إنني السفر حين قُتل المسافر
أطاح الغروبُ بمملكة الجسد المحمص
وأبراجُ دمع يذبح عشقَ الجبال
صحاري تنتهي من ممارسة الجنس
ثم تصدر أحكامَ الإعدام بحق فراشاتي
اتركوني لاتحد مع اللازورد العاشق
وتبقى رائحةُ المجرات على شواهد القبور
الموتى جِلدُ الرمال وجراحُ الضباب
تحملها الخيام على ظهر طاووس ميت
يمتطي عكازتين لإيهام الشجرات أنه حي !
من مجرات الكلمة حتى حفرتي المثقوبة
بلدي ذلك الارتعاش النازف في أكواخ وريدي
ماذا ستفعلون بما تبقى من شكلي ؟
أخي حجرَ الرحى البرونزي
تكاثرْ في أحاسيس القرنفل غير المستورد
وشاركْني صمتَ حروف الوردة المتفجر
وحفرَ أخاديد وجه الطوفان
رأسُ الحسين تدور في دوراني حول رأسي المقطوعة
والأرضُ تفتح في كتفي شُباكاً صغيراً لعابري السبيل
ليطل الزئبق على أُذن الرصاصة
وهي تمص الغصونَ على شفاه حضارة القنابل
قبري دمارٌ للدمار ولَيْلي نهار للنهار
فاقتليني يا ذكرياتي كي أولد نقياً
خسرتكِ وخسرْتِني وفاز الدود بجسدي
والمساءُ قطعة لحم عابرة في خاصرة العنب
ثلاجةُ الموتى الشيقة وآخرُ عذابات الحمَام
حبلٌ يتدلى من سرة جثة الشلال
إلى قاع ظلي في الأناشيد المراقَبة
أحب أشياء الوادي حين تحيا وتموت
لأن الصخب حفار قبور ثائرة
فلنهبطْ إلى ضوضاء دمنا يا جدتي
هذي رحلتنا نجر أجداث العصافير
ونفرِّغ أكتافَنا من صرخات القش
في ضحكة الغياب غير الغائب
أنا السجناء والسجون فكيف تسجنونني ؟!
لا رعد حول دمي يُذكرني بذاكرتي
ولا مطر في قلبي يحتل مأساتي
كنتُ الحب الأول في حياة المقاصل
للمغيب ثوب الوجه لا قناعه
أدركَني الشمام في مخاض ثوراتي
أدركْني حيث تتفتح قبضة الضجر
أبواباً للمسالخ وتطلع أشتال التبغ
من بطون الأطفال المقطعة
أوزع همومي على براعم مقابرنا الطريدة
أين الذكريات الهندسية
يا حفار القبور الكلسية ؟
مشردون وسماسرة وذباب خشبي
وفي ضحكتي أثمر زواج السل من المدخنة
أربعين سكيناً تمتص أرجوان الحديقة
نزفي انتخابُ ملك التشرد
وجوازُ سفري نخل خجول
أتت وجوه لا جنسية لا مطار
وألقابُ الصقر للمجاعة حقول
طابور بنات أمام قصدير المذبح
الجرجير قبيلة السيوف ألصقْني على وجهي
أنا توأم الترحال أشبه ذريةَ الزيتون
والزعفران الصريع على لافتات العاصفة
هذا الخبز وجوه المطر كأنكَ أنا
مَن دمي ؟ وأين أيني كي أرى ؟
أشباحُ قطط في محاكمة الجسد
موظفون يجلسون ضاحكين
في أدمغة ثعالب محاكم العار
رحيلنا عند الفجر يا أختاه
وملابسنا تصطاد الأرانب المنفية
في أنين البساتين أو قيودها
الشمسُ أقل صفاءً من توبة المرابين
ضيعني الترحالُ في عكازات المها
فوجدتُ نفسي صديقاً للبروق
كأنني ألمح حمزة بن عبد المطلب
تضيء ابتساماته شموعَ غربتنا
في أدغال عيون الظباء
تنتصب الخناجر بين الحيوانات المنشورة
في أجساد الينبوع الثوري
كنتُ الجسد أقواسَه البيضاء على الحرير الأسود
مداخنُ البهار معلَّقات انحناء الفخار
على مساءلة القرميد
محاصَرٌ من كل الجهات أو من كل كُلِّي
سأفجر ظل الخطيئة وأحرق الخطايا بالندم
وأمزق خطواتِ الشيطان على ثوب عمري
ويكسر لحمُ كلامي أقفاصاً تخمشني
سأحفر قبري المعنوي بأنياب ملح مستعارة
وأهاجر ضوءاً لليد الجريحة
الأسلاكُ الشائكة تنمو على جداريات أنفي
وحجراتُ المعتقَل تركض نحوي أُغلق عليَّ
أُرسل وجهي الثاني وسجاني إلى أرشيف ما
وأذهب إلى مالك روحي
يا ضوءُ ، هل البراعم اعتذاري المهذَّب
عن حضور مذبحتي ؟
من كتب تفترس بريقَ عين الذئب
يخرج قطار الحِبر ويذوب
في بلاد تبذر في نظرات الضباع
دكاناً لاستثمار أفخاذ الملكات
أنظر في المرآة فأرى غيري
أوسمة بشر نسمِّيهم ملوكاً
وتسمِّيهم الأغصان البركانية ضفادع
وُلد غزال أعور في المقبرة الرملية
ومات في المقبرة الرصاصية
وقضى حياته ماشياً بين القبور الماشية
سلامٌ على الأنبياء ضحوا من أجلنا
نحن المستلقين سجاداً رخيصاً في المخفر الوحشي
من سيصلي عليَّ صلاة الجنازة ؟
المراهقات الخارجات من المسابح المختلطة ؟
الجواري المستحمات بالبارود المغشوش
لاستقبال السلطان العائد من الهزيمة ؟
علماء البلاط الذين يجهِّزون الفتاوى
حسب أمزجة الشيطان ؟
أصدقائي المعلَّقون على مشانق شرفات الخوخ
في حدائق القصر المتفشية في الجماجم ؟
جاري القديمُ الذي مات باحثاً عن الخبز النحاسي
ورأسِ زوجته في سلال القمامة ؟
نجمةُ السينما العشبية التي تعيش
على مضادات الاكتئاب ؟
رجالُ الأمن المبعثرون في خيوط قميصي المتآكل ؟
أشرب يوميات الرعد فأنسى همومي
مغاراتُ يدي خبز للحمَام المسلوق
رائحةُ الكلور في قبعة الماء تخطب درج المذبح
وتموجاتِ إبهام السجانة العزباء
والباعةُ المتجولون يحملون ضريح البنفسج
في أكياس بلاستيكية مستعملة
ويطوفون به على الكواكب
حيث تأكل الورودُ لحمَ الزهايمر
الزهرُ لغة الثورة التي تبدل أسناني
وترقص في سيناريو محتمل لتشريحي
من أي رحم خرجت أربطةُ الجروح ؟
البرقُ على صدر الرعد
يا طفلَ حفر المجاري النائم في إبط مسدس
دُلَّني على طوفان اسم أمي
في قائمة الضحايا أو المفقودين
أنا الماء الجالس في حِجر اليانسون
في موسم بيع نساء القبيلة
رسائلُ بالحِبر السري إلى حبيبتي كشمير
غيابُ أستاذ الرياضيات في المدافن المرتَّبة
جودي فوستر تلك الطفلة الضائعة
أحزانُ فتاة شيعية خارجة للتو
من جثامين الليل الأخضر
الحياة في وطن ميت
أميرَ الأنقاض
وأنت تتعشى مع عشيقتك
في مساءات كوكب الزهرة
انسَ البشرَ الذين لا يجدون
غيرَ حيطان الزنزانة ليمضغوها
القرى المنحوتة على وجه القمر وجنةٌ للكهرمان
قافلةُ المقاصل تخيِّم في سُرَّتي
فيضحك زند الشمس من نزيفي المنهمر
على جبين الصوان
كلما حمَّلني الغروبُ مسؤولية الأخذ بثأره
اكتشفتُ أن ظهري غمد سيف
احتضارُ غابات ملفوف بالسيوف
داخل سجاجيد فاخرة في الكهوف
تجيء دماء خراسان من بطن حبة الرمل
يا أنا ، أنا وأنتَ سوف يلبسنا موج الأكفان
ونفتح جلودنا أمام قدوم سلالة المجرات
دعني أتخندق في رقبة أبي
حيث ورَّثني زهرَ مشنقته
ماذا طبختِ يا رعود لضيوفك
الحاملين لجثة الأرض
في ليالي الشتاء الصيفي
عند البلاد السائلة كعصير الدم
في أفواه قذرة قلاعاً ؟
ويختفي العسس في أكواب الشاي المتجمد
ويتبول نسيان القبرات على قبور الملوك
أجسادُ الموج تقايضني ولا قمح في أنفي
تفر السنبلة من ثقل قناعها متداخلة مع شكلها
في شوارع المحيط الهندي الموحلة أدور على المزابل
باحثاً عن كسرة خبز ومرقِ العواصف
أنا والجن والقطط الضالة نفتش عن أشباه الطعام
بين الجثث المغلية جيداً والمدفأة المكسرة
الزمهريرُ يقضمني على أغصان الذاكرة
طالبةٌ جامعية في قميص نومها القطني
تدرس الكيمياء وفق المنهاج الأجنبي في غرفتها
داخل قصر ذي تدفئة مركزية
وأظل أدور على أطرافي أوزع سخونة الدمع
لأن صبي الضوء يركض في نخاع تفاحة
ويفتش عن جثة أمه في جثة أبيه
ثم يذهب إلى صلاة العصر
قتلني رمل الشهب في رقصة الحجارة
فرثاني استسلام الأمواج للذكريات الصاعقة
ستضيع وقتكَ إن حفرتَ قبركَ
وانتظرتَ مَلَكَ الموت كي يأتيك
إنني من مكان ثوبه طماطم البنادق
يا صاحبي
أنتَ أجمل من رسومات الضباب المسنون
على أجفان الخنجر
النصالُ تأكل السطور في دفتر الرياضيات
للضوء عشيرته أخرجْني من حسابات الدموع البرية
وخيولِ الدولة البوليسية
لأمسك شكل اسمي في مرايا الوجوه السريعة
حين تعبر ازدحام القتلى المارين في الأسواق
كأن خدي ياسمينة بارود يراق
سحابةَ خيل كانت أحصنة السحاب
يا صحاب ، أين قُتلتم يا صحاب ؟!
خرائطُ العمر وجدتْ اتجاهات الغزال
في خنادق إبرة بوصلة الربان العائد
مع كل توابيت الينابيع والحِبرِ السجين
تحياتُ الدلافين في كهرمان أعمار البواخر الغارقة
في سوائل معدتي الطريدة
وما زال الديناميت يسمع وقع نعال الغابات في الجنازة .
التعليقات (0)