قوائم العـار المصرية ... إلى متى ؟
بدأت تنهمر في الفترة الأخيرة وعقب نجاح ثورة 25 يناير العديد من ما بات يسمى بقوائم العار سواء لوزراء ومسئولين في الحزب الوطني وأثرياء منضويين لأجل المصلحة في عضوية هذا الحزب ، بوصفهم من كبار لصوص مصر خلال عهد مبارك الذي تجذر وتشابكت مصالحه وإتصالاته العميقة مع شرائح واسعة من كافة قطاعات الشعب المصري شملت الغفير والوزير والأستاذ الجامعي والبلطجي والراقصة والطبّّال ، طوال فترة 30 سنة سبقتها سنوات أخَــر من عهد مؤسسه الرئيس الأسمر الراحل أنور السادات.
أحدث القوائم التي صدرت مؤخرا – وعادة ما تصدرها مواقع شباب الثورة – شملت فنانين ومطربين وشخصيات رياضية وصحفية عديدة ، شهدت لها أضابير الثورة بأنها أيّدت بشكل أو بآخر نظام حسني مبارك وتعاطفت معه . بل وزاد بعضها من درجة حرارة معارضته لثورة الشباب على نحو ذهب فيه بعيدا ليطالب بحرق المعتصمين في ميدان التحرير تارة ؛ ورجمهم تارة ً أخرى بالحجارة قبيل كنسهم والرمي بهم في مكبات الزبالة.....
عادل إمام
وبالطبع فلم يكن هؤلاء ليشاركوا أو يصرحوا بذلك إلا ّ بسبب سوء تقديرهم الشخصي لواقع ما يجري من أحداث ومدى جديتها ... لاسيما وأن هؤلاء لا يمكن وصف معظمهم وعلى علاتهم بالمثقفين والسياسيين والأدباء والمفكرين والفلاسفة .. فشخصيات مسطحة بسيطة مثل مدرب كرة القدم حسن شحاتة ، والممثلة الباهتة سماح أنور ، والكوميدي عادل إمام ، والمطرب المتهرب من التجنيد والخدمة الوطنية تامر حسني ، والممثل أحمد راتب ، والنجمة يسرا .. ومكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين ... وهلم جرا بمن فيهم وزير الإعلام أنس الفقي ... كل هؤلاء إنما كانوا يتحايلون على معائشهم وأكل عيشهم أو مجرد منفذين لأوامر وتوجيهات حزبية عليا ، وهم يمارسون نفاق المضطر تجاه فرعون النعم وأرباب النعم من قادة وأساطين الحزب الوطني ورجال أعماله الكبار الذين كان يكفي غضب أحدهم لحرق نجومية أمثال هؤلاء الممثلين والصحفيين والرياضيين وغيرهم من نجوم في شتى السماوات الشعبية وجعلهم أثرا بعد عين.
ولا نشك أن هؤلاء الذين شملتهم قوائم العار يرتعدون الآن خوفا وقلقا على مستقبلهم وأكل عيشهم. ومنهم من إختبأ كالصراصير في جحورها، ومنهم من سارع بالمغادرة إلى الخارج خوفا من إنتقام الجماهير، أو حتى تهدأ الأوضاع وتنسى الناس فيعودون ليخرجون على الملأ بوجوه وثياب وحلل ٍ جديدة .....
ربما لو حدث نفس المشهد في كمبوديا وفيتنام وكوريا الشمالية ؛ لرأينا العجب العجاب من إنتقام الثوار والجماهير ومشانق التثقيف ومزارع الأرياف .. ولكن نحمد الله ولا نزال على نعمة الإسلام الذي هذب النفوس وأبعد عنها شرور الحقد الأعمى وحرارة الإنتقام وتصفية الحسابات السياسية والإجتماعية والطبقية الثقيلة والخفيفة.
مكرم محمد أحمد
غاية ما يناشد به العقلاء والذين أعجمتهم خبرات الحياة الدنيا يلتمسون العذر لأمثال هؤلاء من المسطحين والمنبطحين ضعفاء النفوس خفاف الرؤوس بسطاء الفكر ؛ الذين ما كان يخطر على بال أحدهم بالقطع أن يسقط الفرعون ويتجرد من شرعيته بهذه السرعة السهولة . وأن ينهار النظام الداخلي وتختفي وزارة الداخلية (البعبع الأكبر) من شوارع البلاد في ظرف 72 ساعة لا غير.
ومن طرائف الحِكَم الأفريقية ما ورد على لسان رئيس دولة تشاد الأسبق وإسمه "فرانسوا تمبل باي" الذي كان معجبا بالمطرب السوداني "محمد وردي" ويهوى الإستماع لأغانيه . فقد تصادف أن زار الرئيس التشادي هذا الخرطوم خلال عهد الرئيس السوداني الأسبق" جعفر نميري" عقب قطيعة سياسية طويلة بين إنجامينا والخرطوم . فأقام له جعفر نميري حفلا غنائيا ساهرا على شرفه .... وبعد فترة تململ الرئيس تمبل باي في مقعده والتفت إلى الرئيس جعفر نميري ليفاجئه متسائلا بخباثة العالم ببواطن الأمور:
- أين المطرب محمد وردي ... ولماذا لم يشارك الليلة بالغناء ؟
فأجابه جعفر نميري بإقتضاب:
- المطرب محمد وردي في السجن لأنه هاجمني وسخر مني في الإذاعة والتلفزيون خلال إنقلاب شيوعي فاشل .
فضحك الرئيس تمبل باي ورد عليه قائلا:
- هؤلاء الفنانون مثل النسوان .... هل يغضب أحد من نزق النسوان؟
محمد وردي (بالعمامة وبيده المايكرفون) يغني في جلسة خاصة جمعت بينه وبين الرئيس عمر البشير
وبالطبع فليس القصد أننا نوافق الرئيس التشادي الأسبق "تمبل باي" جملة وتفصيلا على مقولته تلك التي رددها في حق الفنانين بداية السبعينيات من القرن الماضي .... ولكن القصد هو طلب العذر لفئة هشة ضعيفة مغلوب على أمرها في الواقع ؛ وإن بدت قوية الشكيمة من خلال ما تردده على خشبات المسارح أو تتقمصه من شخصيات داخل الإستديوهات السينمائية والتلفزيونية . فالمسألة كما يقولون مجرد تمثيل في تمثيل ، ثم أن من كان يعترض منهم على الحزب الوطني الحاكم فإن مصيره الفوري هو القبوع في الظل والمعاناة من الإهمال ووقف الحال ثم الجوع والمرض والموت في صمت. والحال ينسحب على غيرهم من رياضيين وإعلاميين وهلم جرا في بلد يتحكم فيها الفرعون وأسرته وأعوانه في كل مناحي الحياة وعلى رقاب الخلق بدءا من رغيف الخبز وحتى فلل الزمالك والرحاب والمعادي.
ومن ضمن الوجوه والأسماء في قوائم العار التي وردت في موقع ثوار 25 يناير نرصد الآتي:
أنس الفقي
1) أنس الفقي .... أتهم بإستغلاله لمنصبه كوزير للإعلام في التعتيم على أحداث المظاهرات وتشويه سمعة الثوار والمنظمات الحقوقية من خلال التلفزيون الحكومي الرسمي.
2) مكرم محمد أحمد .. نقيب الصحفيين المصريين الذي هاجم الثوار ودافع عن مبارك ونجله وخليفته المتوقع جمال.
عبد الله كمال ... للنفاق أصول وأصباغنا مش معقول
3) الصحافي عبد الله كمال .. وهو الذي يوصف بأنه رأس النفاق وأكبر ماسح جوخ في تاريخ الصحافة المصرية الحديث . بلغ مراحل ميليودرامية في تأييده لحسني مبارك ، وتأييده لتوريث الحكم لنجله جمال . ولم يترك شاردة ولا واردة إلا وصرح فيها بأنه ضد الثورة والثوار.
4) خيري رمضان (في التلفزيون الحكومي) ، سيد علي ، هناء السمري ، مي الشربيني (في قناة المحور) ، كل هؤلاء الإعلاميون إمّا أنهم إستغلوا مواقعهم في الدفاع عن "بابا حسني مبارك" ونظامه الحاكم ؛ أو شنوا هجوما لاذعا على مباديء الثورة المصرية وقادتها ووقودها وأنصارها.
5) نجم الكوميديا العربية عادل إمام . لم يكن يخفي تأييده المطلق لحسني مبارك جتى في بعض أفلامه السينمائية . وقد وصف ثورة 25 يناير بأنها عبثية ولعب عيال صادرة من أناس مندسون لا يمتون للشعب المصري بصلة وتحركها أيدي خارجية خفية (لم يحددها) لا تريد لمصر أن ترى النور.
6) النجمة السينمائية والتلفزيونية يسرا .. التي دافعت عن "بابا" حسني مبارك ، وطالبت الشباب المصري الثائر في الشوارع والمعتصم في التحرير بالعودة إلى بيوتهم وحضن أمهاتهم الحنونات ؛ وتناول الحليب الساخن والتغطي بالبطانية تمهيدا لنوم هاديء دافيء وأحلام سعيدة بصحبة الملائكة ؛ في إستهزاء واضح بمن أطلقت عليهم وصف العيال . كما زادت بأنها لا ترى في حكم "بابا" حسني مبارك ونظامه السياسي أية أخطاء أو سلبيات طوال 30 عاما حكم فيها البلاد.
7) الممثل حسن يوسف الذي تطاول بوقاحة على شباب ثورة 25 يناير خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة (دنيا الوطن). فوصف هؤلاء الشباب بالحرف الواحد أنهم "جبناء ورعاع وناكري الجميل للرئيس مبارك، وأنهم أضعف من أن يواجهوا عدوا حقيقيا مثل إسرائيل".
