لم أتوقع من رجل في ثقل ومكانة الدكتور مصطفى الفقي أن يصل إلى المستوى المتدني الذي ظهر به في محاضرته التي ألقاها أمام حشد طلابي كبير في جامعة القاهرة في الأسبوع الماضي، وراح يصب جام غضبه على الأمة العربية ويتهم الدول العربية بمعاداة مصر "وأن قطر تحاول أن ترث الدور المصري"
وسؤالي بكل بساطة لكل صاحب رأي في مصر، كيف يكره العرب المصريين والجامعات في هذه الدول، والمدارس، والبنوك، والمستشفيات، وكل وسائل الإعلام، ومقاولات البناء، تعج بالمصريين وأنه لا توجد دولة عربية تمنع أي مواطن مصري من دخولها إذا توفرت الشروط القانونية المعمول بها في تلك الدول،
بينما مصر تعج سجونها ومعتقلاتها بالعرب المؤيدين لمقاومة إسرائيل وخاصة من الفلسطينيين، ومنع من دخول مصر الكثير من المفكرين العرب أذكر منهم على سبيل المثال الدكتور خير الدين حسيب رئيس مركز دراسات الوحدة العربي في بيروت الذي ضحى بحياته حبا لمصر وشعب مصر، والمناضل شفيق الحوت رحمه الله، وغيرهم من شرفاء هذه الأمة .
يقول الدكتور مصطفى الفقي :" إن العرب يعتبرون مصر فرعونية أو عميلة لإسرائيل" . ولعمري لم أقرأ لعربي مرموق القول بان مصر فرعونية إلا عند الحديث عن جذور النشأة والتكوين فتذكر كلمة مصر الفرعونية، كما تطلق كلمة الغساسنة، والمناذرة، والكنعانيين، واليبوسيين، على أهلنا في بلاد الرافدين وبلاد الشام، أما في العصر الحديث فلم أقرأ هذه الأقوال إلا من بعض كتاب مصر الذين تارة يذكرون أن مصر قبطية، وتارة أخرى أنها فرعونية، وهنا الفقي يلبس الحق بالباطل .
أما في شأن العمالة لإسرائيل فأنى أتوجه إلى كل شرفاء مصر العروبة ماذا تفسرون حصار مليون ونصف فلسطيني تفرضه الإدارة السياسية المصرية على قطاع غزة مرضاة لإسرائيل ؟
ماذا تفسرون منح تسهيلات منقطعة النظير في تزويد إسرائيل بالغاز والبترول المصري بأبخس الأثمان .(سعر الغاز المصري لإسرائيل 1.5 دولار، وسعره العالمي 11 دولار)، بينما يحرم المواطن الفلسطيني من اسطوانة بوتغاز يشتريها بحر ماله بسعر السوق أو أغلى ؟
أريد تذكير الفقي بقوله إنه لا يمكن أن يتعين رئيس جمهورية في مصر إلا بموافقة أمريكية إسرائيلية ؟
وماذا تفسرون برقية الرئيس حسني إلى القيادة الصهيونية بتهنئتهم بذكرى مرور 62 عاما على اغتصاب فلسطين وطرد أهلها إلى عوالم مجهولة المصير ؟
يقول وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الأسبق، في محاضرة ألقاها في معهد أبحاث الأمن القومي في تاريخ 4/8 /2008 : " إن أمريكا وإسرائيل يقومان بتدعيم الركائز الأساسية التي يستند إليها نظام الرئيس حسني مبارك في مصر " جملة القول إنه من الصعب الموافقة على الرأي القائل بأن مصر عميلة لإسرائيل، لكن الراجح أن النظام المصري " متواطئ مع إسرائيل ضد مصالحنا العربية.
دعي الفقي إلى سوريا لإلقاء محاضرة "عن العروبة " و يرى أنه " لا مستقبل للعروبة " والحق أنه صدق بأنه لا مستقبل للعروبة في ظل أنظمة سياسية تتماثل مع النظام القائم في مصر، وفي وجود مثقفين تسلقوا سلالم التبعية والتزلف لمن يعين في مناصب ولمن يدفع .وكم كنت أتمنى على منظمي مؤتمر دمشق إلغاء دعوة الفقي بعد قوله انه ذاهب إلى دمشق "ليهرطل عليهم بكلمتين " "أي يهذي ". فأي عروبة تنتظرها من أمثال الدكتور شغلته الهرطلة والهذاء ؟
لم تسلم قطر من تطاول الفقي عليها حين قال: " إنه يشعر بأن قطر تحاول أن ترث الدور المصري فيما يملك " و سؤالي ماذا بقي من دور مصر وهيبتها في ظل النظام القائم ؟ إسرائيل تعبث بأمنها حتى على منابع النيل، و دول المنبع للنهر تجرأت واتفقت على تقتير انسياب مياهه إلى مصر، فهذا أمنها الجنوبي مهدد بالتجزئة والتفكيك دون تدخل لحماية أمنها المائي ومجالها الحيوي .
وللعلم، فإن النظام السياسي في قطر لم ولا يحاول إرث أي دولة عربية بما في ذلك مصر، فالغصة التي أصيب بها نظام شرم الشيخ من دور قطر هو سعيها الوطني الصادق لحل أزمات أو العون في حلها بين شركاء الوطن الواحد سواء كان ذلك في فلسطين، أو في لبنان، أو في السودان أو اليمن أو أي مكان آخر دون مقابل .
وجهود القيادة السياسية القطرية لم تظهر إلى العلن إلا عندما غاب الكبار عن دورهم فهل نترك إخواننا مختلفين دون أن نعيهم على المصالحة .
لقد عبر الفقي عن حزنه الشديد لشراء قطر لمتاجر " هارودز " من رجل الأعمال المصري محمد الفايد، لكنه لم يعبر عن حزنه الشديد عندما بيعت مؤسسات القطاع العام الناجح في مصر لشركات من ضمنها شركات إسرائيلية بأسماء وهمية وكذلك أراض في سينا ء.
آخر القول :خسئ من يكره مصر وشعبها، لكن نظامها يحب ذاته أكثر من حبه لمصر وشعبها
التعليقات (0)