حصر فقهاء الموروث قطع يد السارق بالبعد المادي الحسي ( قطعها وفصلها بالسكين ) ولم ينفتحوا الى ماتحمل الاية الكريمة من دلالات وافاق اشمل واكبر من تفسيرهم المادي لأن الايه تحمل عمقا ً اكثر واكبر مما حصروا به انفسهم ... فحصروا انفسهم بمكان هو أضيق من حرف الميم !!
ثم اشتط اخرون الى اقصى اليمين ردا ً على فقهاء الموروث فقالوا لا يوجد قطع مادي بالسكين ابدا ً !! بل هو قطع معنوي نفسي بمنع عملية السرقه وتعطيل اليد و ان المقصود بقطع يد السارق هو عقوبه موجه الى نفسية السارق وليس الى يده الماديه فيتألم نفسيا ً وينزجر عاطفيا ً تكون نتيجة هذا التألم النفسي والعاطفي هو ان تقطع يد السارق من السرقة نفسيا ً وليس بفصل يده ماديا ً !!! وعاشوا عيشه سعيده !!
وردنا على كلا الرأيين الناقصين هو: ان الايه فيها البعدين معا ً وليس بعد مادي فقط كما قال فقهاء الموروث او بعد معنوي فقط كما قال قال الاخرون يعني ان الايه فيها بعداً ماديا ً (قطع اليد المادية بالسكين ) وبعدا ً معنويا ايضا ً بـ القطع المعنوي وسنثبت ذلك :
اولا ً: انيا ً: مفهوم كلمة القطع اخرون ون نوي لليد المعنويهكين ) واكبر من تفسيرهم المادي ذلك لقطع يد السارق بالسكين ً وان من رمى عليهمفهوم كلمة السارق السارق: اسم فاعل معرف بأل التعريف و(السارق والسارقه ) صيغة اسميه وليست فعليه .. يعني كل من اشتهر بفعل السرقة ولبسته صفة السرقه فصار معروفا ً بها مشهوراً بها فهو سارق ..... طبعا ً بغض النظر عن دينه وطائفته ومهما كان ومهما دان , فكل من لبسته صفة السرقة واشتهر بها بالدليل والبرهان ومن غير شك ببرائته وذاع صيته بها يجب عليه اقامة حد السرقه حتما ً ثانيا ً: مفهوم كلمة اليد: اليد في القران الكريم هي وسيلة القوة والسيطرة وآلية الحركة ... وكلمة يد من الجذر اللغوي (ي د ي) وفيها بعدين بعد مادي حسي وبعد معنوي........ وليس صحيحا ً بالمرة حصر دلالات كلمة اليد بالمعني المادي وهي اليد المعروفه التي نأكل بها كما ذهب بذلك فقهاء الموروث وحصروا انفسهم بزوايا ضيقة وتركوا فضاءات القران الواسعة ولنظرب مثال على ما نقول : ا- البعد المادي: هي اليد الحسية المعروفه مثال الايه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) ب- البعد المعنوي وتعني اليد هنا وسائل القوة والسيطرة : الايه (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) وتعني سلطة الله تعالى وقوته فوق سلطتهم وقوتهم.. فالله تعالى ليس ماده ولوقلنا ذلك لوقعنا بفخ التجسيم .. (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) وطبعا نلاحظ كلمة الايد جائت بصيغة الجمع وليس من المعقول ان تكون لنبي الله داوود عشرة ايادي ماديه حسية مثلا ً !!!! ولو كانت تتكلم الايه عن اليد الحسية لجائت الايه على شكل (ذا اليدين )بالمثنى . وخذ ايضا الايه : (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ) اذن الايه تتكلم عن سلطه وسيطرة اعطاها الله تعالى لداوود واسحاق ويعقوب... وليس المقصود هنا يد حسية ... ومن غريب هذه الايه انها لــم تذكر اسماعيل وهو ابو العرب بل ذكرت اسحاق وهو ابو اليهود (بنو اسرائيل ) وهي دلاله قويه وواضحة على ان القوة ستكون حصرا ً لليهود وليس للعرب ولعل الواقع يثبت هذه الحقيقة بما لايقبل لشاك ان يشك ...!! فالايه تنفتح دلالاتها لتكون مطلقة بأي زمن وبأي مكان فسبحانك ربي وسبحان قرآنك !! ثالثا : مفهوم القطع : كلمة (فأقطعوا ) من الجذر اللغوي (ق ط ع ) وتعني الفصل ... والفصل يكون بالقران الكريم بحالتين فصل مادي وفصل معنوي والسياق القرآني من يحدد ذلك . أ- قطع و فصل مادي حسي وهو المذكور بالايه الكريمه: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى) فالقطع هنا مادي حسي بأمتياز ولا يستطيع القائلين بالقطع المعنوي الانفكاك من دلالات هاتين الايتين بدليل البعد المادي لكلمة (خلاف) و (جذوع النخل) وسنكون تواقين لو فسروا لنا كلمة (خلاف) و (جذوع النخل ) ليبينوا لنا هل ان جذوع النخل ليست جذوع ماديه وهل ان النخل هنا في الايه ليس ماديا ً ايضا ً!!!! ب- هناك قطع بمعنى جرح وهو موجود بالايه: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) وطبعاً نـّذكر القائلين بحصرمفهوم القطع ببعده المعنوي فقط ... بكلمة (سكينا) وهي كلمة ماديه ..طبعا حاول اصحاب هذا الراي ان يلتفوا بتخريج كلمة القطع معنوياً فلم يستطيعوا فكاكا ً من دلالات الايه الكريمة التي تحيط بهم من كل جانب فقالوا : (اعترافاً منهم ورغماً عن انوفهم ) ان هذا هوقطع مادي لكنه جرح وليس بتر..!! وسؤالنا : أما كان المفروض بكم ان تستمروا على نهجكم في الاستمرار على تفسير كلمة (قطع)بالمعنى المعنوي بدل القفز بدلالات الكلمة بدون ضابط الا ان يكون هوى ً متبعا ً وبلا دليل .. وهذه الايه ولأنها تعريهم تماما ً تخلوا عن رأيهم المعنوي مؤقتاً مع تخريخ اقل مانسميه بأنه هباء خفيف يطير بأقل نفخة !! فلقد كان المفروض بهم ان يقولوا مثلا ً: ان صويحبات يوسف قطعن ايدهن معنوياً فقط !! يعني على رأيهم الفكاهي .. تكون كلمة (وقطعن ايدهن) تألمن نفسياً وانزجرن عاطفيا ً وبهذا المعنى يقطعن صويحبات يوسف ايديهن النفسية والعاطفيه !!! فهل يقول بهذا منصف!! ج- فصل وقطع معنوي: وهو يعني الفصل المعنوي والتجزئه للمسأله التي يراد تقطيعها ... مثال الايه الكريمه : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) فهنا الامر لاشك انه ليس امراً ماديا ً بل هو القرار والفكر والافكار ومعلوم ان ساحتها هي ساحة معنويه وليس ماديه , رابعاً : مفهوم (فأقطعو ايديهما ) 1- لايمكن حصر دلالات القطع بالمعنى المادي فقط كما قال فقهاء الموروث لأن ذلك سيؤدي فصل الايادي من المنكبين بسبب عدم وجود حد فاصل وواضح بالقطع فاليد تمتد من الاصابع الى المنكب ... كما ان الايه لم تأتي محدده فقالت اقطعو لكذا مثلا ً ...!! مثل آيه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) حيث غسل اليد يكون لموضع معين هو المرفق وهذه الحاله غير موجوده بآية قطع يد السارق فلا يوجد مدى واضح لمسألة القطع !! 2- جائت (فأقطعوا ايديهما) بصيغة مثنى الجمع ...حيث جائت كلمة (ايدي) بصيغة الجمع في حين جاء الضمير (هما) للمثنى فالله تعالى لم يقل ( أقطعوا يديهما) بالمثنى فقط لتكون النتيجه بعد مادي فقط ....! ولم يقل الله تعالى ايضا ً (اقطعوا ايديهم) بالجمع فقط لتكون النتيجه بعد معنوي فقط بل قال تعالى (فأقطعوا أيديهما) لتشمل البعدين المادي والمعنوي ... وفي هذا دليل واضح لكلا الرأيين الناقصيين فقهاء الموروث والتائهين بعيدا عن الدلالات !! بأنهم الاثنين معاً بعيدون عن دلالات النص القراني العظيم. خامسا ً: مفهوم (جزاء بما كسبا ) وتعني التوافق بين درجة عقوبة القطع وماهيتها وحيثياتها وبين درجة السرقة وحجمها وطريقتها وحيثياتها ... وقبل المضي بهذه الايه الكريمة سنعرج قليلا ً لأحدهم اذا يقول رأيا ً لا استطيع تصنيفه إلا بكونه قول فكاهي !! فهو يقول القطع يكون بـ ( اختراع جهاز الكتروني يوضع على اليد فيـَكف حركتها ونشاطها لمدة من الزمن ، أو توضع اليد بقالب من حديد يتم توقيف فاعليتها لفترة من الزمن ) !!!!! بدون تعليق !!! رجوعا لموضوعنا ... الـقــطــع قد يكون مــعـنـويـا ً بتعزيرالسارق فقط او سجنه او ربما توفير عمل له (إن سرق عن حاجة وفقر وعازه) خصوصا اذا كان المال المسروق صغيراً لسد جوعه او ليغطي جسده العاري ... ولعل قصة عمر (ان صحت )مع السارقين خير مثال . و قد يكون الـقــطــع مــاديــا ً بجرح يديه مثلا او قطع اصبع او فصل اصبعين فصل مادي او ربما قطع الكف او اليد كلها الى المنكب إن كانت السرقه عامة خصوصا اذا كان المبلغ هائلا ً تمت فيه سرقة المال العام وثروات الشعب من السياسيين واللصوص وغيرهم ! وليس من المعقول ان نقطع يد طفل سرق ولأول مره بيضة دجاجه ليأكلها او يلهو بها مثلا ً !!! كما انه ليس من المعقول ان سياسيا ً سرق ثروات الوطن وبتروله يحبس لشهريين ثم يخرج بعدها براءه بعفو رئاسي مثلا ً !!!!!! فالقطع يجب ان يكون موافقا ً للسرقة وجزاءا ً لها ... ومن يحدد ذلك هل القطع مادي او معنوي هو القاضي الشريف النظيف وليس القاضي اللص ...!!! اخيرا: ليس رأي فقهاء الموروث بمسالة القطع المادي صحيح لأنه رأي ناقص !! وليس راي التائهين المعنويين صحيح لأنه رأي ناقص !! والرأي الصحيح هو قطع مادي ومعنوي بذات الوقت ... والقاضي العفيف هو من يحدد ذلك وكلا البعدين تتحملهما آية:
التعليقات (0)