تلك كانت أجرأ فراشة أراها في حياتي
كنت وقتها بين جبال والقمر مكتمل..والنفس تسيل لوعة وحزنا
وأنا أجلس على الارض ويداي ذراع أتكي عليها وانا أنظر الى القمر.
.شعاع القمر النافذ يرسل ضوءه على المكان
الرمال تتلالأ كصدفات تحت هذا الضوء المنهمر
وظلال الاشجار شامخة في ذلك الوادي
أطياف تمر بي وذكريات تعبر شواطئ
ومع كل ومضة سحاب أجد حياءك مرسوما خلف حدود البشر
غيمة تتلوها غيمة ونجمات يتباهين بالشفق
وأنا وهي والقمر نعتلج في حنايا الكون الذي يبسط رداءه لنا فقط
الاحلام تتوارد وذكراك عابقة برائحة الياسمين وشذى الزهور البريه
عطرك منتشرفي أرجاء زوايا الحرمان المصلوب على هامتك
والمتفتت في غياهيب الأسى الذي يذكرني بك وبقسوة الصدود وانا بين يديك
وبينما أنا أحتضن كونك وأعانق أجمل ذكرياتي معك وتلك الوردة المتعطرة بكفوفك
كم نحن سعداء بلقاء طالما سبقته دموع وأنهار امتزجت حينما عانقت طيفك
لم أشعر الاّ بتلك الفراشة الجرئية تداهم وحدتي معك
جناحيها يرفرف حول رقبتي أخذت تصدر انينا من عمق العاطفة
بل أجدها تلتصق بجنون في شحمة أذني شعرت بقوة نزفها
وضعت يدي لأخفف من التصاق مشاعرها بنهر عذب
نهر من رحيق يموت يوما وتشتعل نيرانها في أعماق الرماد
طارت تلك الفراشة البيضاء حزنت عليها لأنني لم أشتّم عبيرها
أتنفس ودادها حتى توارت خلف الكون..ليتها ظلّت تعبث بحنان في مشاعري
تمددت على ظهري أرقب القمر ومسار ضؤءه المتحدر من عيونه
تضع عيناها في عيون القمر فتتورد خجلا
كنت البس ثوبا ناصع البياض يبرق مع كل ومضة شعاع
يالهول المنظر فراشات صغيرة بلون البياض تتوالى
تقترب واحدة خلف الاخرى مع مسار شعاع القمر لتعانقني لحظات وترحل
ترحل تلك الفراشة بصمت وأسى
وفي رحيلها حزن يغشاني حينما ينبعث نور ابتسامتها المكسورة ليعانق طيوفي
فراشة زرقاء تنزوي في ركن بعيد تسمع بعض أنيني وعبير أنفاسي تقترب وتبتعد
فراشة بلون الرمان الممزوج بالشهد والشوق فيها يكاد أن ينفجر
تجثو على صدري لحظات صمت تنظر في عيوني فأرى الحياة المتوردة على جبينها
لحظات بكت شعرت بدموعها النازفة من أعماق القلب ..
تركتها رغم سيل الدموع
أشجهت بالبكاء جسدها المرتعش يحليني الى عالم طالما أحببته ولكنّي لم أجده
لم أجده سوى في أحلامي التي تنهش ماتبقى من عاطفتي..
آه من أحلامي..وأنا أصرخ في جبين الحلم
لحظات رفعت راسها ونظرت نحوي بحب
مسحت أنا عطرها المتبقى على الاحداق بأناملي
تأملتني كثيرا عانقتني بقوة شعرت بخفقان قلبها ومرارة الحزن الذي ينزف منها
وضعت عيناها في عيني وقالت لإرسم وجهي في عيونك..ابتسمت فأضاء الكون
ثغرها نور يغشى فؤادي وحديثها العذب يشفي معاناتي وأسقامي
وضعت يدها على تفاصيل وجهي قبلتني بعمق وأسقتني زلال رحيقها
وبينما أعيش معها لحظات همسها وخوفها وجنونها وابتسامتها التي اشعلت جراح
جاء صوت أصدقائي العشاء..العشاء..
وكانوا يعرفون أنني أنسدل في أي مكان
أتامل النجوم وابحر في السكون وأذرف الدموع
بحثت عنها وجدتها وقد رحلت ولم يتبق سوى بعض طيوفها..
هلمي معنا للعشاء
وأنا أقف عادت مسرعة عانقتني وهي مبتسمة
رقصت أمامي لحظات وكأنّه حلم من الاحلام لايشبهني سواه
التعليقات (0)