذى تمارسه وسائل الإعلام المصرية مع ما يحدث ضد المسيحيين المصريين من جرائم قتل ويتم تبرئة القتلة بحكم القانون العقيدى المنحاز ، وأعمال عنف وأعتداءات على الممتلكات الشخصية والدينية ومسلسل خطف الفتيات المسيحيات والمحاولات الطفولية الساذجة لإجبارهن على الدخول فى الإسلام .
بالطبع على الإنسان المسيحى أن يتحمل الإهانات والإساءات والمضايقات والتصرفات الصبيانية فى الحياة اليومية بأختلاف ألوانها ، والنيل من الدين المسيحى والمسيحيين على صفحات الجرائد وبرامج التلفزيون ، تلك الإهانات التى تأتى دائماً من رجال يقال عنهم أنهم مثقفون مثال د.محمد عمارة وغيرهم كثيرين من السابقين واللاحقين فى وسائل إعلامنا العربى والمصرى تحديداً الذين يكررون الكلام باطلاً عن أن المسيحيين يؤمنون بديانة محرفة غير نقية لا تؤمن بإله واحد ، وبالتالى فالمعنى الطبيعى المقصود أن يصل إلى أذهان المواطنين أن المسيحية الحاضرة ديانة كافرة وأتباعها كفار مما يعنى الكثير والكثير بالنسبة لأفراد المجتمع المصرى والعربى كافة الذى يفرز بدوره ردود فعل يضعون مسئوليتها على أكتاف إله العنف.
مثال واقعى ذكره لنا الأستاذ سامى البحيرى فى مقال له على صفحات جريدة إيلاف الألكترونية " أسمك إيه يا شاطر ؟ " يوضح لنا هذا الواقع الهزلى ونتائجه المؤلمة فى حكاية شاب مصرى جريمته الوحيدة التى جعلت المسئولين فى أحد الأندية الكبرى المصرية لكرة القدم يرفضون أنضمامه إليه هى أنه ببساطة : مسيحى ! !
إنه مثال بسيط لما يحدث فى حياة المصريين المسيحيين ودلالاته لا تحتاج إلى تعليق لأنها حالات كثيرة متكررة فى الماضى والحاضر المصرى !

بالرغم من التعتيم الإعلامى إلا أن العنصرية الدينية واقع لا جدال فيه فى مجتمعنا المصرى التى يرفض النظام الحكومى الأعتراف بوجودها ويحاول دائماً التقليل من وجودها بإبراز شعارات الوحدة الوطنية والكلام المعسول مما يجعلها تتوغل أكثر فى نفوس الأجيال الحاضرة والمستقبلة.
وسط هذا الجو المشحون بالعداء والإثارة الإعلامية ، كيف يمكن للمواطن المسيحى أن يشعر بصدق التصريحات الرسمية النادرة ويرى وسائل الإعلام تنشر ما يسئ ويحقر من الديانة المسيحية وأتباعها بأعتبارها كما يقول هؤلاء الفقهاء والمفكرون الذين لا يمثلون إلا أنفسهم أنها ديانة التحريف والتبديل والتزييف ؟ ماذا تفعل وزارة الإعلام المصرية لإيقاف كل هذه الكتابات والأتهامات ؟
متى يفهم الجميع أن حضارة الدين تتلخص فى الأرتقاء بمشاعر وقيم الإنسان نحو الأفضل لإقامة حاضر ومستقبل يسوده الخير والمحبة والسلام والعدل ؟ هل يحتاج مجتمعنا العربى إلى وضع أبجدية جديدة للقيم الإنسانية ليتعامل بها مع غيره من بنى البشر بديلاً عن البربرية والقبلية المقيتة ؟ متى يبدأ المثقفون بتوضيح أن من لا يؤمن بعقيدتى الدينية ليس معناه أنه عدوى أو عدو الله ؟
ينبغى الإيمان بأن لكل إنسان حرية عبادة الإله بالطريقة التى أختارها لنفسه دون تكفير أو ترهيب ، وأن ننظر إلى الآخر نظرة جمالية تفيض حباً كما علمنا السيد المسيح الذى نؤمن به جميعاً على أختلاف عقائدنا والأتفاق الصريح على أن رسالة الدين تعنى أساساً بخلق إنسان جديد له ضمير حى وقلب نقى يسعى إلى الأعمال الصالحة.
هل تسعى الحكومة إلى بناء ثقافة دينية تعترف بالمواطنين مؤمنين أو ملحدين حقوقهم وواجباتهم واحدة لا تمييز لواحد على الآخر؟
نريد أن نصدق كلمات الحكام والرؤساء بأننا جميعاً مواطنين ولا علاقة للدين فى حقوق المواطنة ، نريد أن نصدق أن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الجميع سواسية أمامها لا تفرق فى معاملاتها للإنسان بين مسيحى ومسلم وكافر ، نريد أن نصدق حقاً أن الدولة تعمل بجدية على إزالة كل الظواهر السلبية التى يرتكب فيها مواطنين مسلمين جرائم ضد مواطنين مسيحيين ويتساهل فيها القضاء والشرطة والإعلام بطرق يعلمها الجميع . متى يؤمن المواطن العربى بأن المسيحية ليست جريمة يعاقب عليها الله والقانون، وأن المسيحيين ليسوا أبناء زنى بل أبناء شرعيين مثلهم مثل أخوتهم المسلمين بشراً من لحم ودم ؟
متى نرى إعلاميين يستوعبون جيداً المسئولية الأخلاقية تجاه مشاكل المجتمع والتفاعل إيجابياً معها دون النظر إلى اللون والعرق والدين ؟
أسئلة حائرة تنتظر التدخل الحاسم لرئيس الجمهورية حسنى مبارك ولكل حاكم عربى لتحديث العقلية العربية بمستجدات العصر من حرية وديمقراطية وحقوق فطرية طبيعية إنسانية مشروعة لبنى البشر أجمعين !

 2004 / 7 / 4




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !