علي جبار عطية
الأربعاء 27-06-2012
ياترى ما الذي يمكن تصوره لو وضعت كاميرا على رأس كل شخص تصور افعاله وتسجل اقواله وتدون افكاره على مدى اربع وعشرين ساعة؟ المظنون ان الكثيرين سيسقطون في هذا الاختبار في الاقل امام انفسهم ولن ينجح فيه الا القليل من الذين تتطابق اقوالهم مع افعالهم وسريرتهم مع علانيتهم وهذا لايأتي من فراغ بل لابد ان تبذل جهود كثيرة ذاتية وموضوعية لمطابقة الظاهر مع الباطن ففي مجتمع لايمكن ضمان سلامة المرء فيه يضطر الشخص الى ارتداء عدد من الاقنعة وتبديل عدد من الوجوه الكالحة والمبتسمة بذريعة (دارهم مادمت في دارهم) و (من خاف سلم) وتمجيد الخواء والنفعية وهكذا يصبح من الصعوبة بمكان اتخاذ موقف واحد ومنهج واحد في التعامل مع الناس والاشياء . من هنا تأتي المفارقة الكبرى وهي ان وضع كاميرا ذاتية على رأس كل شخص يعني كشفاً صريحاً لنفاق الانسان ودجله وقلة وفائه وافتقاره الى الصدق صدقه
اتذكر بيتاً شعراً لافتاً للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد يقول فيه:
(يازمان المعجزات
زمن يأتي يكون الصدق فيه المعجزة!
وهو اعتراف بفشل الانظمة والقوانين التي اجتهد العلماء والمفكرون في صياغتها على مدى عقود لضبط ايقاع الحياة البشرية المتمردة في كثير من الاحيان على سنن الطبيعة ودساتير الحياة .
وربما سيذهل الانسان وهو يراجع ما سجلته عليه كاميرته الخفية لتصرفاته التي لم تكن تتناسب بأي حال من الاحوال مع وقاره المصطنع وهيأته المحترمة ! اية محنة يساق الانسان اليها وهو يحاول فك شفرات هذه الحياة العريضة المتشعبة.
لكن الا يمكن ان تكون هذه الكاميرا اكبر ضابط لتصرفات الانسان والحد من ادعاءاته وازدواجيته ونفاقه ؟
والسؤال الاكثر اهمية : الا نحتمل وجود فعلي لهذه الكاميرا الراصدة لحياتنا !؟
التعليقات (0)