مواضيع اليوم

قل مصر للوارثين .. ولا تقل مصر للمصريين ..

محمد شحاتة

2009-12-12 09:15:51

0

الموت له مكانة خاصة جداً في يقين ووجدان ونفسية الشعب المصري منذ آلاف السنين..

 للموت وقع خاص في مصر..

 تجد المصريين منذ القدم يهتمون به ويخلدون ذكرى موتاهم وينقشون على جدران معابدهم مراحل الموت والبعث والحساب وعلى حافة جانبي طريق التاريخ المصري الممتد لآلاف السنين تجد المقابر والمدافن المصرية لها وقع خاص في قلوب المصريين حتى أن الأحياء منهم سكنوها مجاورين للموتى ..

ومعنى ذلك أن المصريين ربما أكثر وأشد شعوب العالم إيماناً بالموت وبأنه قريب وبأنه محقق .. لذا كان المصري القديم يخشى عاقبة الحساب حين البعث بعد الموت فيعمل لهذا اليوم قدر جهده في الخيرات ويتجنب الشرور والسيئات قدر جهده .. على هذا شهدت البرديات والآثار والمعابد والمقابر المصرية الأثرية العتيقة..

أما المصريون اليوم – نعني كثرة كثيرة جداً- فقد قلبوا المعادلة والآية تماماً ..

فإيمانهم بالموت والبعث والحساب لم يفتر ولم يضعف .. ولكنهم بدلاً من أن يعملوا للآخرة فصاروا يعملون للدنيا دون أخراهم وكأن الدنيا صارت هي مبلغ علمهم وكل همهم أما الآخرة ف "مقدور عليها" !! ..

لذا تجدهم حريصين تماماً على تأمين نسلهم وذريتهم وأولادهم بمتاع الحياة قدر استطاعتهم ... تعجب وتندهش تماماً من أولئك الذين يسرقون وينهبون ويهتلبون ويختلسون مئات الآلاف بل ومئات الملايين والمليارات من مال الشعب الكادح الغلبان دون أن يهتز لهم رمش أو يتنغص لهم عيش أو يتوجع لهم ضمير..  ثم سرعان ما يموتون مرضى أو هاربين أو مسجونين ولكنهم مطمئنون بالاً وهادئون نفساً أنهم تركوا لذريتهم من المال الحرام ما يكفيهم ليعيشوا ويتنعموا به قروناً عديدة وليس سنوات عدة !!
وكأن ليس هناك حساب أو عقاب.. وكذلك تجد المصريين دون فرق في العقيدة أو الجنس أو المنطق أو الثقافة ..

تجدهم حريصين تماماً على توريث نسلهم وذريتهم وذوي قرباهم وأرحامهم مكانتهم ووظائفهم وسلطاتهم وتمكينهم منها قبل أن يموتوا دون النظر إلى وجوه الحلال أو الحرام في ذلك .. يتخطون في سبيل ذلك كافة المحاذير والمحظورات ويقفزون فوق السدود والقيود ويضربون بالنظام والشروط وحقوق الغير والأولوية والكفاءة عرض الحائط ..

فترى موظفاً بهيئة الكهرباء مثلاً حريصاً على تعيين أهله بالكهرباء .. وتجد الطبيب أو الصيدلي حريصاً على إدخال أبنائه كليات الطب أو الصيدلة ليتولى إدارة عيادة أو صيدلية والده بعد وفاته .. ولو كان الإبن فاشلاً أو ضعيفاً ولم يحقق مجموعاً ليلتحق بالجامعات الحكومية يلحقه بجامعة خاصة وينفق عليه مئات الآلاف في سبيل إنجاحه بكل الطرق وأهمها الرشوة والوساطة..

وهكذا في كل مجالات ومناحي الحياة في مصر .. تجد أسراً بأكملها يحتلون فيما يشبه التجمعات الأهلية أو العائلية أروقة ومكاتب ووظائف هيئات ووزارات و إدارات في دولاب الدولة جميعه ..

وآخر  "طلعة " توريث في هذا المضمار ستدهشك وتثير مكامن الإعجاب لديك بالمصريين وحرصهم "المميت " على التوريث سنقصها عليكم الآن ..

إنه توريث "قضائي" هذه المرة .. حيث تم "توريث" أقصد تعيين سيدة مصرية تدعى ( نرمين نبيل حبيب غبريال ) في منصب ( معاون نيابة إدارية) حيث أنها حاصلة على ليسانس حقوق بعد تسعة سنوات كاملة .. فقد التحقت بكلية الحقوق عام 1989 وتخرجت منها في عام 1998 .. تسع سنوات في الحقوق تذكرك بمشهد عادل إمام" بهجت الأباصيري"  في مسرحية مدرسة المشاغبين حينما طالبته المعلمة بالوقوف فقال ( بعد تسع سنين خدمة في ثانوي تقولي لي أقف)!! انفجر الجمهور ساعتها بالضحك على طول المدة التي قضاها "الأباصيري" في الدراسة..

بينما انفجر مواطن مصري بالبكاء حينما ترشح لذات الوظيفة ( معاون نيابة إدارية) واجتاز جميع الاختبارات إلا أنهم تجاوزوه ليكتشف أنهم عينوا بدلاً منه تلك المترشحة صاحبة السنوات التسع بدلاً منه ..

تسألني لماذا عينوها بالذات وألقوا المواطن "الشعبي" الآخر في الزبالة .. أقول لك والعهدة على صحيفة المصريون المستقلة..  

خذ عندك :

فوالدها هو المستشار نبيل حبيب غبريال رئيس محكمة الاستئناف وزوجها يشغل منصب رئيس محكمة بمحكمة الجيزة الكلية وأخوتها جميعهم يشغلون مناصب، وهم: ناجي نبيل القاضي بمحكمة شمال القاهرة ونادر نبيل وكيل النيابة بدائرة شمال الجيزة وعمها ناجي حبيب رئيس محكمة استئناف أسيوط...

وبعد أن ثبت لك أن الثوريث عقيدة مصرية أصيلة لا تفرق بين مسلم مسيحي فقد إختلفت الديانتان واتحدا في التوريث ..              بذمتك ودينك ..

هل تعتقد أن مصر وهذا حالها وهذا شأنها ستجد فيها قضاة أو غيرهم يستطيعون أو يجرؤون على الاعتراض على توريث الحكم إذا كانوا هم عتاة المورثين وقضاة التوريث ووكلاء نيابة التوريث ووزارة المورثين؟! ...
ولذلك لم يعد للمواطن "الساقط" والراسب والمرفوض من السادة الكبار سوى أن يعمل بمثل ما عمل فقيد مصر (عبدالحميد شتا) ويلقي بنفسه في النيل وسنهدي له رابط مقالنا عن عبدالحميد شتا ليسير على خطواته حتى يستقر في أعماق النيل ..

وأرجو أن يخطرني بميعاد "انتحاره" إذا حدثته نفسه وعزم على ذلك لأعطيه (لفافة ) تحتوي على "النزاهة" و"الحياد" و"الكفاءة "و"الأمانة" و"العدالة "و"الإنصاف" و"الحق" .. ليغرقها معه في قاع النيل حيث أنها صفات وكلمات وأشياء لم يعد لها مكان أو معنى أو قيمة أو وزن في هذا الزمن ..  فهذا زمن الوارثين في الأرض.. ومقابلهم تجد "المعذبين في الأرض" على رأي عمنا طه حسين..

فقد تغير شعار (مصر للمصريين) وصار (مصر للوارثين) ...

http://1234.elaphblog.com/posts.aspx?U=1455&A=22313   رابط قصة "عبدالحميد شتا" الذي انتحر يأساً ونقمة وسخطاً ..

http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=21904    رابط جريدة المصريون




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !