قطرات فاضحة
يتذكر السعوديون مأساة 2009 التي أغرقت جدة في شبر ماء والتي راح ضحيتها مئاتِ من الأنفس البريئة والممتلكات الشخصية ، مأساة لم تكشف تفاصيلها لجنة التحقيق التي شُكلت أنذاك بعد ساعاتِ من وقوعها فإلى اليوم والتفاصيل غائبة ، من سُخرية القدر أن تغرق مدينة بأكملها في شبر ماء ومن سخرية القدر أيضاً ربط ما حدث بالتغير المناخي أو الفساد الأخلاقي ومن السخرية أيضاً ملاحقة المتسبب في الكارثة بخطوةِ بطيئة ولسان الحال يقول أبشر بطول السلامة يا مربع ، ما حدث بمدينة جدة صبيحة يوم الثلاثاء 20/11/2017 كان متوقعاً فجدة ومنذ 2009 وهيّ تفضح الفاسدين عندما تغتسل بقطرات الماء المُنهمره من السماء ، مأساة تلو مأساة ولم تشفع لتلك المدينة وعود المسؤولين ودخول شركة أرامكوا كمنفذ لمشاريع تصريف السيول ،ليست مدينة جدة وحدها التي تتعرض للغرق في كل موسمِ شتوي بل جميع مدن المملكة تتعرض لنفس الكارثة بدرجاتِ متفاوتة ولم يعد ذلك سراً فالفضائح كشفتها قطرات ماء ومليارات مشاريع تصريف السيول ذهبت أدراج الرياح ، في كل موسمِ شتوي يضع الناس أيديهم على قلوبهم فالموت سيُحيط بهم من كل جانب والفاسد سيسرح ويمرح وكأن شيئاً لم يكن ، المطر زائر يكشف الحقائق فهو نعمة للبُسطاء ونقمة لمن ضيع الأمانة وبدد المال العام وجعل من المنصب بقرةً حلوب ، لن تتحسن أحوال مدننا ومن يسكن فيها والفساد ينمو ويترعرع فالحد منه خطوة أولى قبل القضاء عليه وللحد منه يجب أن يكون هناك محاكماتِ علنية وصحافةِ حُره تساهم مع الجهات الرقابية في فضح وكشف الفساد والفاسدين أيضاً لا يمكن أن يتحسن الواقع بلا مشاركةِ شعبية في صنع القرار ولا يمكن للواقع أن يتحسن ومؤسسات المجتمع المدني تتأرجح بين الحضور والغياب ، أشياء كثيرة تُسهم في تحسين الواقع للمجتمع تنموياً ومعيشياً لكن الحديث اليوم وبعد عقود من الفساد الذي وصل لكل شيء يبقى السؤال هل سيسقط الفاسدون بشر أعمالهم في هذا الموسم الشتوي فاللجنة العليا لمكافحة الفساد ومع الجهات الرقابية ستتحرك وبهدوء تجاه ملف كوارث جدة التي أرهقت البلاد والعباد وستكون من هناك بداية التصحيح والترقيع للبنية التحتية لمدننا الغارقة بشبر ماء فهل سنرى ذلك الحلم قريباً ؟ ..
@Riyadzahriny
التعليقات (0)