مواضيع اليوم

كابتن الحارة 2

عادل جبرتي

2009-11-08 17:45:09

0

كابتن الحارة
قصة قصيرة
الجزء الثاني


وقبل أن أعود إلى حيث كنت اجلس , نزل على سؤال أحد الصغار كالصاعقة بل أعظم
لماذا أنت غائب عن مباراة فريقك يا سلطان ؟ أهذا وأنت الكابتن


شهر كامل وأنا أرجو ابراهيم الجيزاني , كابتن حارة الجوازنة , أن يوافق على إجراء هذه المباراة وهو يعتذر , أحيانا بسبب أن فريقه مشغول ببعض المباريات المحددة مسبقا على حد قوله , وأحيانا آخرى بسبب أن فريقه لا يستطيع أن يقطع تمارينه , لعمل مباراة مع فريقي الذي يصفه بأنه لا يستحق العناء , ومرات يستخف بي حين يرد على الحاحي مهددا


أنا جيزاني , اللي يتحداني يعاني


لكنه آخيرا وافق وذلك حين وعدته بعشاء من " محل أدهم للبروستد والشاورما " إن هم فازوا علينا , وفي حال فزنا عليهم يقدمون لنا البيبسي فقط . كنت اسابق الريح وأنا في اتجاهي للملعب تتقدمني أسئلتي . كيف نسيت المباراة بعد كل ما فعلته كي تحصل ؟ وكيف نمت عنها ؟ ولماذا لم توقظني أمي ؟ ولماذا لم يمر بي افراد الفريق كالعادة وهم في طريقهم الى الملعب ؟ هل من المعقول أن أنسى المباراة التي أدخلت بها حتى خالتي مناية أم ابراهيم كي تقنعه ؟ وعندما وافق وجاء وجدني غائبا . سيتهمني بالجبن . كيف سيكون وضعي غدا في المدرسة ؟


عندما وقفت على خط الملعب أخذت أصيح على فريقي , بأن يخرجوا لاعبا لأحل محله , ولكنهم لم يكترثوا لصياحي , في حين أن بعضهم كان مستسلما وجالسا في وسط الملعب . أما عندما رأيته فقد نزل على السؤال الذي ألغى كل الاسئلة السابقة . من هذا الذي يرتدي رقمي ويتلاعب به ابراهيم على ضحكات الجمهور . انه خليفة . كيف يمثل خليفة فريقي ؟ كيف يجرؤ ويرتدي شعار فريقي , بل كيف يجرؤ ويرتدي رقمي ؟ يلعن أمه , من سمح له باللعب ؟ هذا الخليفة الذي استخدمه فقط كمندوب عني الى الحواري الاخرى لجدولة مبارياتنا معهم . أسقط فريقي إلى هذه المرتبة , وأحتاج الى منهم مثل خليفة , الذي لم أسمح له يوما باللعب , أو حتى مشاركتنا في التمرين , وكان دائما يتقبل ذلك ولا يجرؤ حتى على الامتعاض. وانتبهت على هدف ابراهيم والتفاف فريقه حوله وصياح الجمهور وهتاف بعضهم


سبعة سبعة .. نبغى الثامن ..
لا تصفر يا حكم
سبعة سبعة .. نبغى الثامن


لم يستجب الحكم لطلب الجمهور , وأعلن نهاية المباراة بصفارته التي عندما سمعتها كأن أحدهم قد أذن في اذني , فذهبت عني كل شياطيني وسرت في عظامي برودة لم أعرفها من قبل . خرج فريقي من الملعب دون أن يلتفت أحدهم ناحيتي في حين اتجه ابراهيم حيث كنت متجمدا وأنا أتمتم .. يا ارض ابلعيني .. أرحميني وابلعيني . مد يده مصافحا وهو يقول


الكرة فوز وخسارة , لقد اخبرني خليفة بظروفك التي منعتك من الحضور , أعدك بمباراة آخرى وأعفيك من العشاء .


ذهب عني وأنا كلي دهشة بل كلي غيظ وقهر فهو بهذه الروح يستخف بي , ثم ما هي ظروفي التي أخبره عنها خليفة . استدرت فرأيت فريقي , لحقت بهم , أخذت أطرح عليهم الاسئلة , لكن ما من مجيب . قبضت على كتف خليفة وسألته , ما هي ظروفي التي أخبرت ابراهيم عنها ؟ أخذني جانبا وقال : لقد مررنا بك فأخبرتنا امك أن أبيك قد حبسك في إحدى الغرف وأخذ المفتاح معه , فلم نجد حلا سوى أن يحل محلك لاعبا آخر , فاختارني الشباب لهذه المهمة . قلت له غاضبا ومستنكرا , اأنت تحل محلي , فرد بكل صفاقة , نعم أنا , ولم لا .. على ألاقل أبي لا يحبسني في الغرف , ثم أحمد الله أننا وجدنا عذرا لائقا نقوله لابراهيم عندما سألنا عن سبب غيابك .. لقد أخبرناه أن ابيك تعرض لحادث وأن حالته خطرة . وعندما رأى الدهشة والاستغراب على وجهي وأنني على وشك أن أضربه , تابع , أم كنت تريدنا أن نقول له أن ابيك قد حبسك فتكون بذلك اضحوكة بين الحارات ؟ عندها شعرت أن خليفة قام بعمل يمكن أن يكون مقبولا , بل لابد من قبوله كي تبقى صورتي مثلما هي دائما , عنيدا , قويا , صلبا , كي أكون جديرا بلقب " كابتن الحارة " .


في اليوم التالي توجهت إلى الملعب , وأنا لا اتوقع ما رأيته , فعندما وصلت كان خليفة في وسط الملعب , يلقي بالاوامر على اللاعبين اثناء دورانهم . تجاهلني عندما رآني . استعظمت أن أنضم اليهم فيما هو واقف , واستكبرت ذلك على نفسي . توجهت إليه وأنا أردد بيني وبين نفسي قول ابي جهل لعبدالله بن مسعود , وهو جالسا على صدره يوم بدر " لقد ارتقيت مرتقا صعبا "


لقد ارتقيت مرتقا صعبا يا خليفة . وقبل أن افتح فمي بها , بادرني , أنا الكابتن ابتداء من اليوم , إن كان ذلك يعجبك فانتظم مع البقية وقم بأداء التمارين , وإلا فاترك الملعب من فضلك . قلت له , اأنت تطردني يا خليفة من ملعبي ؟ رد على , الملعب ليس ملعبك , بل ملعب الحارة , لنا فيه مثلما لك فيه , نحن من اخترناك كابتنا ونحن من بدلناك . هذا هو الوضع الحالي , اقبله أو ارفضه , أنت حر , أما أذا اردت المشاكل فأنا على أتم استعداد لذلك , معلومة صغيرة أقوم بتسريبها داخل المدرسة , عندها ستضيق عليك الدنيا على وسعها.
صعقت , لم اصدق أن خليفة صار يفهم في السياسة , يبدو أنني أنا من علمه , وذلك حين كنت أرسله إلى الحواري الاخرى , يتفاوض مع هؤلاء ومع اولئك , حتى اصبح داهية . حسبتها في رأسي , فوجدت أن الظروف المحيطة ليست في صالحي , وإن أي مقاومة من جانبي تجاه خليفة سأكون أنا الخاسر فيها . رضخت للأمر , وانتظمت في الطابور , أجري حول الملعب , ورغم حنقي إلا أنني كنت سعيدا بوجود قوة آخرى في حارتي , بإلاضافة إلى قوتي , التي لم افقد الثقة بها , إلا إن الوقت ليس وقتها , لتكون هي القوة الوحيدة المسيطرة .

 
تمت




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !