قلوبٌ من ورق
للحب مكانة بقلوب العاشقين فهو اللغة الخالدة التي لا تزول ولا تندثر حتى مع تمدد التصحر والجفاف العاطفي , الحٌب لا ينحصر في زمن أو مكان معين لكنه ينشط في بيئة دون أخرى , البيئة النشطة للحٌب لا تعرف كذباً ولا خداعاً ولا تغييباً للعقل وقتلاً للمشاعر فكل ماهو إنساني يعيش وينمو ويتكاثر بتلك البيئة والتي يمكن اختصارها اسماً ببيئة الفنون والعلاقات الإنسانية القائمة على التسامح والصدق والتفاعل الإيجابي مع الآخرين أفراداً ومجتمعات .
البيئة التي ينمو فيها الحٌب لا يخاف منها العٌشاق حتى وإن كانت سبباً في الموت المبكرِ أو الجنون , التصحر والجفاف العاطفي تمدد حتى أصبحت القلوب قاحلة والعيون لا ترى جمالاً ولا حياة وإن رأت فإنها تتفاعل معه بشكل سلبي لا إيجابي , القصائد القديمة قدم الزمان قدمت للقاري تصوراً على أن تلك المجتمعات كانت تقيم للحٌب وزناً محافظةً بذلك على الفطرة البشرية الإنسانية ليست القصائد وحدها من قدمت تصور خيالي فالروايات والقصص قدمت أيضاً تصوراً خيالي لزمن عبلة و عنتر وما بعدهما وما قبلهما من أزمنة وعٌشاق , الرواية العربية في مجملها دخلت على القاري من باب تسليط الضوء على ما تراه المجتمعات محظورات فسلطت الضوء على قصص خيانات زوجية ومشكلات اجتماعية وحٌب لم يكتب له الاكتمال والنجاح , لا يمكن القول بأن المجتمعات تهمش الحٌب لكنها تقتله بسبب مسايرتها طواعيةً أو كراهيةً لعادات وتقاليد ومواقف معينة تحد من انتشار الفنون الوسيلة الأكثر فعالية لصقل المواهب وتنمية الذوق والحد من الجفاف والتصحر العاطفي وتسليط الضوء على مختلف المشكلات والقضايا .
المجتمعات التي تعيش بلا فنون تفتقد للتذوق وتهرب من ذلك المرض باتجاه القصص والنماذج الإنسانية القديمة تبعثها من تحت ركام التاريخ وتقدمها بأسلوب جديد ينسجم مع ما يعيشه المجتمع من فقدان للتذوق وجفاف للعواطف , الحٌب لغة إنسانية وقيمة عالية لا تموت حتى وإن أصابها الكذب والخداع لكنها تتعرض للتشويه والمواجهة المضادة فتصاب بالشلل وتصبح قيمة معطلة لا تقوى على الحركة والتفاعل مع الحياة البشرية .
للقلوب المٌفعمة بالحٌب والمشاعر الصادقة مفاتيح يجعلها بمأمن من الموت المبكر والتصحر عكس القلوب الممتلئة بالشك والخداع والخوف من القيمة واللغة الإنسانية " الحٌب " فتلك قلوبٌ بلا مفاتيح لأنها من ورق تتطاير يمنةً ويسره وتتلاعب بها الظروف المختلفة !...
التعليقات (0)