كائن غائب
"لا يهدف الإنسان إلى البقاء , وإنما يهدف إلى حٌسن البقاء" هنري حونسون فيلسوف فرنسي ...
مقولة الفيلسوف الفرنسي هنري جونسون تعني ضمان حٌسن البقاء للجميع فليكن الإنسان هو غاية كل إنسان , لكن لو تأملنا ماذا يحدث من حولنا الإنسان يقتل أخيه الإنسان ويساهم في إضطهاده وتهجيره لأسباب متعددة مُستخدماً عدة أدوات "العنصري والديني والشهواني أيضاً " , بعيداً عن تعقيدات الصراعات التي أنخرطت فيها المجتمعات وتنخرط فيها لظروف معينة يبقى الإنسان الحاضر الغائب عن المداولات الإعلامية حديث كل من يحمل الهم الإنساني بقلبه , قبل عدة سنوات ناقشت وسائل الإعلام العربية والخليجية قضية العمالة خاصةً " الخادمات " تلك الفئة التي تعمل ليل نهار بالخليج العربي مجتمع ما بعد الطفرة تعيش وكأنها ألة خٌلقت للعمل وليس إنسان له حقوق وواجبات مهما كانت الجنسية أو الديانة , إنتهاكات بالجٌملة أدناها ساعات العمل الغير محددة وأدناها الحرمان من التواصل مع أسرتها بالخارج بحجة وهمية عانى منها المجتمع في السابق " الهاتف سيفسد أخلاقها " في خطب الجمعة وفي مناهجنا التعليمية وفي كل أمرٍ يومي نسمع ونقرأ نصائح وتوجيهات وقصص وأحاديث السيرة النبوية المطهرة كل ذلك نظرياً فأرض الواقع تقول الإنتهاكات بالجملة وأحوال العمالة الأجنبية خصوصاً الخادمات يندى لها الجبين وإن كان الصمت سيد الموقف !.
بعيداً عن العٌنف والسلوك الإجرامي الذي تمارسه بعض الخادمات الإ أن جحافل الخادمات تٌشكل نسبة لا يستهان بها وإذا جمعنا تلك النسبة مع العمالة الأجنبية من الذكور فإن النسبة تٌصبح مجتمع مشكلةً نسيج اجتماعي له دورته الثقافية والاجتماعية بالحيز الجغرافي الذي يشغله ونحن جزء من ذلك الحيز فالنسبة كبيرة والتغيرات كبيرةٌ هي أيضاً , رغم أهمية القوانين التي تحدد إطار العلاقة بين العامل والمعمول له ورغم أن كثيراً من هذه القوانين تستدعي إجراء تعديلات جذرية عليها بشكل دوري الا أن التعديلات لا تكفي لتحقيق المستوى الإنساني من التعامل الذي يطمح له كل صاحب ضمير والسبب تحكم الثقافة العامة للمجتمع بجزء كبير من ذلك المستوى الإنساني فالعنصرية ضاربة بجذورها والطائفية كذلك والتمييز النوعي " الجنس " والعرقي متغلغل في المجتمع بدرجة كبيرة .
القوانين الرادعة تحمي وهي مطلوبة لكنها لا تكفي دون وجود ثقافة اجتماعية تدعمها وتكفل لها الفعالية على أكمل وجه فمن المستحيل توفير حماية قانونية للهمش " العمالة ومن في حكمها " والثقافة الاجتماعية تؤسس وتٌشرعن وتتسامح مع الانتهاكات والتمييز والعنصرية الخ , الجهل والخداع والعبث الفاضح أن تكون القوانين تحمي والثقافة تعتدي فتلك مصيبة كٌبرى فالقانون لا فائدة منه إذاً , البداية من التربية والتعليم ويالكثرة الأحمال على التعليم ومؤسساته لكنه القدر فدور تلك المؤسسات كبير فالتنوير والمعرفة يبدأ طريقها من التعليم فمتى سيكون الإنسان كإنسان بغض النظر عن أي شيء أخر موجوداً بمناهج التعليم وموجوداً بثقافة المجتمع الذي أختزل الإنسان وأضطهده بشكل مباشر ويظن أنه لم يمارس القٌبح والفجور ومالخادمات الإ مثال بسيط على ذلك القٌبح والفجور ؟
مثل عالمي " من ينفي إنسانية أحد فإن إنسانيته ستفنى " ...
التعليقات (0)