تامر حسني :- (يقولونَ جاهِد يا جميلُ بغزوةٍ .. وأيّ جهادٍ غيرهنّ أريدُ؟)
8) المطرب الشاب الوسيم تامر حسني الذي سبق وأن حوكم بتهمة التهرب من أداء الخدمة الوطنية الإلزامية ، وحكم عليه بسجن "إفتراضي" داخل زنزانة خمسة نجوم تحت رعاية معجبيه ومحبيه ومموليه من أركان ورجال أعمال الحزب الوطني الحاكم .. لم يتنكر تامر للجميل وسارع في لقاء هاتفي مع التلفزيون الحكومي المصري إلى دعوة "المتظاهرين القابعين بميدان التحرير" حسب وصفه ... دعاهم إلى العودة لمنازلهم حقنا للدماء وإنهاء الأزمة وعودة الأمن إلى ما كان عليه سابقا" ....... والطريف أن تامر حسني هذا وبعد أن شعر بأن كفة النصر قد مالت إلى جانب ثوار 25 يناير سارع إلى ميدان التحرير بفرقته الموسيقية بهدف المشاركة في الإعتصام والغناء الوطني رغبة منه في ركوب موجة الثورة الصاعدة .. ولكنه فوجيء بشباب الثورة يمطره بالأحذية والشباشب والطماطم الفاسدة. فخرج منسحبا من منصة الغناء بميدان التحرير وهو يلطم الوجه ويذرف الدموع.
دلال عبد العزيز .. تفردت بإطلاق وصف المخنثين على الثوار من شباب الفيس بوك دون شرح واضح لسبب إطلاقها هذا الوصف الذي يحمل في طياته أكثر من مغـزى
9) الممثلة المعروفة "دلال عبد العزيز" زوجة النجم الكوميدي الكبير سمير غانم . ذهبت أبعد مما يمكن أن تذهب إليه أية أنثى في وصفها للشباب الطازج الغض الفتي اليافع ، حين وصفت شباب ثورة 25 يناير المعتصمين في ميدان التحرير بأنهم "بتوع فيس بوك مخنثين".
10) الممثلة الباهتة "سماح أنور" يبدو أنها قد تتعرض لمحاكمة قضائية جنائية جادة لو أن أحدا من المحامين تقدم ببلاغ رسمي ضدها . وذلك لأنها طالبت علنا بحرق الشباب المعتصمين في ميدان التحرير بعد أن وصفتهم بأنهم خربوا البلد.
11) ومن بين الأسماء الأخرى التي وردت في قائمة العار نرصد الفنانين : خالد زكي ، أحمد بدير ، أشرف زكي ، عمرو مصطفى ، أحمد السقا ، غادة عبد الرازق ، شمس البارودي ، ماجدة زكي ، صابرين ، نهال علي ، شذى ، زينة ، عفاف .... وكذلك المطرب حكيم.
حسن شحاتة .. كله آذان صاغية وعيون مفنجلة في حضرة جمال مبارك
12) ومن بين الرياضيين الموالين لحسني مبارك ونجله جمال الذين شارك بعضهم في المظاهرات الباهتة التي خرجت موالية لحسني مبارك أو دافعوا عنه وعن نظامه السياسي في أجهزة وسائل الإعلام وردت أسماء كل من : حسن شحاتة ، حسام حسن ، إبراهيم حسن ، عصام الحضري ، ميدو ، شيكابالا ، خالد الغندور ، مصطفى يونس.
...............
هكذا إذن تظل الثورات الشعبية ؛ ولأسباب تتعلق ببطء تحقيقها لثمارها على عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للإنقلابات العسكرية التي تحسم الأمر ما بين عشية وضحاها ... فإنه وخلال فترة الثمانية عشر يوما التي إستغرقتها الثورة المصرية (25 يناير – 11 فبراير) حتى تنضج وتؤتي أكلها . فقد تضاربت مواقف الكثيرين من العامة والمشاهير والرسميين على حد سواء .... هناك من أصغى إلى ضميره فأعلن تأييده للثورة رغم ما كان يعتري إعلانه ذاك من مخاطر جمّة في حال فشلها ... وهناك من لم يحسن القراءة وظن أنها زوبعة في فنجان . وأن الفرعون وهامان من المحال أن يقهران في الوجهين القبلي والبحري فذهب إلى أبعد مما ينبغي من إبداء للرأي ..... وبين كل هؤلاء وأولئك تبقى أبواب وأشجار الثورات على مدار التاريخ مفتوحة دائما للمتسلقين والتائبين ومن يجيدون التمثيل والنفاق والقدرة على سكب الدموع بدهاء ؛ فربما أكلت الثورة أبناءها المخلصين دون رحمة ، وقدمت الورود والرياحين وووفرت الأحضان الدافئة لمن سخر منها بالأمس وكانوا في ما مضى من ألــدّ أعدائها.
التعليقات (0)