ضمن برنامج (صالون الترجمة والأدب المقارن ) والذي يعقد بمنزل الشاعر رائد أنيس الجشي بالقطيف أعدت جلسة حول صورة الموت في الأدب العربي والإنجليزي..الموت المجرد المجسد في الصور الأدبية ..وذلك باستعراض نماذج من الأدبين تجسد الموت وتفلسفه
وبدأت الجلسة باستعراض الشاعر رائد الجشي لرؤية الشاعرة إيملي دكنسن
(في نصين النص الأول ( لأنني لم أستطع التوقف من أجل الموت
وقد شبهت الموت بالخطيب القادم بعربته ليأخذها معه بكل لطف مصاحبا الخلود (دون أن تصرح بحالة هذا الزوج وإنما عبرت بحركيته وقدومه بعربة الزواج ) وكيف أنها سلمت له كل مسؤولياتها وفراغاتها لقيادة لطفه..وتحدث عن عمودية النص وموسيقاها الواضحة التي التزم بها في كل مقاطع النص تبدأ ب 8 مقاطع في الشطر الأول و 6 مقاطع في الشطر الثاني بكل المقاطع
Be –cause-i-could-not-stop-fo
He-kind-ly-stopped-for-me
The-car-riage-held-but-jus
And-i-mor-ta-li-ty
وهي تحترم الموت وتقدره ملتزمة بفكرها الديني
وأضاف الشاعر صالح الخنيزي مناسبة هذه الموسيقى لموضوع النص وحالة الحركية للعربة ومرورها بمراحل الطفولة وانشغالها في الفسحة على عكس العادة ثم عن حالة المراهقة المعبر عنها بحالة العشب ثم حالة النهاية بغروب الشمس
Death is a dialogue ثم قدم الشاعر رائد رؤية الشاعر المغايرة تقريبا في قصيدتها
والتي تعبر عن كون الموت حوار بين الروح والتربة ..يقول لها تتحلل وكأنها يتكلم عن شيء مخفي مهمش يتضح من السياق أنه الجسد الميت ولكن التربة ترد باسلوب مؤدب على السيد الموت بأنها تحمل رؤية أخرى
ورغم أن الموت يشكك في مقال التربة ويجادلها وهو على الأرض هي تبتعد من الناحية الأخرى أي إلى السماء
وكأن الروح تقول أن الموت لا يمكن أن يسيطر عليها بل على الجسد الأرضي ولا يسطيع التحليق تجاهها
ثم استعرضنا نصوصا عربية تجسد الموت في شعر امرئ القيس والربيع بن ضبع الفزاري
والمتنبي الذي كان مغايرا في تجسيد الموت واحتقاره في نصوصه وتجسيده على شكل سارق حقير وفي نصوص أخرى يرى أن الموت (وهو ما هو من حقارة ) أقل حقارة من الذل ...ليكون كما أشار الشاعر علي الغاوي إلى النص على كونه مأدلجا أو خارجا عن الادلجة
ثم طرحت رؤية الشاعر عبيد ابن أيوب الذي يجالد الموت ويصارعه رغم يقينه بغلبة الموت في النهاية ولكنه لا يهتم بذلك وتمت الإشارة إلى تشبيه طرفة ابن العبد للموت وتشبيهه إياه بالحبل المرخي على الناقة متى ما شدها انقادت معه
ثم قدم الشاعر فريد النمر ورقة بعنوان (الموت تلك الحياة الخالدة ) تركز على سبب اختلاف رؤية الموت لدى الشعراء وتطرق لتعاريف الفلاسفة والصوفية والنرفانا وحالة الفناء والإنطفاء وقدم بضعت ابيات مقتطفة عن حالة الموت والعلاقة معه وقدم الشاعر الكبير شفيق العبادي في مداخلته مقارنة عربية عربية بين صورتي الموت لدى قاطع الطريق السابق مالك ابن الريب حين رثى نفسه وجدارية محمود درويش ..وكيف أن قصيدة الأول التي كتبت بعد لدغة عقرب له عند عودته من الحرب مع ابن عفان ترتكز على ثلاثة محاور .. حياته الأولى ثم حلة تحولاته من الضلال إلى الهداية
والمرحلة الثانية مرحلة استشعاره الموت
(ولما تراءت عند مرو منيتي
وحل بها جسمي وحانت وفاتيا
(وأشار إلى أدواته المستخدمة في النص
وفي المرحلة الثالثة اشتغاله على الذاكرة وطقوس الفقد جاء فيها
(قولوا لأصحابي ارفعوني لأننيي
قر بعيني ان سهيل بدا ليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا
برابية اني مقيم لياليا)
وفي التعريض بالحالة النفسية للشاعر عند يقينه بالموت وتحدث بعد ذلك عن درويش وتحاشيه استخدام مفردة الموت لأنه وإن كان يرثي غلأا أنه لا يريد لتلك القضية أن تموت يقول في بعضها
(سأصير يوما طائرا ،
وأسلٌ من عدمي وجودي .
كلٌما احترق الجناحانِ
اقتربت من الحقيقةِ ،
وانبعثت منالرمادِ .
أنا حوار الحالمين ، عزفْت
عن جسدي وعن نفسي لأكْمِل
رحلتي الأولي إلي المعني
، فأحْرقني
وغاب .
أنا الغياب .
أنا السماويٌ الطريد .)
وكيف أن الموت والبعث والتخلق حالة متحركة ومتعاقبة مع الإبتعاد عن ذكر الموت والإحالة إلى دلالات مكثفة له وقام بشرح المقطع شرحا وافيا وأشار إلى القصيدة الهائية للسيد الحلي والتي تحدث عنها الشاعر علي الناصر
موضحا صورة الموت التي شبهها الشاعر الكبير السيد الحلي بالفتاة العروس وتلك العلقة والحركية الحميمة
جاء في القصيدة
(َكـأنَّ الـمَـنِـيَّـةَ كانَتْ لَدَيْهِ -
فَتاةٌ تُواصِلُ خِلْصانَها
جَـلَـتْها لَهُ البيضُ في مَوْقِفٍ -
بِهِ أثْكَلَ السُمْرُ خِرْصانَها
فَـبـاتَ بِها تَحْتَ لَيْلِ الكِفاحِ -
طَروبَ النَقيبَةِ جَذْلانَها)
وبعد هذا التعريض فتحت دورة المقارنة بين نص السيد الحلي والشاعرة إيملي دكنسن فالأول شبه الموت بالفتاة العروس .. التي بات بها وحده ليل الكفاح المشرف المخلد لصاحبه والشاعرة شبهت الموت بالخطيب الزوج المهذب الذي أوقف لها عربة وانفرد بها مع الخلود وفي ذلك تلاقي مع عكس جنس الموت
ثم تمت المقارنة بين صورة الموت لدى طرفة ابن العبد والشاعر بنجامين فرانكلين في قصيدته (الموت صياد سمك DEATH IS A FISHERMAN - ) فكانت الحياة لدى طرفة هي الصحراء والبشر هم النوق والموت حبل مرخي حول الناقة يشدها فتنشد دون ان تعلم متى يتم شد هذا الحبل طبعا ولدى الشاعر الانجليزي الكون هو بركة اسماك والبشر هم السمك والموت هو شبكة تقتل كل من وقع فيها دون رحمة ودون ان يعلم هو بالطبع متى سيقع في الشبكة
يقول طرفة ابن العبد
( لعمرك أن الموت ما أخطأ الفتى لكالطول المرخى وثنياه في اليدِ وإن شاء يوما قاده لزمامه ومن يك في حبل لبمنية ينقدِ )
ويقول بنجامين
DEATH is a fisherman,
His fish-pond is the world we see
, and we the fishes be;
His net some general sickness; howeer he
Is not so kind as other fishers be;
For if they take one of the smaller fry,
They throw him in again, he shall not die:
But death is sure to kill all he can get,
And all is fish with him that comes to net
وتم التعريض بالتلاقي الجميل مع اختلاف المفردات ثم تمت المقارنة بين احتقار الموت لدى المتنبي وتقديره واحترامه لدى الشاعرة كارين بوي كقول المتنبي
(وما الموت إلا سارق دق شخصه ...يصول بلا كف ويسعى بلا رجل)...
بينما تقول كارين
(أيها الموت العزيز ثمة شيء في كنونتك
يجعل الأجواء صافية
أنت كما أنت مع الصالح والطالح
مشرعا تتمدد عاريا وأعزل)
ثم تم التعليق حول فلسفة الموت لدى الكتاب وأضاف الأستاذ سعود الفرج أنه لا يشعر حقا بالرهبة من الموت إلا عندما يكون مشتغلا على إنجاز عمل ما ويرى أن تلك الرهبة تتلاشى بعد إنجازه العمل المراد ...
تخلل الأمسية عدة ومضات أيضا من الشاعر علي الشيخ يقول في بعضها
(من فكر في الفناء طويلا قد أسرف في البقاء )..
التعليقات (0)