مواضيع اليوم

قطر تصفع العرب.

محمد مغوتي

2010-12-03 16:13:42

0

                        قطر تصفع العرب.
    أخيرا تحول الحلم القطري إلى حقيقة. أخيرا تمكنت قطر من إقناع الفيفا بملفها، ونجحت في الفوز بشرف تنظيم مونديال 2022 لكرة القدم، وذلك بعد منافسة قوية مع عدد من الدول الكبرى و في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية و اليابان.
    نجاح الملف القطري ليس إنجازا يستحق التنويه و الإشادة فحسب، بل هو إعجاز حقيقي، لكنه يقدم دروسا لمن يريد أن يعتبر. لذلك لا يتعلق الأمر في الفوز القطري بالنجاح في نيل ثقة الفيفا لاحتضان منافسة رياضية عالمية، بل إنه يعبر عن نجاح ثقافة جديدة استطاعت دولة قطر أن تحقق بها القطيعة مع السلوكات المتوارثة و النمطية في العالم العربي، وتقطع من خلالها أشواطا هائلة من النمو و الإزدهار. ثقافة غريبة تماما عن العقلية العربية السائدة. فقد أعطت قطر منذ تأسيسها لقناة " الجزيرة " الإخبارية مؤشرات على التميز و الإختلاف في بيئة عربية ترفض المشاكسة و تؤمن بالخطوط الحمراء و تمارس التعتيم الإعلامي إلى حد كبير. هذه الثقافة الجديدة لم تكن مجرد واجهة للإستهلاك الخارجي، بل كانت أسلوبا و فلسفة سياسية جعلت هذه الدولة الصغيرة في حجمها كبيرة بل و عملاقة في طموحاتها. وها هي تفلح في الحصول على حصاد كبير. و كرة القدم ليست مجرد لعبة للمتعة و التسلية. لقد باتت هذه الرياضة تفرض نفسها بقوة على العلاقات الدولية.  ومن تتبع لحظات الإعلان عن الفوز القطري لابد أن يكون قد لاحظ الوجوم على أعضاء الوفد الأمريكي خصوصا  لأنهم يدركون قيمة الحدث و أهميته. لذلك استغل القطريون جيدا هذه الحقيقة لفرض اسم بلدهم و القفز به إلى سماء العالمية بكل جدارة. و هم يثبتون بهذا النجاح أن العالم اليوم يتسع للجميع و ليس عالما خاصا بالكبار. المهم أن تتوفر الإرادة السياسية و التخطيط العقلاني و الإستفادة من الخبرات الأجنبية و استثمار المؤهلات المادية بشكل صحيح.
    لا شك أن القوة الإقتصادية التي تتميز بها دولة قطر كان لها التأثير الحاسم في إقناع الفيفا بمنحها شرف احتضان كأس العالم. لكن التميز القطري يتجاوز هذا المعطى، فدول الخليج كلها تتميز بعافية اقتصادية كبيرة، لكنها لم تحقق الإشعاع الدولي الذي حققه هذا البلد الصغير. كما أن الدول التي نافستها قطر في السباق المونديالي لا تفتقر إلى المؤهلات الإقتصادية. وهذا يعني أن القطريين نجحوا إلى حد بعيد في استثمار استقرارهم الإقتصادي و قدرتهم الإعلامية و انفتاحهم على مختلف الثقافات بشكل كبير في استمالة الأصوات.... وإذا كان من حق الشارع العربي أن يفرح و يحتفل بهذا الإعجاز القطري. و إذا كان أمير دولة قطر نفسه قد قال بعد نيل بلده لهذا الشرف: " هذا يوم من أيام العرب"، فإن هذا الفوز هو صفعة للنظام الرسمي العربي الذي تقوقع على نفسه و ظل هاجسه الوحيد هو الحفاظ على المنصب و الإستمرار في الحكم ، بينما أغفل مشاريع التنمية و تطوير المنشآت و المرافق الإجتماعية و تحديث البنيات التحتية. لذلك فإن عددا من الدول العربية المهووسة بالزعامة المزعومة ترى في قطر الصغيرة خطرا كبيرا يتنامى في كل مرة. و خلف التهاني و التبريكات يختفي شعور بالغيرة و عدم الرضا... ولعل أهم حسنات  هذا الإنجاز هو كشف تلك الدول أمام شعوبها من جديد، والتأكيد على أن أحاديث المؤامرة و محاربة العرب و المسلمين لا وجود لها إلا في مخيلة هؤلاء. لأن لكل مجتهد نصيب. و قد نالت قطر نصيبها بفعل أسلوبها الناجح في التسيير و التدبير و الإعلام فأقنعت الجميع بقوة ملفها... وهكذا فإن كأس العالم ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة لمزيد من التطوير. إذ يعرف الجميع اليوم أن احتضان تظاهرة كبرى مثل كأس العالم أو الألعاب الأولمبية يقدم فرصا غير محدودة للاستثمار و بناء المشاريع الكبرى.
    إن الفوز القطري بشرف احتضان المونديال لا يجب الإستخفاف به. إذ و بالرغم من الإنتقادات الكبيرة الموجهة للنظام القطري في العالم العربي بسبب مشاكسات قناة الجزيرة، فإن القطريين أثبتوا أنهم اختاروا طريقهم، و هو الطريق الصحيح الذي يبدو أن العرب مازالوا غير قادرين على الخطو في اتجاهه.
                    محمد مغوتي.03/12/2010.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !