" السبب يعود إلى أن هذه الأحزاب ليست هيكلا فكريا جامدا أو قارا ، بل تضم عددا من التموجات الداخلية التي تحكمها تكتلات مبنية على المصالح الشخصية ، وهذا يبرز بشكل جلي أثناء منح التزكيات .."
عبد العزيز مياج ، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق المحمدية ل" الوطن الآن "
علي مسعاد
حين اختارت الأحزاب السياسية رموزا للوائحها الانتخابية ، فإنها لم تخطأ طريقها إلى قلوب المواطنين ، وأحسنت صنعا ، بهذا الاختيار الذكي ، ليس فقط ، لأن انتشار الأمية الأبجدية بله الأمية السياسية ، كانت العامل الأساس ، وراء هذا المنحى ، بل لأن أغلب إن لم نقل معظم ، المواطنين ، يكادون لا يفرقون بين حزب و أخر ، ليس ،فقط ، لأن الأحزاب المغربية ، أصبحت أكثر من الهم ،على القلب ، كما يقال ، بل لأن تناسخ البرامج ، إن كانت هناك أصلا برامج ، وتعقد بعض الأسماء التي يهدف من ورائها ، واضعوها إلى خلق حالة الدهشة ، لدى سامعيها ، فالذهول من كل التحركات البهلوانية ، التي تصاحب كل حملة انتخابية قبل الأوان .
وإلا كيف تفسر، الحرب الخفية ، التي تعيشها ، فروع الأحزاب السياسية ، وراء الكواليس ، وشراء الذمم والضمائر ، والوعود التي تعطى ، يمينا وشمالا ، للعديدين ، ممن اكتووا بنار البطالة والفراغ القاتل ، وممن يبحثون عن نقطة ضوء ، في زمن " العتمة " وضبابية المستقبل .
في البرنوصي كما في سيدي مومن ، حيث ارتفعت حرارة الحملات الانتخابية قبل الآوان ، بدرجة عالية جدا ، وشرعت الدكاكين الحزبية ، في افتتاح أبوابها ، التي أغلقت ، منذ عهد بعيد ، وعادت نفس الوجوه ، بعد غياب طويل عن الساحة السياسية ، لتتكلم بملء فيها ،عن المستقبل والآفاق ، ما بعد 12 يونيو ، يوم " تبيض وجوه وتسود وجوه " ، وتفقد أخرى ألوانها القزحية .
وأصبح العديد من المحسوبين على الأحزاب السياسية ، يتقاطرون على المقاهي والإدارات والمناسبات الاجتماعية ويملؤون صفحات الجرائد الصفراء ، بكلام عن الحداثة والتنمية المستدامة والشأن المحلي والديمقراطية والشفافية والتشبيب و قل ما شئت من الكلمات الرنانة ، التي لا مكان لها فوق الأرض .
في وقت يعاني منه الشباب من ويلات البطالة والفراغ واليأس والإحباط ، وضيق الأفق في العديد من الإطارات الحزبية ،التي تستغل طاقاته ، في أنشطة ، هامشية ، لا تتعدى توزيع المناشير واللافتات ولتأثيث الديكور ، ليس إلا .
في الوقت الذي نجد فيه أن "...الشباب المغربي يمتلك وضوحا في الرؤية ويمتلك مقترحات وله تصور لمستقبل المغرب ، وواع بالصعوبات والمشاكل ، وله إرادة قوية ، لأن يكون حاضرا ومنخرطا ، كما له إحساس بمسؤوليته ومسؤولية الآخرين في المواطنة .." ، على حد تصريحات عبد العالي مستور ، رئيس " منتدى المواطنة " في حوار مع " الصباحية " .
وليس كالخطاب الذي ،يروج ، للأسف " ..الشباب إما متطرف أو مهاجر غير شرعي أو عاطل عن العمل أو أنه لا مبال ، أو أنه يائس ومحبط .." .
بل شباب قادر ، لأن يقول كلمته ، وان يجد لنفسه موقع قدم ، لكنها " الظروف " على حد تعبير ، المطرب الشعبي ، التي تدفع به إلى الركون إلى الصمت والاحتماء بالغياب .
فهل حان الوقت ، لأن يخجل أصحاب الدكاكين السياسية من أنفسهم ، وأن يتركوا الساحة السياسية ، للقادرين على إيجاد حلول حقيقية ومشاريع أفكار واقعية ، للخروج من عنق الزجاجة ، أم أن الوجوه القديمة ذاتها ، ستعود إلى تدبير الشأن المحلي بسيدي البرنوصي كما سيدي مومن ، وبالتالي ستكرس العزوف والملل لدى فئة عريضة ، من المواطنين الدين ،سئموا من الرتابة والملل و هم ، في حاجة اليوم قبل الغد إلى التغيير ، و إلى دماء جديدة قادرة ،على إعادة الحياة إلى جسد الشأن المحلي الميت بالعمالة ؟ا
التعليقات (0)