هل قطر الآن هي قطر قبل عشرين سنة؟ و هل قطر اللحظة هي قطر قبل ساعات؟ طبعا لا العالم بات يتغير و لم يعد منطق الدولة القوية ينطبق على من تملك حدود شاسعة و موارد بشرية و اقتصادية هائلة، إنها لعبة الإعلام و التوازنات السياسية، لعبة المال و منطق الاستعمال، لعبة التصرف الصحيح و التقلب بين المحاور بحثا عن المصلحة، لعبة الإرتقاء بالدولة اقتصاديا و اجتماعيا و الرقي بالمجتمع ليكون مواكبا للركب الأول في عالمنا، لعبة السيطرة على الرأي العام و تجسيد الذت من خلال السبق الإعلامي و الحضور السياسي و الثقافي و الرياضي، صناعة الدولة القوية لم تعد حكرا على من يمتلك السلاح النووي و هو يعيش أزمات اقتصادية و سياسية و حرو ب أهلية.....صناعة الدولة القوية لم يعد يحتاج إلى بناء مشاريع اقتصادية هائلة و ضخ الأموال الطائلة في استثمارات مخملية...صناعة الدولة القوية أصبح بالكلمة المسموعة، هذه حكاية قطر و هذه حكاية الجزيرة و هذه حكاية أول تشريف عربي بتنظيم كأس العالم 2022 الذي عجزت عن تنظيمه كلا من المغرب و ليبيا و مصر رغم الإرث التاريخي و الحضاري و الحضور السياسي للدول الثلاث، فما الذي فعلته قطر لكسب الرهان دون هذه الدول الثلاث؟ المال، العلاقات الممتازة التي تربط رئيس الاتحاد الاسيوي القطري بن همام، الملف الجيد و المبهر من حيث البنية التحتية، التوقيت الملائم، المنطق التناوبي (( دولة عربية و من الشرق الأوسط لأول مرة).......
هذا بالنسبة للرياضة، مع أن كأس العالم و تنظيمه ليس أمرا رياضيا بقدر ما تتداخل فيه المعطيات الثلاث: السياسة و الإقتصاد و الرياضة، قطر في المحصلة فازت بالفرصة، فرصة أن ترقى بشعبها الصغير إلى مصاف الدول الكبيرة، و أن تحقق إنجازات تساعدها على الانتقال من مجتع الدولة الاستهلاكية المعتمدة على النفط و الغاز إلى أخرى متكاملة من حيث تنوع مصادر دخلها ببناء صناعة قوية و أقتصاد خدماتي و بنية تحتية تجعل منها نواة صناعية مهمة في منطقة الخليج، هل هذا ما تطمح إليه هذه الدولة الفتية و بنظامها العائلي الصغير الشمولي، سيبقى مشكل الديموقراطية هما يؤرق ساستها إن تم استخدامه كورقة لمعاكستها، لكن سؤال الديموقراطية سؤال يجب أن يطرح على الشعب الصغير في قطر، هل يريد الديموقراطية أم التنمية اللقتصادية و الرفاه الاجتماعي و الحظوة الدولية خاصة في مجتمع صارت الملكية و الإمارة أصدق من ال،ظمة الجمهورية التي تدعي الديموقراطية زورا و هي أشبه بالملكيات الوراثية لكن بالتزوير و المداراة.
قطر سياسيا تلعب دورا يكاد يكون غريبا للكثيرين، فكيف تجمع هذه الدولة بين جميع الخيوط لتلعب دورا صعبا يجعلها في منتصف، تحتضن قاعدة أمريكية، علاقاتها متميزة بكل من إيران و سوريا و حماس و حزب الله، تشاكس الدولتين الكبيرتين و تلعب جميع الأدوار الطلائعية، تجمع الأطراف اللبنانيين و تنظم مؤتمرا لدعم غزة، تسارع للسودان و تجمع شتات جماعات دارفور، تنتقل إلى اليمن لتصالح بين النظام و الحوثيين، لا تتعاون في محاربة القاعدة كما يريد الأمريكان، كما أن نطامها ليس بالمتشدد دينيا، بالمحصلة هي تلعب بأوراق شتى لإصال رسائلها لكل الأطراف لتقول أنا هنا، و لكل طرف رسالته، لإيران القاعدة الأمريكية، لأمريكا العلاقات الجيدة بمحور الشر، للنطام المصري إخوانكم المسلمين عندنا و أيادينا تصل إلى السودان جنوب حدودكم، للجارة الشقيقة السعودية صرنا طرفا في اللعبة اللبنانية........
لكن أيكفي لعبة التوازنات هاته لتتبوأ قر كل هذه المكانة، هل لقطر جيش يحميها؟ كيف تثق هذه الدولة في حجم علاقاتها السياسية و الاقتصادية دون الإتكاء على نظام عسكري قوي، أم أنها تستند في لعبتها إلى طرف خفي، هذا ما يراه البعض من المشككين الناقمين على تواجدها بهاته الطريقة، إنها دولة تتحرك وفق مصوغات مشبوهة و لصالح أطراف يهمها زعزة الاستقرار خاصة لدى دولتين عطيميتن ( السعودية و مصر).
إنه طموح للريادة، انطلق داخليا بانقلاب أبيض و ازدهر إعلاميا بتوازي مع نهضة داخلية، ليتوج بتحرك سياسي و دولي و أخيرا رياضي سيجعل منها و لمدة 10 سنوات محطا للأنظار حتى ساعة الصفر حينها سيتحول الطموح إلى مشروع دولة قطر العظمى.
التعليقات (0)