قوانين الفطرة : تدحض مقولات السلفيين و العلمانيين ....؟
بقلم : محمد بن سالم بن عمر ، كاتب و ناقد تونسي
عضو اتحاد الكتاب التونسيين، و مؤسس حزب الشعب التونسي
ما يأبى أن يفهمه السلفيون و العلمانيون على حد سواء أن الإنسان عامة سواء أكان ذكرا أم أنثى ، يخلق وهو مزود ذاتيا بقوانين الفطرة التي فطره الله عليها ... كالرغبة في الأكل و الشرب و ممارسة الرجل الجنس مع الأنثى و ليس مع الذكر.. الخ .؟
فهو يلتقي مع بقية كل المخلوقات في الخضوع لسنن الفطرة التي فطره الله عليها لتأدية مختلف الوظائف البيولوجية و الاجتماعية ... التي يحتاجها لأداء وظيفة ما في الكون ... فالله حينما أخبر في القرآن أنه عز وجل "( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68). ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 69).. للمساهمة في أعمار الكون و إنتاج العسل الذي يحتاجه الإنسان غذاء و شفاء ...؟
فالمقصود بالوحي هنا هو تزويد النحل خلقيا ذاتيا و برمجيا للقيام بدور محدد في الكون لا تستطيع الانزياح عنه مطلقا ... ولذلك تجد ما دون الإنسان يسير على منهج لا يختلف.. فالإنسان مثلاً قد يأكل فوق طاقته، وقد يصل إلى حد التخمة، ثم بعد ذلك يشتكي مرضاً ويطلب له الدواء.
أما الحيوان فإذا ما أكل وجبته، وأخذ ما يكفيه فلا يزيد عليه أبداً، وإن أجبرته على الأكل؛ ذلك لأنه محكوم بالغريزة الميكانيكية، وليس له عقل يختار به. على خلاف الإنسان فإنه قد يحيد كثيرا أو قليلا عن فطرته التي زوده بها الخالق في أداء مختلف وظائفه و يوظف بالتالي الحرية التي وهبها له الخالق في الانحراف بفطرته عن منهجها الصحيح ... فيصبح يأتي الرجال شهوة من دون النساء مثلا ... أو يفسد في الأرض و يسفك الدماء البريئة... و هذا ما حتم تذكير الإنسان في كل حقبة تاريخية بفطرته التي فطره الله عليها عن طريق الرسل الذين لم تدنسهم الحضارة البشرية بأدرانها و حجبها الكثيفة التي تصطنعها أمام حواس الإنسان و بصيرته ...؟
و بتشجيع واع و مقصود من شياطين الإنس و الجن الذين تعهدوا بتزيين كل انحراف عن الفطرة التي فطر الله الكون و الإنسان عليها...لذلك كانت مهمة الرسل عليهم السلام إبلاغ الناس بالشموس و مصابيح الهدى/البصائر/ التي ينزلها عليهم ربهم عن طريق جبريل عليه السلام لاستحالة قدرة الكائن البشري المخلوق من طين لازب على إبصار : "الله - الذي هو – نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
ومقابل الحرية التي أعطيها الانسان ليقوم بأداء مهمة خلافة الله في الأرض ... ضبط الله قوانين صارمة لردع المخالفين للفطرة التي فطرهم الله عليها ... فأن تزيد قليلا أو كثيرا عن قانون الأكل الفطري(الاعتدال في الاكل و الشرب) : ("و كلوا واشربوا و لا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ")... يصاب المتجاوز للاعتدال في الأكل و الشرب بعقوبة مساوية لحجم مخالفته لقانون الفطرة دون زيادة أو نقصان... و هكذا كل ما يصيب الانسان من أمراض و حوادث و مصائب .. فهي نتيجة حتمية لما اكتسبت يمناه من فعل مطابق او مخالف للفطرة التي فطره الله عليها .. لذا لا حاجة للمجتمعات البشرية لقوانين يسنها جاهلون بفطرة خلقتهم التي فطرهم الله عليها ... لعدم أهليتهم معرفة ما يستوجبه فعل الانسان من مجازاة او ردع مناسب للفعل المرتكب ، و لهذه الأسباب تقل التشريعات الإلاهية التي أنزلها الله و فرض تبنيها من قبل المؤمنين الى حد الانتفاء الفعلي ... كحد السرقة التي يشترط أن تتوفر أركانها بوضوح تام في مجتمع مسلم تتوفر فيه كافة مظاهر العدالة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية ... ؟
أو حد الزنا بعد توفر 4 شهود على هذه الجريمة مما يستحيل توفرها في مجتمع مسلم تهيمن على أفراده فكرة الخوف من الله و رقابته الصارمة لكل ما يقترفونه ...؟
أو حد القتل العمد مما يشكل تهديدا لاستقرار المجتمع ... هذه تقريبا أهم التشريعات التي يعسر تنفيذها في مجتمع مسلم يتخذ أفراده بوعي تام : الله ربهم و التوحيد منهجهم و الاستعداد ليوم الرحيل غايتهم و الفوز بالجنة مطمحهم ... ؟
و كل هذا يعري الحركات الاسلامية التي تقدم نفسها وصية على شرع الله و خلق الله و هم أولى الناس بتطهير المجتمع من شذوذهم و جرائمهم في التضييق على خلق الله و قتلهم الأبرياء تحت يافطة محاربة اعداء الله وهم يشكلون أعدى أعداء الله الذي لا يزال عز وجل ينغص حياتهم منذ أقدم العصور نتيجة لما يرتكبونه من حمق و ما يقترفونه من جرم و ما يصدون به عن سبيل الله و رحمته .
التعليقات (0)