حول بناء شخصية الانسان المسلم
ان حرية الإنسان الحقيقية تبدأمن داخل نفسه ،واذاكانت النفس قد فقدت حريتها الداخلية صارت ناضجة لكي تستعبد أيضا من خارجها
كما إن الحـرية الداخلية هي النصف الاول التي يتحدى بها المفكر كل الصعاب ، وفاعلية الفكرة لا تنبع من نوع المداد أو الورق الذي تكتب عليه إنما تنبع من استعداد صاحبها لأن يدفع روحه ثمنا لنشرها ونصرها . والنصف الثاني والمهم من وظيفة المفكر ومهمته العظيمة وهو ” التواصي بالصبر ” ويعنى دعوة الناس إلى الصبر على تحويل معرفة الحق من المعرفة العلمية إلى الواقع العملي ، فإذا كانت قواعد البناء لشخصية المفكر هي ” آمنوا” “وعملوا الصالحات ” فإن مهمته في بناء الآخرين هي ” وتواصوا بالحق ” و ” وتواصوا بالصبر .
وهنا يظهر ما يطلقه البعض على الفكر العربي المعاصر بأنه “ الظاهرة الصوتية “وهي الاصابه بالإسهال اللفظي الذي لا يعرف العمل ولا يعرفه العمل
كما ان الفكرة أو العبارة إما ان تتحول إلى عمل وإما بقيت وهماً ولغواً او بمعنى اخر الفكرة في الحقيقة هي خطة لعمل نؤديه ، وإما لا تكون فكرة . وإنما هي تشبه الأفكار وليست منها ، إن الفكر لا يستحق أن يكون فكراً بمعناه الصحيح ، إلا إذا رسم الطريق المؤدى إلى التغيير ، وهي حقيقة التقت عندها كل مذاهب العصر ..و الفكرة ليس لها في عصرنا معنى إلا أن تكون أداة لتغيير ما نود تغييره مما يحيط بنا وهذا هو أول الإصلاح الفكري في حياتنا بأن ندمج العالمين في واحد ، فيكون عالم : الكلام ” هو جانب ” التخطيط ” لعالم ” العمل “
ويجمع الخبراء في بناء الأمم ونهضتها على أن أي خطة إيقاظ تتركز في ثلاث قواعد هي :
القاعدة الأولى :
ثقافة التربية والتكوين : والهدف من هذه الثقافة هو إنتاج المواطن الصالح المصلح النافع لغيره صاحب التفكير السليم والإرادة الفاعلة والهمة العالية والذي لا يقع ضحية للقهر أو التضليل .
القاعدة الثانية :
ثقافة التجمع والعمل الجماعي وروح الفريق وهي ثقافة تقوى فينا روح الوحدة والائتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف ونبذ الفردية والعزلة ، والعمل معا في ظل الخلاف في الرأي أو الاعتقاد ، فنتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ، ونترك التعصب والجمود والعنصرية ..
القاعدة الثالثة :
ثقافة المقاومة : وهي تحفزنا جميعا على أن نقاوم التخلف والجهل والفقر الذي يحاول أعداء الأمة أن يفرضوه علينا كما نقاوم أي غزو خارجي ، وأن نقاوم أي احتلال لعقولنا وإرادتنا ومواردنا والهدف من هذه الثقافة هو الحفاظ على القاعدة الأولى وهي ثقافتنا التربوية التكوينية والقاعدة الثانية لثقافتنا الوحدوية لجماعتنا الوطنية ، لأن أي ضعف في هاتين القاعدتين سيؤثر على القاعدة الثالثة.
واخيرا والمفكرون هم الذين ينتجون بذور الآمال العظيمة ، ثم يزرعونها في عقول وقلوب الأمة ثم يتولونها بالرعاية والحماية حتى تثمر قناعات عظيمة وحماساً شديداً عند القطاعات الفاعلة في الأمة وصدق الله العظيم: (ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم).
التعليقات (0)