كافيتيريا "الفنون" في طرابلس : الحياة الجامعية!
صهيب ايوب
عندما تدخل الى الكافيتريا، التي تقع على مقربة من كلية الفنون الجميلة ــ الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية في القبة، أول ما يلفتك هو جو الالفة والحميمية والمرح والصخب في جانب منها، والهدوء والسكينة والشجون في جانب آخر، فيما الفنون تلف المكان في كل جنباته.
طلاب من مختلف الكليات: الهندسة، الفنون، ادارة اعمال وغيرها، يجتمعون هناك كل يوم يتقاسمون ادوار الفرح، يتداولون في شؤونهم، وهمومهم، يساعدون بعضهم البعض في دروسهم ومشاريعهم، وبالاخص منهم طلاب كلية الفنون، التي باتت الكافيتريا تحمل اسمها، لان معظم الذين يرتادونها، هم من طلاب هذه الكلية.
ماذا عن هذه الكافيتريا؟ وما الذي يجمع هؤلاء الطلاب؟ وما الخدمة التي تقدمها لتحظى بهذا الاقبال الكثيف؟ وكيف يعرفون بعضهم البعض رغم كثرتهم؟ وما تأثير المحيط الجامعي على بناء هذا القدر من الالفة بين الطلاب؟
«اليوم باخد.. وبعدين بدفع»
سليم نشابة (22 سنة ــ سنة رابعة هندسة ديكور) هو رئيس مجلس الطلبة في كلية الفنون، يؤكد ان الجو «كتير مهضوم»، والطلاب مثل الاخوة، يتعاملون مع بعضهم البعض بألفة ومحبة، والجميع يتسلى.. الكافيتريا أصبحت ملكاً للطلاب، بحيث «مناخد اليوم.. وبعدين مندفع»، والاسعار رخيصة وصاحب الكافيتريا «كتير متساهل معنا».
اخدم نفسك... بنفسك
ليال (طالبة رسم ــ سنة ثانية) تؤكد ان الخدمة في الكافيتريا تختلف عن الاماكن والمقاهي الاخرى، بحيث يسود مبدأ «اخدم نفسك بنفسك..» يحضّر صاحب الكافيتريا «المنقوشة»، والطالب عليه ان يقوم بمتابعة خبزها وبتوضيبها، وهذا ما يميز اجواء الكافيتريا.. والكل يتعاون على انجاز «منقوشة»!!
قعدة «عرمرمية»
طارق علم (24 سنة ــ سنة رابعة هندسة ديكور)، «في الكافيتريا لدينا مطلق الحرية... «مندخّن» «منشرب أركيلة»، «وفنجان قهوة».. ويا سلام.. بتكتمل القعدة تتصير «قعدة عرمرمية»..».
صعب نشوف أهلنا
وعندما سألنا طارق عن الفرقة التي ينتمي اليها هنا قال: «نحن مجموعة كبيرة، نقضي معظم اوقاتنا مع بعضنا البعض، نقسم أيامنا بالنوم عند بعضنا، خمسة أيام عندي مثلاً، وخمسة اخرى عند عُمر.. وصعبة كتير نشوف أهلنا.. الا اذا بدنا نشرب او «نأكل» واجمالاً منتواصل عبر الانترنت».
النوم... صار موسمياً
اما عمر ناصر (22 سنة ــ سنة رابعة هندسة ديكور) فاعتبر «ان النوم بات موسمياً عند مجموعة رفاقه، فهم لكثرة اشغالهم وسهرهم ونشاطهم وتعاونهم وبقائهم مع بعضهم البعض.. لا ينامون.. فالشتاء هو العمل والصيف.. للنوم».
التزام مشاريع
ما يلفت النظر في المكان، هو «التزام» البعض مشاريع البعض الآخر. فسعيد يعتبر ان هنا هو المكان الجيد لاصطياد الزبائن، فنقوم بتنفيذ مشاريع البعض.. ولكل مشروع سعره الخاص. فالفيللا مثلاً تسعيرتها 001$، ومشروع مدرسة او بناء يتراوح بين 150$ و200$ تقريباً.
بيتنا الثاني
اما شادي الحسين (21 سنة ــ هندسة كهرباء ــ مهنية القبة)، فيعتبر الكافيتريا بيته الثاني، اذ يجد فيها كل اصحابه ورفاقه، ويقضي معظم اوقاته فيها.. والجميع يعتبرون بعضهم اخوة، فبرغم الاختلافات هناك امور مشتركة كثيرة تجمعهم.
«منحكي لبعض.. ومنحكي عبعض»
أكثر ما ركز عليه «أحمد تركمانية» (52 سنة ــ سنة رابعة هندسة ديكور ــ سنة اولى (Graphic Design هو «الفضفضة» بين الطلاب، بحيث يشكون همومهم لبعضهم، ويحاولون حل مشكلاتهم بالمشورة، الى جانب «النميمة» التي لا تخلو اجتماعات هؤلاء منها، فَهُم يحكون لبعضهم ويحكون على بعضهم.. وكذلك ننتقد بعضنا بطريقة واعية.. ومنستلم العالم».
«رواق»... وضجة الاصحاب
أحمد الدندشي يعمل «نجار ديكور»، يعتبر ان ميوله ومجال عمله يتقاطعان مع رفاقه هنا، وبالتالي يتواجد كل يوم معهم، على الرغم من عمله، وهو يخصص وقتاً لذلك، فالجو «حلو كتير»، ويوجد «رواق»، بالرغم من ضجة الاصحاب، هنا «لا مشاكل» و«الكل بيعرف بعضو.. هون».
«منلعب ورق.. ومنشتغل على "Laptop"»
وتتميز الكافيتريا باصطحاب الطلاب أجهزة الكومبيوتر المحمولة "Laptop"، فالى جانب اللعب بالورق، يشتغلون على "Laptop"، ويتحاورون على الانترنت (Wireless)، ويجرون الابحاث الجماعية ويساعدون بعضهم في دروسهم..
العازف والمغني
مواهب البعض تحمّي الاجواء، فهناك اللعب على اوتار الغيتار، مع «متعهد الغيتار» (كما يسمونه) فراس، و«مغني» الكافيتريا (كما يطلق عليه) كريم، الى جانب صراخ ماريا الذي لا ينتهي..
علي «تاتو»
وما يميز المكان الزخارف الكرتونية التي تزيّن الجدران، الى جانب اللوحات والرسمات التي يقدمها الطلاب لصاحب الكافيتريا، عربون محبة واخلاص. والخلفية التي تزيّن جدار الكافيتريا هي من تصميم «علي Tatoo» كما يسمى وهو طالب Graphic Design، ويملك محترفاً للاوشام، وهناك بعض اللوحات بتوقيع سالي سلوم (لوحة تمثل «غمزة» بين فتاة وشاب)، واخرى بتوقيع سنا توم (لوحة طبيعية..)، الى جانب العديد من النقوشات والعبارات الشبابية..
ألعاب بالجملة
اما عن الالقاب فحدّث ولا حرج، كل شخص له لقب يطلق عليه.. ولن ننسى لقب «ابو سمير» لمحمود صاحب الكافيتريا.. ولقب «شادي هاواي» ولقب «صفّيرة» لليال التي تصفّر دوماً!!!
"Birthday"
والكافيتريا ستبقى المكان الانسب ليفاجئوا بعضهم في اعياد ميلادهم، فيحتفلون مع بعضهم ويتشاركون في التكاليف، لشراء قالب الحلوى والامور الاخرى المتعلقة بالاحتفال. وهذا العام اقام الشباب اربعة اعياد ميلاد حتى الآن..
«العصفوري»
وهنا لغة يتداولها البعض تدعى «اللغة العصفوري»، تتميز بان بين حرف وآخر يجب وضع حرف «ز»، وتتميز بايقاع فني رائع، من الناطقين بطلاقة بهذه اللغة: احمد الدندشي وعبد الله عبود.
صاحب الكافتيريا
اما محمود (20 سنة ـ صاحب الكافيتريا)، فأكد لنا ان أجمل ما يميّز الاجواء هو طغيان طابع واحد واسلوب متفرد بين الطلاب، فهم يخلقون جواً من السعادة والجنون في نفس الوقت.. ويحوّلون اوقاتهم وأوقات الغير الى مرح دائم.
فأحياناً يرقصون ويهرّجون ويغنون ويبكون في أحيان اخرى... كلهم اصحاب لي ورفاق. في بعض الاوقات اترك لهم المحل وأذهب لقضاء بعض الاعمال، واحياناً يقومون هم بفتح المحل عني.. بحيث أترك لهم الباب غير مقفل.. وأنا أثق بهم كما يثقون بي.. ولكن ما يؤسفني انهم لا يشترون «المي» من عندي بل يشربون في الكلية تيوفروا!! (على سبيل المزاح)..
التعليقات (0)