مواضيع اليوم

قلوب الملاحدة..

محمد شحاتة

2010-04-07 23:55:49

0

يبدو أن القلوب التي في أجساد الملاحدة لا تعدو أن تكون مثل الزوائد الدودية أوالمرارة التي في جسم الإنسان .. وربما المرارة أنسب وصف لها .. إذ أن الملاحدة وفصيلهم العلماني ولكثرة تغليب وتقديس وربما تأليه (العقل) عندهم.. وجعله محور الارتكاز والبوصلة والقبلة و(الصندوق الأسود) لحياتهم.. والميزان الأوحد الذي يزنون به وعليه كل شيء .. به يقبلون وبه يرفضون.. وبه يكفرون وبه يلحدون .. وبه يتعلمنون وبه يتحاججون.. حتى صارت لغة العقل هي اللغة الأوحد التي لا يكادون يعرفون ولا يؤمنون بغيرها بديلاً أو حتى رفيقا..

ورفيقاً هنا نقصد بها لغة القلب التي تعنى بالعاطفة والأحاسيس والمشاعر والحب والتألم والمناجاة وغيرها من مفردات لغة القلب الإنسانية التي تشكلت داخل الضمير البشري.. وانصهرت في بوتقة أعرافه وتقاليده.. وهذبتها وصقلتها الأديان ..

حاول أن تأخذ مسلك حياة (الملحد ) كحالة تشريحية وادخل به معمل التأمل والفحص لسلوكياته ومنطقه ومناط تفكيره وردود أفعاله .. تخلص إلى أنه يعيش كمثل البشر ظاهرياً .. يتناكح ويتناسل ويضحك ويبكي ويعمل ويمرض ويتداوى .. وكل ذلك يتم على الخط البارد .. خط العقل .. العقل وفقط .. كمثل الآلة .. كمثل قطعة الحديد .. كمثل البلاستيك ..

وذلك لأن الملحد لا يرى بعد حياته الدنيا حياة .. أخرى فلا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار .. لذا تنحصر لذته في متعته بالدنيا .. وهنا يكون العقل هو سيد الموقف لديه .. والبوصلة النفعية هي الأساس .. واللذة المادية الملموسة من مال وجنس وغيره من الغرائز هي الهدف الأول والأخير لديه .. والمعيشة الفارهة هي مغذي السعادة لديه ..

فأسباب سعادته هي أسباب لذيه مادية بحتة كاقتناء سيارة أو منزل فاخر أو رصيد مالي يؤمن حياته أو الأخذ بكل ما هو تكنولوجي من وسائل المعيشة .. بينما تتوارى لديه الوجدانيات والمشاعر الحسية والمعنوية المبنية على العاطفة والمردود العقائدي الإيماني ..
فأنت حينما تستكشف الجانب الإنساني العاطفي لدى الملحد تجده منطقة مظلمة خاوية خالية لا يطرقها ولا يسبر أغوارها ..
وذلك لأنها من المناطق التي تخضع لسلطان القلب .. والقلب ضامر عنده..

كما أنك تلاحظ أن لفظة( القلب) نادرة وقليلة في تعبيرات الملحدين والذين أوكلوا كل أو جل لغتهم واهتمامهم للعقل والعقل فقط .. فهو سيد الموقف وهو سيدهم بلا منازع .. لذا فإن عالم الأدب .. وعالم الشعر .. وعالم الحب .. وعالم العاطفة .. وعالم المشاعر الإنسانية .. وعالم الأحاسيس الوجدانية .وعالم الإيمان .. كل هذه العوالم لا يرتادها الملحدون ولا يعونها ولا يستوعبونها ..
فإذا كان العقل أداة ودلالة الفكر والمنطق والعلم والتعلم .. فإن القلب هو أداة ورمز ودلالة الإحساس والشعور والضمير والعاطفة والتأثر الإنساني .. لذا فإن العقل هو سيد لغة التعبير العلمي والمنطقي والمادي عموماً ..

بينما القلب هو سيد لغة التعبير العاطفي والشعوري والمعنوي عموماً .. وأصحاب الأديان والسماوية منها خاصة تجد لديهم خاصية التوازن بين اللغتين العقل والقلب .. وتجد فيهم تلك اللمحة الروحانية المتصلة دوماً مع النظرة العقلية ..

بينما الملاحدة .. فإن طغيان لغة العقل لديهم وافتقارهم إلى معرفة أحرف لغة القلب والوجدان ..  قد صيرهم ذلك إلى المادية أقرب .. تلك المادية المسخة .. الخالية من ثمة طعم أو لون شعوري دافق أو تأثير عاطفي إنساني مميز ..

لذا فإن الملاحدة يهاجمون العقائديين .. أصحاب العقائد والأديان والإسلام منها خاصة .. حيث لا يستشعر الملاحدة ثمة أثر للروحانيات في حياة المسلمين .. ويعتبرون مسالك المسلمين من حيث الصلوات والمناسك والشعائر والسلوكيات وغيرها أشياء بلا معنى وتصرفات غير مستساغة .. وذلك لأن قلب الملحد لا يستشعر ذات ما يستشعره قلب المتدين بدين .. وكذا قلب المسلم وهذا أمر أنبأنا به القرآن .. حين أخبرنا أن قلوب هؤلاء الناس إما أنها لا تفقه .. أو أنها عمياء .. أو أنها لا تبصر .. أو أنها مطبوع عليها .. أو أنها زائغة .. أو أنها قلوب غلف ..  

 لذا تجد أن حياة الملاحدة أشبه بحياة الإنسان الآلي أو الروبوت .. ربما تعجبك مهارته .. ربما تعجبك تقنيته .. ربما تبهرك دقته العالية الممنهجة والمبرمجة .. ولكنه في كل شيء .. بلا روح .. بلا إحساس .. بلا تفاعل .. بلا قلب .. وأخيراً بلا حياة ..
وهكذا هو القلب في حياة الملاحدة يتخذ وصفه ضمن فصائل القلوب التي وصفها القرآن  ..

قد يكون قلباً أعمى ..
(فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )

أو قلباً مقفلاً:

(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )

أو قلباً مطبوعاً عليه :

(فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ)

وأخيراً قلباً لا يفقه:

(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف
                                                        صدق الله العظيم




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !