مواضيع اليوم

قيم الأنانية والفردانية أو ثقافة "الساندويتش"

ayoub rafik

2009-10-29 13:47:09

0

كثير هم من حللوا أزمة الشباب المغربي المعاصر، وأغلبهم لامسوا مشاكلهم من العمق في ظل السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات المتعاقبة للنهوض بأوضاع هذه الشريحة من المجتمع. لكن مع تنامي المظاهر السلبية للعولمة الكاسحة في العقود الأخيرة، خصوصا في ميادين الثقافة والاقتصاد والسياسة، أضحى النقاش دائراً حول كيفية التعامل مع هذه الظاهرة الجديدة، هل نذوب في فضائها بالكامل؟ أم نتأقلم معها مع الحفاظ على مقوماتنا وهويتنا المحلية؟ أم نرفضها جملة وتفصيلا.

لا نريد الغوص في أعماق الظاهرة لأن ما قيل في هذا الأمر نحسبه كافيا، إنما وجب الوقوف عند بعض القيم الجديدة المرتبطة بها وبسط بعض نتائجها الملحوظة على أفكارنا وسلوكاتنا.
إن المتحكم في العالم في هذا العصر هو من يملك تقنيات تسويق الأفكار والتوجهات, باعتبار أن العولمة جاءت لتجعل من العالم "وحدة متكاملة" بإلغاء كل الثقافات وتعويضها بثقافة السوق، وهذا لا يعدو أن يكون محط هراء. وسلاحها في ذلك، الإعلام الذي يعتبر أهم وسيلة لتمرير ثقافة الصورة حيث يوظف الإنسان- على العموم- في أشكال مخلة بالأخلاق والقيم النبيلة. هذه الثقافة " قوامها ارتداء الجينز والتيشورت، والأحذية الرياضية ذات العلامة المميزة وقصات الشعر الجديدة، وموسيقى الديسكو وموضاتها المتجددة واقتداءاً بنجوم الغناء والرقص والموسيقى والرياضة والتهام الوجبات السريعة، والمشروبات الغازية" (1).هذه الثقافة هي التي "استعمرت" عقول فئة عريضة من الشباب الذي وجد في القنوات الفضائية العالمية ومقاهي الانترنيت وقاعات اللعب ملاذاً له، بل وأصبحت المحدد الرئيس لهويته الثقافية "قوامها الومضة’flash’والسرعة وبداية اللحظة والإثارة والاستهلاك والمتعة وامتصاص الفرص" (2).وهذا ما يولد لدى الشباب سلوكا غريبا تجاه الثقافة المحلية حيث تواجه بالرفض بدعوى التخلف والرجعية والابتذال وفي المقابل تموت لديهم قيم التضحية والمبادرة والإحساس بالمسؤولية، لتعوض بالسلبية واللامبالاة والعنف في بعض الأحيان. مما أنتج لدينا إنسانا ينتمي إلى هذا الوطن بالجسد فقط ووجدانيا مستلب لثقافة وافدة تزرع قيم الفردانية أي" الاستقلالية عن الآخرين سواء في السلوك أو اختيار نمط العيش وهنا لن تبقى أي روح للجماعة يمكن أن تربط بين الأنا والآخر غير المصلحة البرغماتية" (3). كما يتم– باسم التقدم- إباحة كل شيء "ومعناه أن يصبح كل سلوك مباحا، لا حق لآخرين أو المجتمع في كبح جماحه ويمكن حسب هذا الفرد أن يلبي حاجاته الغريزية بالشكل الذي يريد وفي أي زمان ومكان يريد" (4)، مع تكريس التحلل من كل التزام وارتباط بأية قضية بتعبير عابد الجابري.هذه هي الثقافة التي أحببت أن أسميها ثقافة "الساندويتش"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
1- محمد سبيلا: المغرب في مواجهة الحداثة، منشورات الزمن عدد ص 94.
2- محمد حجازي: حصار الثقافة، ص 45، نقلا عن المرجع السابق
3- عبد الرحمن اليعقوبي :التعليم بالمغرب بين تحديات العولمة والإصلاح المنشود، سلسلة بحوث ودراسات، منشورات التجديد ص 184-
عبد الرحمن اليعقوبي: مرجع سابق




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات