يقول مسؤول في حزب البعث المنحل، إن هناك استعدادات لملء الفراغ، الذي سينجم عن الانسحاب الأميركي من العراق، في وقت تؤكد فيه تقارير إعلامية عودة جماعات «المجاهدين»، في محاولة لترتيب أوضاعها مجددا.
ويضيف المسؤول الذي يصف نفسه بأنه «قيادي»، إن البعثيين «يستعدون لمرحلة الانسحاب الأميركي لملء الفراغ، الذي سيحدث من اجل إعادة سيطرتنا على الأرض، وإعادة العراق إلى مكانته وطرد العملاء الذين جاءوا مع المحتل». ويتابع لوكالة الصحافة الفرنسية، رافضا ذكر اسمه، «قمنا بإعادة تشكيل فروعنا الحزبية، وحددنا لها الأعمال والواجبات في عموم مدن العراق، لكن لا يمكننا الكشف عنهم أو عن مواقعهم، لأنهم سيشكلون أهدافا مباشرة للعملاء».
ويوضح المسؤول في الحزب، الذي تعرض لانشقاقات بعد سقوط النظام السابق عام 2003 «لقد تم تكليفنا التحرك باتجاه شيوخ العشائر وضباط الجيش والشرطة ورجال الأعمال لدعمنا أو الانخراط معنا». ويقول انه عاد إلى العراق من سورية قبل أسبوعين «فقد اضطررت إلى مغادرتها بعد تضييق الخناق علينا؛ لان من يكن في دمشق يجب ألا يتعرض للنفوذ الإيراني في العراق، كما اضطر بعضنا للمغادرة إلى دول عربية أخرى».
ولم ينف مشاركة موالين للبعث في انتخابات المحافظات أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي أو دعم قوى لها طروحات قريبة منهم، مشيرا إلى انه ينتمي إلى جناح النائب السابق للرئيس العراقي عزة إبراهيم الدوري. ولا يزال الدوري الذي أعلنت وفاته أكثر من مرة متخفيا، خصوصا انه من ابرز المسؤولين السابقين المطلوبين لدى الجيش الأميركي، وقد أعلن أكثر من مرة عن اعتقاله، كان أولها في سبتمبر (أيلول) 2004 وآخرها في ابريل (نيسان) 2008.
ويضم البعث جناحين أولهما مستقر في سورية، ويقوده محمد يونس الأحمد عضو القيادة القطرية سابقا، وهو من الموصل وضابط سابق في الجيش برتبة عقيد، وقد عمل يونس في التوجيه السياسي، ولديه علاقات مع وسط وشمال العراق، حيث كان مسؤولا للتنظيمات بعد حرب الخليج الثانية، وكان الرئيس السابق صدام حسين أعفاه من مهامه، لكن الدوري أعاده مع بدء الحرب عام 2003، والجناح الثاني بزعامة الدوري، الذي يعتبر نفسه «القيادة الشرعية» ويضم العدد الأكبر من البعثيين، وهو أكثر انتشارا وحركة، وحربه معلنة على ما يصفه بـ«التكتل الصهيوني الأميركي الصفوي».
وتنظيم الدوري يضم كبار ضباط الجيش السابق وشيوخ عشائر ورجال دين ورجال أعمال في العراق وخارجه في الأردن ومصر واليمن والخليج.
ويؤكد المسؤول، أن الدوري يؤيد «تداول السلطة عبر الانتخابات الحرة ودراسة تجربة الحزب خلال 35 عاما، ومعالجة الأخطاء والهفوات والانحرافات، ومحاسبة مسببيها والعودة إلى الفكر البعثي الأصيل».
وتتهم السلطات العراقية «فلول البعث» والقاعدة بارتكاب التفجيرات الدامية الأخيرة في العاصمة ومناطقها، وكان رئيس الوزراء نوري المالكي ألمح للمرة الأولى قبل شهرين إلى إمكانية أن تشمل المصالحة الوطنية «أولئك الذين عملوا مع البعث»، لكنه عاد وتراجع عن موقفه، موضحا أن هذا يشكل مخالفة للدستور الذي يحظر البعث.
إلى ذلك، تشير معلومات إلى عودة مجموعات «المجاهدين»، خصوصا في شمال بغداد وغربها، بينهم عدد من العرب، وتؤكد المصادر أن هؤلاء يعتمدون نهجا مغايرا عبر توصلهم إلى «اتفاقات مع قيادات محلية»، وتوزيع بيانات تعتمد لهجة «ملطفة»، قياسا إلى الأوقات السابقة.
من جهته، نفى المعارض العراقي حسن العلوي، ما يقال عن تعرض المعارضين العراقيين المقيمين في دمشق إلى ضغوط من قبل السلطات السورية؛ بهدف دفعهم للعودة إلى العراق، مشيرا إلى أن «هناك وترا طائفيا تعزف عليه السلطة، ويجد صداه بعض الأشخاص الموجودين في دول اللجوء ومنها سورية، إذ يجري غزل سري خاص لاستجلابهم إلى بغداد».
وقال حسن العلوي، كمعارض للنظامين السابق والحالي، المعروف بصلاته الواسعة والوثيقة مع السلطة في سورية، ومع العراقيين المعارضين من القادة العسكريين في النظام السابق لـ «الشرق الأوسط»، إنه «لم يحدث ولم يسبق أن حدث واستبعدت سورية معارضين عراقيين، ولو أنه حدث لما كان جلال طالباني رئيسا للعراق، ولا نوري المالكي رئيسا للوزراء، ولا بيان جبر وزيرا للمالية، وغيرهم ممن كانوا يمارسون نشاطهم في دمشق لأكثر من 25 عاما»، وتابع العلوي «إذا كانت سورية البلد البعثي العلماني لم تستبعد المعارضين الإسلاميين والأكراد، فكيف تستبعد المعارضين البعثيين الآن؟
دمشق: سعاد جروس لندن: «الشرق الأوسط»
التعليقات (0)