مواضيع اليوم

كبت الحريات والانفجار الاجتماعي.!

فرقد المعمار

2011-09-21 21:44:11

0

الحقيقة تبقى حقيقة موضوعية ولكن ادراكنا لهذه الحقيقة بلاشك هو امر نسبي وهذا سبب اختلاف الناس, واختلاف الناس امر طبيعي سنني وليس حاله شاذة نبغظها اونحاربها او نقاتل الناس عليها او من اجلها.وأٌقرأ ان شئت   (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) 
وعليه فلا مشكلة في الاختلاف كما ان لامشكلة في الحقيقة فالوصول اليها غاية لا تدرك،وهدف لايترك, والافضل منها هو الاقتراب من الحقيقة حيث يفترض أن يكون تقييمنا للاشياء والافكار والوسائل مبنيّاً على مبدأ التغليب والترجيح, وليس على الاحاطة والكمال, فهكذا هي أمور هذه الدنيا تُبنى على الغالب الاعم  وليس على الخير المحض ولا الشر المحض ولا على توقُّع الكمال المطلق,اذن في امور الدنيا وحراكها واستنباطاتها انطلق بعقلك باقصى سرعة تستطيع ان تصل اليها,ولكن في امور العبادة والشعائر اكبح السرعة وهدأ من روعك فان هناك مطبات كبيرة وكثيرة.! فهناك فرق بين التعبد والتدين , التعبد هو مجموعة الشعائر التعبدية من صوم وصلاة وزكاة وغيرها وهي امور شبه محسومه وهي لاتكاد تاخذ من القران الكريم الا 5-10% منه اما التدين فهو حركتك وحراكك خارج المسجد هو الاخلاق والتعامل والصدق والاخلاص في العمل واحترام الوقت وهي بناء الانسان ونهضة المجتمع وصروح الحضارة وغيرها والتي تاخذ 90% من القران الكريم , واذا ما اعتقدنا ان المشكلة ليست بالحقيقة كما انها ليست بالاختلاف كونه سنه طبيعية من سنن الكون فستكون عقدة المنشار في احتكار الحقيقة وتعظيم الذات والكمال الشخصي بمقابل  تسفيه المخالف وتحقير الاخر,
لا بل اكثر من ذالك  فازيد من البيت ابيات فاقول ان الله عزوجل خلق الخلائق من اجل هذا الاختلاف من اجل هذه الفسيفسائية الباهره من اجل هذا الكم الهائل من الالوان الثقافية والانوار الفكرية , الاختلاف هو الذي يمـّكن للناس ان تتلاقح افكارهم وتتدامج ارائهم وتمتزج ثقافاتهم فتنتج لون جديد, على ان هناك فرقا دقيقا بين الاندماج الذكي  والذوبان الكامل ,كما ان هناك فرق بين الاندماج الوطني والذوبان الديني , وفرق بين التعايش السلمي الاهلي وبين الذوبان ,هل رأيت رسام يدمج لونين فينتج لون ثالث جديد كذالك الافكارتفعل فاللون الجديد يحمل بماهيته مكونات اللون الاصيل وهذا ما يسمى الدمج بين الاصالة والحداثة ,هذه الالوان الجديده من الافكار والثقافات تتألق نتيجة عدم الخوف ولا حتى التردد من الانفتاح على افكار وثقافات الاخرين, هل رئيت الرسام كيف يجرب بلا تردد مزج الالوان ليحصل على اللون المناسب بالقدر المناسب بالمكان المناسب كذالك نحن يجب ان ننفتح على ثقافة الاخرين وبلا تردد على ان تكون افهامنا القاصرة عن الاصالة زناجيل عتيدة وسلاسل غليظه تحول دون التقدم والازدهار. وهكذا كل جيل جديد هو نتاج لتناسل ثقافات الجيل الذي سبقه,  وهذا التمازج هو الذي ينمي الحضارة ويدعم المعرفه البشرية وهذا التلاقح هو الذي سيصنع النهضة وهذا التناسل والتزاوج هو الذي سيولد الافكار الجديدة التي قد تبدو صغيره كالاطفال لكنها غدا ستنموا وستكبروستكون حكمة ومجد وستتقلد بوسام الحضارة ودروع السؤدد,
الخلاف ليس مذموم كما تتوهم ثقافتنا المُعـَوِقة والمـُعاقة ,النحيله والمشوهه التي تعاني نقصا حادا في السلوك ووسواس قهري في الفكر  وكساح في الاخلاق وهشاشة في القيم وخرف شيخوخة في المبادئ وفقدان للذاكرة وزهايمرفي المعرفه,الخلاف ليس مذموما كما يتوهم الواهمون والحقيقة ليست بعيده عن طالبيها ولكن مشكل الخلاف هو في احتكار الحقيقة واقصاء الاخر (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [البقرة :113
فهولاء اليهود احتكروا الحقيقة وقالوا نحن اعلم العالمين وشعب الله المختار فسخفوا وحقرو وألغوا النصارى ثم هاهم النصارى يفعلون العكس ثم هاهم نحن نفعل مثل فعل اليهود والنصارى فنلغيهم ونستحقرهم معا ونسفههم ونستعلي عليه بكمال ذاتي مقيت واستعلاء فارغ بلا داعي  (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ)
الاختلاف ليس مذموما ولكن طريقة تفكيرنا هي المذمومة المجتمع الذي لاأختلاف فيه ,يـُستعبد ويـُـقهر فيه الفرد بحزب واحد او فكرة واحدة, او خندق واحد, او لون واحد, ولايسمح فيه بالتعددية الفكرية والحرية العقائدية والدينية وحق التعبير والتغيير وتكبت في طاقات المجتمع هو مجتمع غير مستقر كما قد يبدوا خطأ  وغير خامد و يجلس على اعلى قمة (مونا لوا ) البركانية ووسط فوهة بركان نشط يوشك ان ينفجر حمما ثورية عارمة ماتذر من شي اتت عليه الا جعلته كالرميم, وانفجارات اجتماعية عنيفة لاتبقي ولاتذر تحرق الاخضر واليابس فيصبح هشيما تذروه الرياح.! ولعل في هذا رد للذين ادمنوا نظرية المؤامرة الذين يفكرون خارج المجرة.!
المجتمع الذي تكبت افكاره وتحبس ثقافته وتعذب ارائه ويقتل ابداعه ولايسمح بصعود الافكار الى السطح ولاينفس بالتعبير سوف يضطر ان يبقى منضغطا تحت الارض ويعمل في الخفاء والسر فيعيش المجتمع فكر الجحور وثقافة الفئران ويعيش حالة انفصام في شخصيته يظهر لك شي ويخفي عنك أشــياءُ,الناس لابد ان يعيشوا مختلفين ,هكذا هي طبائعهم وطبيعتهم وخلقهم واخلاقهم, وحتى لو تبرمج قسم من المجتمع بالترغيب تارة وبالترهب اخرى  بالسوط تاره وبالجزره تاره اخرى  على رؤية احادية مطلقة فسيبقى قسم كبير منه لايستطيع الاندماج او الذوبان وسيتحولون الى قنابل موقوته لفرقعة وتفجر المجتمع في اي لحظة, هذه هي طبائع الاشياء وسيرة السنن فعبثا يحاول المستبدون مصادرة الراي واحتكار الحقيقة ,( قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ)
ورب سائل يسال :كيف يمكن ان نضبط هذا الاختلاف الذي نعتبرة ظاهرة صحيه حتى لايتحول الى تعدي على الاخر المخالف فنقول الخلاف ينبغي ان يكون منضبط بضوابط يتفق عليها جميع الفرقاء المتخالفين فهو اذن اختلاف منضبط فمثلا لاعنف مسلح في فرض اي رأي لأنها ضد مصلحة الطرفين فلا رابح في الحرب والجميع خاسر، ومثلا للكل حق التعبير وحرية الاعتقاد وتشكيل منابرالدعوة والتبشير وغيرها ,فما دام الخلاف في اطار الرأي فقط  والكلام فقط والقلم فقط يجب ان يكون مسموحا به للجميع ومهما كان الخلاف, اما كيف يمكن ان نضمن بقائه ضمن المسموح به فهو بوجود قضاء عادل ومؤسسات عدلية مستقلة ,والواقع يشد بهذا وخذ الغرب مثلا كيف انطلق في مجالات الحضارة عندما عاش المجتمع الحرية والحفاظ على كرامة الانسان  وانظر الى مجالات التخلف والجهل التي تعيشها مجتمعاتنا العربية والاسلامية عندما عاشت اجواء الاستبداد والكبت الاجتماعي, فنحن هنا لانتكلم عن مثاليات غير موجودة الاعلى صفحات الكتب بل ان واقع يعاش هنا على الارض وليس في المريخ, وتستطيع ان ترة بعينك وتسمع بأذنك, وتجارب العالم اثبتت ان هذا ممكن, واثبتت ان هذا الازدهار لايمكن ان يكون الا بهذا الانفتاح,ولهذا نلاحظ ان المجتمعات المنفتحه هي التي بدأت تزدهرفما بقيت المجتمعات المغلقة والمنغلقة تسبح في بحر من صحراء التخلف ورمال الجهل المتحركة, ولهذا نلاحظ ايظا عندما يكون المجتمع اسير ثقافة واحدة ولا يعيش حالة التجدد والتنوع ويتنفس ثقافة النسخ المكررة والمتكررة الممله تكون النهاية الطبيعية تكلس وجمود وتحجر,وتستطيع ان تتلمس رؤس الكثيرين وهم يهزون برؤسهم اذا ما خطب الشيخ خطبة الجمعة مثلا كناية على انهم سمعوا هذا الحديث وعرفوا تلك الرواية..! وحفظوها عن ظهر قلب عدد ماسمعوها, على عكس التنوع  الثقافي المفتوح الذي تصطدم فية بكل لحظة بمعرفة جديدة فتعيش التجدد والتجديد لأن كل فرد يحمل مزية وثقافة تختلف عن غيره فيكون هذا النمو والازدهار والثراء.!
هنا مصطلح اود التركيز عليه وهو المناخ التنافسي وهو عامل مهم جدا في المجتمعات المفتوحة وهو يعني ببساطة  : من لايتطور سريعا يسقط  سريعا وهذا الجو يشحن المجتمع شحنا ويدفعها دفعا نحو التحسن المستمر والتطور والتطوير الدائم والا فبلا شك مصيرك محتوم لأن مجال التنافس عالي جدا والبقاء للافضل والاصلح والاحسن,وهو مصدر قوة المجتمع المفتوح, هذا المناخ التنافسي يجعل عقلك يعيش حالة طوارئ مستمر وعواطفك تعيش حالة استنفار دائم وهذا بالحقيقة يجعلك تعيش حالة التحدي مع ذاتك اولا ومع غيرك ثانيا وهذا مايجعلك تتحرك بكل اتجاه وسابحا بكل فلك لا يقف امامك جدار ولا يوطرك اطارفتبحث عن الجديد والتجديد دائما فتكون خلاقا مبدعا, هذا الجو التنافسي ليس فقط في مجال التجاري او الصناعي اوالمادي بل حتى على صعيد الافكار والوسائل وهذا مايصبغ المجتمع ليكون بحالة اشبه بالحرب الباردة لكنها حرب جميلة ولذيذة بذات الوقت, على عكس تلك المجتمعات التي تفتقر الى الوسط التنافسي فهي تعيش حالة الركود العميق والرقاد الطويل وهو هوة  الضعف القاتل فتسقط سريعا في قبظة الجهل وتغرق عميقا في مستنقعات التخلف الراكد فلا تتحرك الا ضمن ذات الطريق الوعر ولاتسير الا بمسارات مرسومة ولاتخرج خارج الاطار ولا تفكر خارج الصندوق فهي تكرر ذاتها وتجتر ثقافتها وتضن انها تتحرك وهي بالحقيقة ثابتة كالسير على اقشاط جهاز السير المتحرك او المشي الكهربائي تقطع اشواطا وتبقى بذات المكان.!
وساظرب مثلا سريعا عن الانفتاح الثقافي وفضاء الحريات الواسع والتعددية الفكرية والدينية وحرية الرأي والمشاركة السياسية التي فعلها نبي السلام وقائد حقوق الانسان محمد ص ففي المدينة المنورة مثلا كان هناك شئ يسمى دستور المدينة وهوبتمثابة دستورمدني حيث صارت جميع الحقوق الإنسانية مكفولة، كحق حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، والمساواة والعدل.
حتى يقول المستشرق الروماني جيورجيو عنه:
"حوى هذا الدستور اثنين وخمسين بندا، كلها من رأي رسول الله. خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين، وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود وعبدة الأوثان. وقد دُون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم، ومن غير أن يتضايق أحد الفرقاء. وضع هذا الدستور في السنة الأولى للهجرة، أى عام 623م. ولكن في حال مهاجمة المدينة من قبل عدو عليهم أن يتحدوا لمجابهته وطرده .
وسأكتفي ببعض البنود التي هي مناط بحثنا يقول دستور المدينة :
مثلا فيما يخص حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر كونها مكفولة لكل فصائل الشعب فيقول :
("وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، ومواليهم وأنفسهم إلا من ظلم نفسه وأَثِم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته")
وجاء في جوب الدفاع المشترك ضد أي عدوا:(وإن بينهم النصر على من دهم يثرب)و(وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة) و(وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم) و (وإن النصر للمظلوم)
الا تتفق هذه البنود مع المادة 2 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان حيث يقول:.
•لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
الان تعليقا على ماتقدم أليس ماقام به النبي ص انفتاح بمجتمع المدينة واطلاق الحريات الدينية ثم حرية التعبير والتثقيف والعيش المشترك والسلم الاهلي والسلام العالمي فلماذا يصر فقهائنا الغير أعزاء على ربطنا بسلاسل الانغلاق وتثبيتنا كألاوتاد في صحراء .؟ ولماذا يستميت زعمائنا الغيرأحباء بطرقنا بمطارق الجهل او تعليقنا كالورق في جدرا, ولماذا تصر ثقافتنا المنهزمة بدقنا بمسامير الجمود ,وقيود الانعزال ,واغلال التقوقع والتكلس ثم تغليفنا بأشرطة الجهل والتخلف حتى تحنطنا كالمومياء ثم اغلقوا علينا القبر ودقوا في نعوشنا المسمار الاخير ثم يقال لنا بعد ذالك  هذا دين الله عزوجل ...؟؟
  

 


مدونة حرر عقلك

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات