قناة الرشيد : السيد طارق الهاشمي اتصل بك هاتفياً.. ماذا طلب منك؟
لقاء الدكتور إبراهيم الجعفري مع قناة الرشيد الفضائية بتاريخ 22/12/2011
- ما الذي دار في حوارات الأزمة السياسية الحالية؟
الجعفري: أنا كنت أحمل رسالة باسم التحالف الوطني والإخوان وخصوصاً الأخ أسامة النجيفي لهم مبادرة على أساس أن يلتقي رؤساء الكتل، وقد أبلغ التحالف الوطني بأن حضوره مشروط بعدول العراقية عن المقاطعة أو التجميد.
- هل أفهم أن شرط الحضور هو التحاق العراقية باجتماعات مجلس النواب؟
الجعفري: هذه الرسالة أوصلتها إلى الكتل، بأننا ليس لدينا موقف من أصل الاجتماع، لكن في هذه الأجواء هناك موقف نتكلم فيه في الجانب السياسي حين تكون العراقية غير حاضرة أو منقطعة عن البرلمان، وما نراه أننا نشترك في جلسة لتمثيل الكتل في الوقت الذي تريد كتلة أن تحضر وهي تقاطع البرلمان، ويصادف أن يكون رئيس مجلس النواب من الكتلة المقاطعة.. أرجو أن لا تكون مقاطعة بشكل دائم، وإنما منقطعة عن جلسات البرلمان.
- قد تفهم الرسالة على أنها اعتراض أو بسبب الأجواء السياسية المشحونة، ليست بسبب مقاطعة العراقية لاجتماعات مجلس النواب؟
الجعفري: لا.. كان على هذه تحديداً.
- ما الذي يقنع العراقية بأن سبب مقاطعتكم اجتماع غد هو انقطاع العراقية عن الحضور؟
الجعفري: لا أعرف تفاصيل الأسباب التي أدت لأن تنقطع العراقية عن الاجتماع، لكني أتصور أنه مهما تكن الأسباب فهي مقياس نسبي عندما يمر العراق بهذا المأزق الذي يمر به الآن، وعندما تتهدّد سلامة المواطنين ليس من الصواب أن تبقى تلك هي الثوابت، ونكيّف مشاعر المواطنين لتقبّلها بل يجب أن نسحق على المبرّرات مهما كانت، ويجب أن نوصل رسالة إلى الشعب العراقي بأنه عندما تتهدد سلامته فنحن نرصّ الصفّ، ونتواجد في خنادق العمل التشريعي في البرلمان والتنفيذي في الحكومة وفي كل مكان..
هذا الردّ على من يحاول أن يتخرّص، ويحاول أن يغتال العملية الوطنية، ويحدث شروخاً في الصف الوطني، هذا هو الرد المسؤول، نعم.. على من يكون مسؤولاً أن يقدّم مصلحة البلد، ويفوّت الفرصة على أعداء العراق..
التحالف الوطني كان مثكولاً بسبب التفجيرات التي راح ضحيتها الأبرياء، وتطايرت أشلاؤهم، لكنه في الوقت الذي يعرب عن استنكاره الشديد لهذا العمل الوحشي الحيواني الذي يستهدف الوحدة الوطنية، والإنسان العراقي، يؤكد على ضرورة رصّ الصفّ.
- في المؤتمر الصحفي للتحالف الوطني كنا نتوقع بياناً أشدّ ونبرة أكثر قوة وتصعيدية بحكم قوة الهجمات التي حصلت اليوم لكن تفاجأنا بأن بيان الحكومة أو بيان مكتب رئيس الوزراء كان أكثر حدة؟
الجعفري: الحدة ليس مقياساً، إنما إعطاء المفاهيم التي تشخص، والمفاهيم التي تعالج هذه هي المقياس..
حين نفهم أن هذا العمل عمل إجرامي، وشعبنا يعطي هذه التضحيات في مثل هذا الظرف، وواجبنا الوطني يقضي برصّ الصفّ فأنا أعتقد أن النبرة وما شاكل ستأتي بشكل طبيعي..
انا ملتزم بما كنت أنقله من التحالف، وعليّ أن أكون أميناً في إيصال صوت التحالف إلى الجمهور، وأرجو أن لا ينسى أحد أني حين أتحدث مرة في مجلس النواب أتحدث كنائب، وأتحدث كمواطن، وعندما أقف هنا والإخوان معي في التحالف الوطني لابد أن أضع في حسابي أن هؤلاء أودعوني خطاباً يجب أن أقول به، أنا لا أقول مالا أعتقد به، لكن يجب أن أراعي المشترك بينهم.
- أريد أن أسمع موقفك الشخصي بأن أجرّدك عن رئاستك التحالف الوطني، وأسمع منك كممثل لمائة ألف مواطن عراقي.. كنائب في البرلمان.. ما موقفك مما حصل اليوم بالتحديد؟
الجعفري: جريمة بكل المقاييس، ووحشية بكل المقاييس، وخيانة بكل المقاييس.. ولا أجد من الكلمات في القاموس ما يليق أن أطلقها.. يصعب عليّ أن أصفها بأي مقياس.. إن كان ما حصل اليوم بعنوان (مقاومة) ضد المحتل فالقوات الأميركية توشك أن تخرج خلال أيام فما الرسالة التي سيتسلمونها؟ هل يتسلمون رسالة بأن لا تخرجوا، أو ارجعوا مرة أخرى إلى العراق.. هذا لن يكون قرار الشعب.. بماذا نسميه؟
ما الكلمات التي تستخدمها في هذه الحالة حيث شعب يقدّم هذه التضحيات على أيدي من يزعمون أنهم مقاومة، وأنهم حريصون على الصف الوطني وإلخ.
من هنا إلى أن تنتهي ملفات التحقيق ذاك الوقت ستسمع ما تتمنى ألا تسمعه؛ أنا ألقي الكلام جزافاً، لكن حين أقف على أرقام فلن يفلت من طائلة العقاب والخطاب أحد.
- تشدّدون على التمييز بين ما هو قضائي وما هو سياسي.. هل هناك تمييز بخصوص أحداث اليوم بين ما هو أمني، وما هو سياسي.. هل يمكن النظر إلى ما حدث اليوم بعيداً عن السياسة.. هل يمكن أن نراها، ونشبّهها بعمليات إرهابية كانت تقوم بها القاعدة أم تورّط بعض الأطراف السياسية؟
الجعفري: أعتقد أنه خلال هذه الساعات السابقة إلى أوانها سنجد ما يفضي إليه ملف التحقيق، وتحديد العناصر، والضبط وتحليل طبيعة العمليات، بعض الأحيان تستطيع أن تحدّد الجاني من طبيعة المجني عليه.. لننتظر المعلومات التي تكشف النقاب عن طبيعة هؤلاء عند ذلك الوقت لا يكون الكلام جزافاً.
- ما تأثير الأزمة السياسية في حدوث مثل هكذا أعمال إجرامية؟
الجعفري: بورصات الإرهاب تتصيد الأزمة السياسية، وتبحث عن مكان تروّج فيه هذه العمليات، وحين يرون أزمة ما يحاولون أن يعملوا اقتراناً، مثلاً: يحاول أن يضفي عليها طابعاً طائفياً، طابعاً سياسياً، طابعاً قومياً؛ لأنه يستهدف الوطنية، ويستهدف البلد، ويستهدف مصلحة البلد، ويريد أن يصدع الوحدة الوطنية؛ لذلك يعمل، ويستغل أي أزمة..
هذا هي السياسة العامة لهذه العمليات.. لابد أن نتأكد من طبيعة هوية الجُناة؛ حتى لا نرمي السهم -لا سمح الله- على بريء، أو يخطئ السهم.
- الناس يعتبرون أن سبب الخلاف السياسي بأنه (يتعاركون على الكراسي)؟
الجعفري: لماذا هذا الآن، ونحن يجب أن نصدق مع شعبنا، ونرشد بعض القراءات الشعبية، لماذا الآن إذا كان صراعاً على الكراسي وأنا عندي هذا الانطباع في وقت ما كان صراعاً على الكراسي.
أعتقد أن القضية أبعد من هذه فهي قائمة على استراتيجية ربط الجانب الأمني بالأمور السياسية، لكن قد تكون ليست فقط محصورة على أرض العراقية بل قد تكون مؤقلمة إن لم تمكن مدوَّلة.
- أنت تميل إلى رؤية أحد الكتاب: إن الصراع هو على هوية العراق الجديد، ومحاولة لإسقاطها؟
الجعفري: نحن الآن أمام مسؤولية إعطاء مصداقية للعالم وللدول العربية بأن العراق يعبر مانعاً بعد آخر، ويتجاوز محطة بعد أخرى؛ ليثبت وحدة الوطن واستقلاله، ويحقق إنجازات بالنسبة إليه..
أحد أهم الإنجازات هو إن السيادة الوطنية العراقية لا تشوبها شائبة، القوات الأجنبية حاولت إعطاء صورة وهمية بأن القوات العراقية ليست جديرة بملء الفراغ، ولا ينبغي أن تخرج القوات الأجنبية.
- ألا يمكن وضع علامات استفهام أمام جاهزية القوات الأمنية العراقية ففي نصف ساعة فقط تجتاح هذه المجاميع بغداد، وتفجّر بمختلف أنواع الأسلحة؟
الجعفري: من واجبي أن أدافع عن القوات الأمنية خصوصاً أنها الآن تسطـّر مجاميع من الشهداء، لكن هذا لا يعني عدم وجود ملاحظات؛ لذا دائماً أوجه خطاباً روحانياً بعد كل عملية، بأنهم يجب أن يدرسوا الثغرات، ويجب أن ننتقل بسرعة من الأمن العلاجي إلى الأمن الوقائي، ونتجنب حدوث التفجير؟
- هذا الكلام منذ عام 2003 و2004 و 2005 و2006 يبدو أن من يريد تخريب مسار العملية السياسية هو الذي يختار التوقيت؟
الجعفري: لا.. طبيعة العملية تترك زمام المبادرة في يد من يختار التوقيت، فهو ليس جيشاً نظامياً، والمعركة ليست ميدانية منظمة.
- يقال: إن حل المشكلة الأمنية في العراق هو حل سياسي وليس أمنياً، ومهما تضخمت قدرة القوات العسكرية العراقية، وما وصلت من جاهزية فلن تستطيع ضبط الأمن.. المشكلة في العراق سياسية وإن لم تـُحَل المشكلة السياسية فلن يكون هناك أمن؟
الجعفري: وما المشكلة السياسية في بريطانيا حتى يخترق أمنها، وأضيف إليها الأمن الأميركي مخترق أيضاً إذا سلـّمنا بوجود مشكلة سياسية وأن الإرهاب مظهر يؤشر على وجود حالة سياسية.
- لا يخفى عليكم الصراع بين الإرهاب الدولي، واليوم بين هذا الدول؟
الجعفري: يوجد جنون الإرهاب، يوجد عولمة في الإرهاب، يوجد عملية تعبير عن الخافي بالرائي بالقتل وليس بالحوار، استباحة الطفولة والأنوثة والشيخوخة.. نحن أمام جنون جديد اسمه جنون الإرهاب.. هذه الثقافة ساهمت بها القاعدة، وفلول حزب البعث الصدّامي حين كان في الحكم.
لا يوجد مكوّن في العراق ينكر عليه وجوده، فالجميع موجودون ومن كل الخلفيات الدينية والمذهبية والسياسية وأغلبها موجودة في الحكومة، إلا أن الأمر هو ثقافة عُقدة المختلف، وهذه الثقافة نستطيع التخلص منها بولادة معادل وطني ومعادل إصلاحي..
كيف ننزع من هذه العقول هذه الثقافة، ونخلـّص الناس منها، فهي أخطر من الأيدز، إذ إنه يستبيح جمهوراً بأكمله وطفولة بأكملها من دون أن يرفّ له جفن.
القوات الأمنية في أميركا وبريطانيا ذات إمكانات هائلة، وتجارب من الحروب التي مرّوا بها، وهم من أعمدة الحرب، ولو تقارنها بالوضع العراقي الذي إلى الآن لم يستكمل بناء أجهزته بشكل كامل وهو لم يمض ِعليه 10 سنوات منذ سقوط النظام المقبور، ولدينا بقايا من القبلية الصدّامية.. إذن وجود هذه الحالات في مقابلها توجد مساع ٍحثيثة وإجهاز على بعض العمليات، ويوجد تقدّم، ويوجد شهداء في القضايا الأمنية.
أوجّه خطابي لمسؤولي القوات الأمنية أن يعكفوا على دراسة هذه القضية دراسة متأنية دقيقة وعاجلة، وإعلان حالة التأهّب؛ حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي، والمفروض أن يضعوا في حسابهم أنه حين تخرج القوات الأجنبية ستتولـّد تلقيات عند المواطن وكل القوى الخيرة وكل الذين يحبون العراق، وسنجد استجابات ممتازة وإيجابية، لكن في الوقت نفسه لدينا أعداء يفكرون كيف يغتالون هذا الإنجاز الوطني فمرة يستخدمون قلماً مأجوراً وأخرى فضائية ملوّثة، وثالثة بسلاح يغتال به الطفولة والشيخوخة والأمومة والناس كافة.
من يخطط بحجم البلد يستحضر كل الأصدقاء، ويستحضر كل الأعداء، ويكون لديه وعي، ويستشرف الأفق، ويضع الموانع الوقائية قبل أن يصطدم بهذه الأشياء، وهذا مبدأ قرآني:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ))
فننتقل من المعالجات وردود الفعل إلى الأفعال والمبادرات، واستشراف الأفق، وتوقع ما يحدث.
- هناك آراء على المستوى الشعبي والصحافة والإعلام تربط بين ما حصل اليوم (الاعتداءات الإرهابية)، وبين ملفي السيد طارق الهاشمي وملف السيد صالح المطلك؟
الجعفري: بالنسبة لي لا أصمّم خطابي، ولا أصرف وقتي في عملية ربط أجزاء غير متساوقة، ولا منسجمة، ولا أفهم الوسطية على أنها وسطية نفاق بأن أقتطع من هذا، وأقتطع من ذاك، أنا أتصرّف بطريقة تتسع إلى الوطن بأكمله خالية من أي لحاظات فئوية، فإن كانت لديّ شبهة أعرب عنها، ولا أجامل أحداً..
ما يظهر في وسائل الإعلام من شعارات وحماسيات لا يحل مشكلة، وتسمية الأشياء بأسمائها يجب أن يكون بعد أن تستكمل الحقيقة كل مقدماتها.
بناءً على هذا المدخل ألتزم بمجموعة ثوابت في الخطاب، الثابت الأول: الدستور، والثابت الثاني: استقلال السلطات، وعدم التدخل في شؤونها، ودعمها فللسلطة القضائية يجب أن نستنفر القوى الأمنية ونحترمها، ونتعاطف معها، ونتبادل معها المعلومات؛ حتى نمكـّنها من تأدية عملها.. والجهاز التنفيذي المشغول في حماية الدولة وبناء المؤسسات يجب أن نسنده بدءاً من رأسه (رئيس الوزراء إلى كل الوزراء).
والثابت الثالث: إن البلد يمر بحالة استثنائية، فالتزام موقف السكوت أو الحياد، فضلاً عن أن أكون جزءاً من مشكلة يُعَد حالة سلبية..
- هناك معلومات تقول: إن السيد طارق الهاشمي اتصل بك هاتفياً.. ماذا طلب منك؟
الجعفري: اتصل بي قبل يومين الساعة الـ 12 في الليل قبل ثلاثة أيام، وشكا من تعرّض مقراته للتفتيش، وأنا وجّهت إليه من خلال قناة الحرة عندما سألني الأخ مقدم البرنامج، قال لي: هل تعتقد أن حكومة كردستان ستسلم دكتور طارق؟ قلت له: عندي نصيحتان واحدة لحكومة كردستان بأنهم يجب أن يتعاملوا بسياقات دستورية وقضائية وقانونية، والأخرى للدكتور طارق فهو يؤكد على براءته، ومادام قاطعاً بها فليقدم إلى بغداد، وأنا وزملائي من سيدافع مادام بريئاً، لكن إذا ثبت خلاف هذا فنحن لا نستطيع أن نغيّر الحقائق القضائية تعاطفاً مع أحد، وهذا مفهوم قرآني ونستلـّه من مفهوم السيرة المطهرة:
((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ))
نتمنى الخير للجميع، وفي الوقت نفسه لا نهادن، ولا نتردّد في القضاء والقانون.
- عدم التردّد هذا في القضاء، هل يدفعكم لأن ترفعوا قضية على السيد مسعود البارزاني إذا لم يسلـّم السيد طارق الهاشمي باعتباره سيكون متستراً عليه؟
الجعفري: أستبعد أن تصل القضية إلى حد تمارس حكومة الإخوة في كردستان شيئاً خلاف القضاء، ولا أعتقد أن هذا من مصلحتها.
- ما الموقف السياسي من التحالف الكردستاني ومن الشخصيات القيادية في كردستان في حال إصرارها على استضافة السيد الهاشمي؟
الجعفري: وماذا عن القانون، هل يسمح أم لا يسمح؟ وإذا سمح القانون فالقضية تختلف، وإذا لم يسمح فلا نقبل، وننكره أكيداً، لا أحد فوق الدستور والقانون وإن كان صديقاً. بل إن هذا الصديق لا يؤمن بي؛ لأني خـُنت القانون.
- هل بإمكان السلطة في بغداد أن ترسل قوة في حال امتناع كردستان عن جلب السيد الهاشمي تنفيذاً لمذكرة القبض التي أصدرها القضاء العادل؟
الجعفري: السلطة التنفيذية مسؤولة عن تطبيق الدستور ومواده، أما في الحقل القضائي أو التشريعي فهي مسؤولة عن التنفيذ، إنما سميت السلطة التنفيذية تنفيذية؛ لأن الذراع التنفيذي تطبيق للمقرّرات والقوانين.
لقراءة النص الكامل للقاء ولمشاهدة اللقاء بالفيديو ، انقر على الرابط التالي:
http://www.al-jaffaary.net/index.php?aa=news&id22=919
التعليقات (0)