الإمام الشافعي رحمه الله
الامام الشافعي احد الائمة الاربعة عند اهل السنة واليه نسبة الشافعية كافة .
وهو ابوعبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي. . ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
كانت ولادته في غزة عام 150 هجرية وهو نفس العام الذي توفى فيه ابو حنيفة
وعاش الامام الشافعي في مصر انظروا ماذا كانت فلسطين وغزه تصدر لمصرالشقيقة ولم يغادرها يلقي دروسه ويحيط به تلامذته حتى لقي ربه في (30 رجب 204 هجرية ) ومن اروع ما رثي به من الشعر قصيدة في مطلعها :
ألم تر اثار أبن ادريس بعده دلائلها في المشـكلات لوامع
.كان الامام الشافعي فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب عاش فترة من صباه في بني هذيل فكان لذلك اثر واضحا على فصاحته وتضلعه في اللغة والادب والنحو ، اضافة الى دراسته المتواصله واطلاعه الواسع حتى اصبح يرجع اليه في اللغة والنحو ..فقد قال الاصمعي صححت اشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس . وقال احمد بن حنبل : كان الشافعي من افصح الناس ، وكان مالك تعجبه قراءته لانه كان فصيحا .وقال احمد بن حنبل : ما مس أحد محبرة ولا قلما الا وللشافعي في عنقه منة . وقال ايوب بن سويد : خذوا عن الشافع اللغة .
ولا نريد ان نناقش مذهبه في هذه العجالة بل اشعاره وحكمه وخواطره ومواقف خاصة في حياته حيث يعتبر معظم شعر الامام الشافعي في شعر التأمل ، والسمات الغالبة على هذا الشعر هي ( التجريد والتعميم وضغط التعبير ) وهي سمات كلاسيكية ، اذ ان مادتها فكرية في المقام الاول ، وتجلياتها الفنية هي المقابلات والمفارقات التي تجعل من الكلام ما يشبه الامثال السائرة او الحكم التي يتداولها الناس ومن ذلك :
ما حك جلدك مثل ظفرك فتول انت جميع امرك
ما طار طير وارتفع الا كما طار وقع
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج
وقال ايضا :
اذا رمت ان تحيا سليما من الردى ودينك موفور وعرضك صن
فلا ينطق منك اللسان بسؤة فكلك سؤات وللناس ألسن
وعيناك ان ابدت اليك معائبا فدعها وقل ياعين للناس اعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ودافع ولكن بالتي هي أحسن
وقال ايضا :
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف وتستقر بأقـصى قـاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها وليس يكسف الا الشمس والقمر
واذا كان شعر التأمل ينزع الى التجريد والتعميم ، فليس معنى ذلك انه خال تماما من الصور والتشبيهات الكلاسيكية ، ولكنها تشبيهات عامة لاتنم عن تجربة شعرية خاصة ، فشعر التأمل ينفر من الصور الشعرية ذات الدلالة الفردية ، ويفضل الصور التي يستجيب لها الجميع .فالشافعي يقدم لنا اقوالا نصفها اليوم بأنها تقريرية .
في أدناه صورا من أشعار الامام الشافعي :
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرمــا
اما قوله في الزهد قوله :
وعن مكارم الاخلاق قوله :
لما عفوت ولم احقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات
اني أحيي عدوي عند رؤيتـه لادفع الشــر عـني بـالتحيــات
وأظهر البشر للانسان أبغضه كما ان قد حشى قلبي محبات
الناس داء وداء الناس قربهم وفي اعتـزالـهم قطـع المـودات
ومن مناجاته رحمة الله قوله :
بموقف ذلي دون عزتك العظمى بمخفي سـر لا أحيط به علما
باطراق رأسـي باعترافي بذلتي بمد يدي استمطر الجود والرحمى
بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها لعزتها يستغرق النثر والنظما
أذقنا شراب الانس يا من اذا سقى محبا شرابا لا يضام ولا يظما
وفي ختام هذه الوقفات من سيرة الامام الشافعي نتطرق الى تواضعه وورعه وعبادته فان الشافعي مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق وتشهد له بذلك دروسه ومعاشرته لاقرانه وتلاميذه وللناس . كما ان العلماء من اهل الفقه والاصول والحديث واللغة اتفقوا على امانة الشافعي وعدالته وزهده وورعه وتقواه وعلو قدره ، وكان مع جلالته في العلم مناظرا حسن المناظرة ، امينا لها طالبا للحق لا يبغي صيتا وشهرة حتى اثرت عنه هذه الكلمة : " ماناظرت احدا الا ولم أبال يبين الله الحق على لسانه او لساني " . وبلغ من اكبار احمد بن حنبل لشيخه الشافعي أنه قال حين سأله ابنه عبد الله : أي رجل كان الشافعي ، فأني رأيتك تكثر الدعاء له ؟ قال : " كان الشافعي كالشمس للنهار وكالعافية للناس ، فانظر هل لهذين من خلف او عنهما من عوض " .
وكان الشافعي رحمه الله فقيه النفس ، موفور العقل ، صحيح النظر والتفكر ، عابدا ذاكرا . وكان رحمه الله محبا للعلم حتى انه قال : " طلب العلم افضل من صلاة التطوع " ومع ذلك روى عنه الربيع بن سليمان تلميذه أنه كان يحي الليل صلاة الى ان مات رحمه الله ، وكان يختم في كل ليلة ختمة .
وروى الذهبي في السير عن الربيع بن سليمان قال : كان الشافعي قد جزأ الليل ، فثلثه الاول يكتب ، والثاني يصلي ، والثالث ينام . وقال الذهبي افعاله الثلاثة بالنية ، والحق ما قاله الذهبي ، فان النيات صنعة العلماء ، والعلم اذا أثمر العمل وضع صاحبه على طريق النجاة ،وما أحوج امتنا اليوم الى العلماء العاملين الصادقين العابدين الذين تفزع اليهم الامة في الازمات وما اكثرها ولا حول ولا قوة الا بالله .
وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على أشرف الخلق سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ،وحسبنا الله ونعم الوكيل ،نعم المولى ونعم النصير .
المراجع :
احمد تمام ـ الشافعي ملامح واثار في ذكرى وفاته ..
محمد خميس ـ الامام الشافعي …….شاعرا .
ارشيف الصور// وبريدي الالكتروني
التعليقات (0)