هناك بعض أمور فى عالمنا العربى تستعصى على فهمى , هذا إذا لم تكن كل أموره مستعصية على الفهم , فى مقدمة هذه الأمور الدور الذى تقوم به قطر فى المنطقة , والذى لا يتناسب مع حجمها , بالطبع أنا لا أقصد بالحجم مجرد مساحة الأرض التى تتكون منها دولة قطر التى هى أصغر حجما واقل سكانا من أحد أحياء مدينة القاهرة , وهناك عدة أسئلة أريد طرحها بهذا الخصوص -2- ما هى الغاية من هذا الدور النشط والمتحرك دائما بل والمؤثر أحيانا والذى تقوم به قطر فى المنطقة ؟ وما هو العائد الذى سيجنيه شعبها وشعوب المنطقة من سياسة هذه الدولة الصغيرة ؟ , -2-هل قطر تقوم بدور تحررى يهدف إلى تحرير الشعوب العربية من حكامها المستبدين لتضع هذه الشعوب على طريق الحرية والتقدم ؟ -3-هل تقوم قطر بهذا الدور الذى بدا مساندا للتيارات الإسلامية كى تخلق قوة مقاومة للنفوذ الغربى فى المنطقة ولدعم القضية الفليسطينية فى مواجهة إسرائيل وحليفتها أمريكا ؟ وعن دور قطر فمن الواضح أنها كانت موجودة فى أحداث جميع الثورات العربية , ويقال إنها سددت فاتورة إسقاط القذافى وأنفقت فى ذلك مايقارب العشرين مليار دولار , كذلك كانت موجودة فى مصر , ودعمها المالى للإخوان المسلمين لا يزال مستمرا , كما كانت متواجدة فى اليمن أيضا , ولا تزال موجودة حتى الآن فى سوريا , بل إن نظام الأسد يحملها الجزء الأكبر من مسئولية ما يجرى هناك من حرب أهلية تكاد تلتهم الشعب السورى بكل طوائفه ؟. تلك تساؤلات أطرحها عن دور قطر وعن الهدف منه . إننى أعتقد ان ما تقوم به قطر دور يتجاوز إمكاناتها حتى وإن كانت تعوم على بحر من النفط , لأن دور الدول لا تصنعه الثروات فقط ناهيك عن أن هذا النفط سوف ينضب فى الربع قرن القادم , كما تشير التقارير العلمية , وحينها سيحتاج شعبها لكل دولار تم إلقاؤه فى بحر الصراعات العربية العبثية , من ناحية أخرى هناك تناقض واضح فى أهداف الدور القطرى , فلا هى تستطيع الزعم بأنها تقدم نموذجا للشعوب العربية فى الحرية والتعددية السياسية وتداول السلطة ,ولا يمكن لها أن تزعم أنها تقود نضالا تحرريا ضد الاستعمار القديم فالمعروف أن أكبر قاعدة حربيةلأمريكا فى المنطقة توجد على أرضها , بصرف النظر عن نداءات وخطب قناة الجزيرة ولا تستطيع أن تقول إنها جزء من استراتيجية تحرير فلسطين من النهر إلى البحر , فلقاءات زعمائها يالمسؤولين الإسرائيليين معروفة , ويقال إن إسحاق رابين هو من قال لأمير قطر - إن قوة تأثير الدول لا يقاس بحجمها ! . من المؤكد أن قطر لم تصنع الثورات العربية , ولكن من المؤكد أيضا أنها أسهمت بقوة فى مساعدة التيار الإسلامى , هذا التيار الذى لن تكون البلاد العربية تحت سطوته أفضل حالا مما كانت فى ظل الحكا م المستبدين , لأن هذا الاستبداد كان استبداد حاكم قابل للانتهاء أو التطور أما الاستبداد الدينى فهو استبداد ثقافة وأديولوجيا ستظل تمارس طغيانها لعقود طويل , وسيكون التخلص منها أفدح ثمنا وأقسى تكلفة , وهذا ما بدأت نذره تظهر على سطح الأحداث فى كل من مصر وسوريا ., وأيا كان الأمر وأيا كانت حال شعوبنا العربية بعد هذه الثورات فإننى واثق أن هذه الحال لا تستحق ما تكبده الشعب القطرى من تضحيات , كما أن قطر بحكم اعتبارات كثيرة لن تكون فى النهاية الدولة التى ستلعب دورا قياديا فى العالم حتى وإن أنفقت المليارات فى تسليح بعض التيارات فى الدول العربية أو فى سبيل إقامة المونديال على أرضها , , لأن قوة الدول وريادتها , وتصديها لدور الزعامة يحتاج مقومات أخرى غير مليارات عائد نفط سوف ينضب فى يوم من الأيام
التعليقات (0)